اتهم الفريق حسام خيرالله المرشح لرئاسة الجمهورية ورجل المخابرات العامة السابق الرئيس مبارك بأنه كان مصاباً بعقد نفسية بسبب بطرس غالي وزير الدولة للشئون الخارجية الأسبق. وأن سوزان مبارك كانت صاحبة السلطة الأولي وتسببت في خصم شهر لرئيس جهاز المخابرات عمر سليمان وتمزيق قرار تعيينه نائبا لتدخله في شأن جمال.. الذي كان يدير البلاد كخطوة نحو تمرير ملف التوريث متجاهلا حالة الغليان في الشارع المصري وما انتهت إليه بثورة سلمية يوم 25 يناير 2011 لتنقذ مصر من مخطط عسكري دموي لإسقاط النظام.. وفيما يلي نص الحوار مع «صوت الأمة».. بصفتكم رجل مخابرات.. ما هي الأخطاء التي وقع فيها نظام مبارك؟! - رغم أن بدايته كانت جيدة جدا خاصة مع إعلانه عقد أول مؤتمر اقتصادي.. إلا أنه وقع في العديد من الأخطاء ومنها الاعتماد علي عناصر تسببت في ضياعه.. وبعد أن كان الرئيس مبارك يستيقظ مبكرا ويتم عرض التقارير عليه منذ الساعة السادسة صباحا، لم يعد يقرأ في الفترة الأخيرة شيئا، واستبدل أسلوب القراءة بقيام البعض بقراءة التقارير له بالطريقة السماعية فقط.. والتي كانت مدخلاً لتضليله والكذب عليه، وهذا ما كان يتبعه زكريا عزمي رئيس الديون وصفوت الشريف، حيث كان يتم انتقاء التقارير والأخبار التي تعرض عليه، وإعطاؤه صورة مغايرة للحقيقة علي أرض الواقع وما يحدث في الشارع المصري من حالة غليان حتي جاء عام 2005 والذي شهد تدهورا ملحوظا في صحة مبارك لدرجة أنه كان يعيش علي نظام الحقن حتي يستطيع المواصلة، ولم يكن باستطاعته أن يصعد أكثر من ثلاث أو أربع درجات سلم، وعندما تكون هناك جولة ميدانية يحتاج الصعود فيها لأعلي يتم بناء وتركيب أسانسير «مصعد» خاص له حتي انتهاء الجولة، وبالتالي كانت جميعها مؤشرات بعدم القدرة.. أيضا من الأخطاء الفادحة التي وقع فيها مبارك عدم احترام مشاعر الناس وكان موضوع التوريث أكثرها استفزازاً للشارع، ورغم كلام مبارك عن عدم وجود نوايا للتوريث إلا أن الواقع كان يكشف كذبه بدليل تحركات جمال وموكب الوزراء الذي كان يصاحبه، بل وصل به الأمر إلي درجة الحديث مع وزير الداخلية بأسلوب الأمر قائلا له: أنا قلت كذا وكذا والعادلي كان يبدو أمامه كالطفل.. والأكثر من ذلك أنه في حالة مرض الرئيس كان جمال يتولي مهمة الاطلاع علي التقارير والتوقيع علي البوسطة بدون صفة رسمية بالمخالفة للقانون، لأنه لم يكن أحد أفراد الجهاز التنفيذي بالدولة، كما أن عضويته بالحزب الوطني لم تكن كافية، وبالتالي كانت تصرفاته تشير إلي وجود مخطط لتمرير جمال لتولي الحكم رغم عدم دبلوماسيته وكثيرا ما كان يردد مع أمه سوزان: هو الشعب عايز إيه «يحمدوا ربهم». ومن الأخطاء التي وقع فيها مبارك عدم تقديره للموقف في الشارع المصري عقب الانتخابات الأخيرة في عهده عندما كانوا يقولون له بيقولوا الانتخابات مزورة، فيرد بسخرية قائلا: «خليهم