.حمل المصريون البرتغالي مانويل جوزيه علي الأعناق طويلا، اعتبروه بطلا في زمن انقرض فيه الأبطال، وأصبح فيه الأوغاد سادة، وربما التمس البعض لهم عذرا في التحول إلي كرة القدم،يفرغون فيها إحباطهم وغضبهم وقهرهم، فكل ماحولهم يبعث علي اليأس، وحتي النادي الأهلي قبل مجئ هذا الخواجة كان يبعث أيضا علي اليأس. هل تعلمون لماذا انقلب حال النادي بهذه الطريقة ؟، لأن الخواجة جاء بالنظام الذي لا يستثني أحدا، وعنما سار الجميع علي هذا النظام، فاز الأهلي ببطولة الدوري لمرات عديدة متتالية، وشارك في بطولات دولية وإقليمية عديدة، ليس بالخواجة وحده، ولكن بالنظام، بالقانون، بالالتزام، ولهذا كان من المنطقي أن ترفع جماهير الأهلي لوحة عملاقة في المدرجات عليها صورة جوزيه، وعبارة " أيها البطل لاتتركنا " بالإنجليزية. ولكن جوزيه يعلم جيدا قواعد النظام الذي أرساه بنفسه، ولهذا، فقد قرر الرحيل لأنه يعلم أنه لن يستطيع تقديم أي جديد لهذا النادي، أو هذا البلد. ويالها من شجاعة،أحسده عليها شخصيا، شخص يعرف حدود قدراته، ويتحرك وفقا لهذه الحدود، يعرف متي يرحل،ويترك الملعب لآخر يستطيع أن يقدم جديدا آخر. ليت نظام مبارك يعي هذا الدرس، قدم نظام جوزيه بخريطة محددة، وأجندة واضحة، وأهداف تحققت جميعها، وقدم نظام مبارك بخريطة هلامية، وأجندة مصالح، وبلا أهداف، وبالتالي كان من المنطقي أن يصبح حال مصر بعد 29عاما من الحكم المستمر بهذا الشكل، وتصبح المشروعات التنموية بهذه الطريقة، ويصبح حال المصريين بهذا الأسلوب الذي نحياه. لست من هواة البكاء علي اللبن المسكوب، ولكن نظام مبارك لم يقدم لنا حتي اللبن الذي نبكي عليه عندما ينسكب، وإنما قدم لنا مجموعة من أصحاب المصالح، لديهم براعة فائقة، وقدرة مدهشة علي التربح من دماء هذا الشعب، وآلامه، وكوارثه، وأحلامه، وحتي من كوابيسه، تخيلوا، لم أصدق نفسي عندما علمت أن حجم الأرباح التي حققها صاحب مجزر للدواجن، وهو بالمناسبة عضو بارز في الحزب الحاكم وصديق لجمال مبارك، خلال الفترة التي شهدت بداية أزمة أنفلونزا الطيور، وشهدت قيام الدول بكافة قوتها بالقضاء علي الدواجن المنزلية، لم أصدق عندما علمت أنه ربح وحده من هذه العملية وإقبال الناس علي شراء الدواجن المجمدة، مايقارب النصف مليار دولار، وأنه كان يتابع أنشطة الدولة في القضاء علي الدجاج الحي مع المحافظين بأوامر من رئاسة الجمهورية،وينشر هو بالمقابل محلات لبيع الدجاج المجمد في نفس المناطق، ليتني أستطيع الكشف عن اسمه الآن، ولكن المستندات الدامغة لاتعينني، ولكن هذا سيحدث في القريب. عندما يرحل السيد جوزيه ونظامه عن مصر سيذكر الناس بالطبع ماحصل عليه من أموال مصر، 60 ألف يورو شهريا، هذا غير مكافآت الفوز والبطولات وخلافه، ولكن أحدا لن يشعر بالغضب من دفع هذه الأموال الأموال إليه، فقد أوكلت إليه مهام أداها كما يجب، وسعي لتحقيق أهداف ناديه المصري بكل ما أوتي من قوة وضمير، ومهما كانت النتائج فقد لمس فيها الجميع الإخلاص في الأداء. إذن فليرحل نظام جوزيه ونحن نرفع له القبعة، أما نظام مبارك فالله يتولانا معه.