الغرب لم يوجه الخطاب لنا يوماً ... انه يدير صراعاته الداخلية ونحن نعيش على أصداء خطابه الاعلامى ... فالاعلام الغربى خطابه الدعائى لمجتمعاته فقط... والخطأ الاكبر أن نقوم نحن بنقل صراعه الداخلى ليكون جزءاً من منطقنا الاعلامى، والحقيقة التي يجب ان نعيها معاً كأمة، هو أن أخر ما نحتاجه هو أن نتصارع مع هويتنا، وانما نحن في حاجة لأن نلملم شتات انفسنا ونعيد تقييم الاخطاء التي صنعها الاستعمار القديم والجديد، فالتيارات المتطرفه لم تكن إلا نتاج للمستشرقين الذى قاموا باستكشاف هويتنا قبل ان يأتي الاحتلال العسكري. ان الاحتلال النفسى الذى نعيشه اليوم هو عمل منظم يستهدف نقل حالة التمزق في الهوية الأوروبية الى عمق منطقتنا، وما مشاريع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد أو الشراكة الاورومتوسطية إلا محاولة نقل هذا الصراع الغربى الداخلى الى حالة تصدير للمشكلة وبناء أساس جديد لهذا الصراع في منطقتنا. أن داعش والقاعدة والاخوان المسلمين هي تنظيمات صنعها الاحتلال لمواجهة الهوية الحضارية للإسلام بمعناه الواسع، فهى تارة استخدمته في خدمة اغراضها الجيواستراتيجية في مواجهة الشيوعية، والأن يستخدمونه في عملية اضعاف صورة الدين في مجتمعاتنا بالإضافة الى التمزيق الممنهج لأمتنا العربية، فهويتنا هي مزيج من دين وتاريخ وعادات وتقاليد. واليوم مثلما فعلت أمريكا مع أفغانستان فإن فرنسا تتجه بنفس الخطة الى ليبيا، واليوم يتم بالتزامن مع العمل الارهابى في باريس تصعيد مشاهد العنف الارهابى في ليبيا، ويبدو واضحاً ان الحشود الضخمة لقوات فجر ليبيا المدعومة بشكل غير مباشر من تركيا العضو الشرق اوسطى في حلف الناتو، ويبدو أن اتجاه الغرب للقيام بضربة عسكرية في ليبيا بهدف قهر القبائل. وكلمة السر في ذلك التصعيد والحشد والكبير لهذه القوات في مصراته يرجع لزيارة برنارد ليفي الرجل الخفى واليهودى الفرنسي لقادة ميليشيات فجر ليبيا في تونس قبل ثلاثة أشهر، ويبدوا واضحاً ان التنظيمات الإرهابية ستتدخل بقوة في الحرب مع الجيش الليبى المدعوم من القبائل بهدف كسر شوكة القبائل الليبية، والمستفيد من تصعيد الحرب هو الفرنسيين الذين يريدون أن يدخلوا ليبيا مجدداً تحت ذريعة الحرب على الأرهاب الذى يسيطر على غرب ليبيا وله عناصره الموجوده في شرق ليبيا وعلى الحدود المصرية الجنوبية الغربية، وهذا بدون شك يشكل خطراً حقيقيا على الأمن القومى المصرى، وحالة مناقضة لما تقوم مصر من حل اثبت نجاحه بالقضاء على الإرهاب في ليبيا بأيادى ليبية. ولا شك أن ايران ستلعب دوراً في اطار السيناريوا الغربى في مواجهة ما أسموه الإسلام المتشدد، إذ تقدم ايران نفسها على انها الإسلام المعتدل، وربما سنشهد عبر التحالف الدولى أو شكل لحرم سنية شيعية عبر الميليشيات في العراق وسوريا واليمن، والمثير فعلاً ان عملية باريس جاءت بتحالف غريب بين داعش والقاعدة، ويبدو أن ايران تريد تصفيه حساباتها في اليمن بالتدخل لصالح الحوثيين في مواجهة وضرب القاعدة التي ليس لها وجود فعلى وربما سيتم كما حدث في العراق، عند تلك المرحلة ستبدأ لأول مرة حرب مسلحة سنية شيعية.