يتسلوا»، وعندما بدأت تلوح في الأفق بوادر ثورة 25 يناير لم يكن لديه من الحكمة ما يجعله يقدر الموقف ولو كان بيعرف يلعب لاحتوي الأمور وأسرع بإقالة الحكومة والدعوة إلي انتخابات مبكرة، وإعلان عدم التوريث وبالتالي ينهي حياته بشكل أفضل مما عليه الآن. ما الشيء الذي كان يخيفك قبل ثورة 25 يناير؟! - تمرير مسألة التوريث التي كان أحد مهندسيها الدكتور عاطف عبيد والتي كانت سبب احتقان الشارع المصري وتنامي روح الغضب في صفوف القوات المسلحة بشكل كان ينذر بانقلاب عسكري أكثر عنفا ودموية. ما هو دور سوزان في حياة مبارك؟! - كانت لها السيطرة الكاملة.. وأقص عليك واقعة واحدة فقط.. ذات مرة كانت التقرير تشير إلي مخاوف من حالة انفجار بالشارع المصري، مما دفع اللواء عمر سليمان أن يشير علي الرئيس مبارك بنصيحة جمال بتخفيف ظهور جمال بقدر الإمكان عن المواكب الرسمية. فأشار إليه مبارك بيده قائلا: «هو عندك أبقي قول له أنت الكلام ده».. وبالفعل تكلم عمر سليمان مع جمال الذي توجه إلي والدته سوزان واشتكي لها من كلام سليمان، فحرضت عليه مبارك وتسببت في خصم شهر له، وكان هناك قرار بتعيين عمر سليمان نائبا للرئيس فقامت بتمزيقه واستسلم مبارك لها بإلغاء القرار. من أقوال الزعيم سعد زغلول وراء كل رجل عظيم امرأة، هل مبارك لم يكن محظوظا؟! - ومن قال لك إن مبارك كان عظيما؟!.. مبارك أدي دوره في حدود قدراته.. قل لي مبادرة واحدة اتخذها وانجزها خلال 30 سنة فترة حكمه، للأسف أي مبادرة كان يعلن عنها تفشل، لأن قاعدته الفكرية قليلة، كان فقيرا جدا في الامكانيات، لدرجة أن دولة قطر قالت علينا إن الزبون الوحيد لمصر القضية الفلسطينية. أما علي مستوي القضايا الداخلية التي تهم المواطن اقتصاديا فقد غابت عن أجندته، وقد اعتمد علي لعبة الأرقام الوهمية بترديد عبارات المقارنات كنا في الكهرباء كذا وأصبحنا كذا.. لكن يا تري هل قلت لي نسبة التضخم حتي نكتشف أن ما نتقاضاه الآن لا يساوي الوضع المعيشي بالأمس؟! تحية عبدالناصر.. جيهان السادات.. سوزان مبارك.. إلي أي النماذج الثلاثة تميل؟! - أفضلهن نموذج تحية عبدالناصر. هل يعني ذلك أنك تري ضرورة إعادة النظر في موضوع سيدة مصر الأولي؟! - نعم بدليل أنني اخترت النموذج الأول. لماذا؟! - زوجة الرئيس كسيدة جميل جدا دورها في البيت لتكون عاملاً مساعداً للرئيس في المنزل، إلا إذا كانت تعمل من البداية، وإن كان ليس معقول أن زوجة رئيس جمهورية تعمل شيئاً آخر.. ولكن أن تتدخل في شئون الرئاسة والدولة فهذا شيء غير مقبول.. لأن الناس عندما انتخبوا الرئيس لم ينتخبوه علي تذكرة مراته. أفهم من ذلك أنك قد حسمت قرارك مسبقا بشأن المرأة في حياتك لو قدر لك الفوز بكرسي رئاسة مصر؟! - هذا الأمر قد حسمته منذ زمن.. وأقول لك حاجة كمان: أنا حياتي كلها لم يكن للمرأة دور بارز فيها وبحكم حساسية عملي في جهاز المخابرات لم يكن لها الإطلاع علي ما أقوم به من عمل وتقارير. وقد عملت فترة بالخارج وكان ظهورها معي نادرا وفي المناسبات الضرورية فقط.. وهكذا قد تربيت علي ذلك لأننا لسنا كالغرب الذي يقول لك الستات «مش عارف أيه». لماذا تراجع دور مصر وتقلص خارجيا؟! - عندما تفقد الريادة تتحول إلي تابع.. القيادة ترتبط بمدي القدرة علي اتخاذ القرار، حتي في عالم الحيوان لابد أن تجد هناك قائدا يقود القطيع من خلفه.. وتخيل أن هناك بعض الدول لم يقم مبارك بزيارتها.. وبقدر تواصلك مع الدول تكون العلاقات والمصالح ويسهل اقناع هذه الدول باتخاذ مواقف ايجابية مساندة لك في المحافل الدولية.. ولكن مسألة أن أرسل لك أي مسئول والسلام كما كان يتعامل مع الدول الأفريقية جعلهم يشعروا بأنه يتعامل معهم بنظرة استعلاء، مما زاد من درجة نفورهم لنا، ولذلك اقترحت ذات مرة أن يتم عرض موضوع تعيين وزير لأفريقيا علي الرئيس مبارك لكنهم قالوا لي الرئيس رافض هذه الفكرة تماما. ما هو السبب؟! - من بين المبررات التي قيلت لي إن الرئيس مصاب بعقدة منذ أن كان الدكتور بطرس بطرس غالي وزيرا لأفريقيا، وقد أصابتني الدهشة ولا أعلم هل يرجع ذلك كما يتردد لأن الدكتور بطرس غالي عندما قام السادات بتعيينه وزيرا للدولة كان يحمل أكثر من درجة دكتوراة، وبعد ذلك دخل عليه مبارك كنائب للرئيس، فكان يشعر بجانبه كالتلميذ وبالضآلة ، ولذلك سرعان ما رحب بفكرة ترشيحه وتعيينه بالأمم المتحدة، يقول: يبعد عننا مع إنه هل يعني تعيين وزير للدولة وأفريقيا تكرار لنفس نموذج الدكتور بطرس غالي لا أدري وربما يكون عدم التعيين راجع إلي وجود ضغوط خارجية كانت تقول للرئيس مبارك كفاية عليك كده «كش».. وبالمناسبة لو أنا وأنت أصدقاء تكون هناك مسافة بيننا تضايقني مرة أو أضايقك مرة ولكن في النهاية نتصافي ونتصالح.. وهكذا تكون العلاقات بين الدول، وبالتالي عندما تكون تابعا لن يعمل لك حساب، ويفضل، كما يقولون بالبلدي «مجرجرك» يسحبك خلفه يمين وشمال، لكن تكون هناك مسافة في العلاقات، تيجي معي في هذا الموقف، سوف أتي معك في موقف آخر، بهذه الطريقة تكسب أكثر.. وبالبلدي كما يقول لك شخص تعالي معي مشوار تقول له معلهش مش فاضي فيقول لك تعالي وهعوضك أكثر.. ومن الآخر العلاقات بين الدول تحتاج أن تلعبها صح وتضيف لها شوية بهارات علشان تعطيها حيوية وحراك.. وكمان يقولون «فلان ده تقدر تجيبه لأن ليس له قيمة». في اعتقادك.. لماذا كانت نظرة الاستعداء من مبارك علي الدول الأفريقية؟! - ربما يكون بسبب حادث أديس أبابا عام 1995، وحاجات أخري كان هو المسئول عنها رغم أن الفترة التي جاءت بعد حادث اغتيال الرئيس السادات كانت بحاجة لجهود إعادة دور مصر افريقيا بعد تحركات الجزائر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد لمحاربة الوجود المصري في أفريقيا وتقليص نفوذك، بعد أن كانت العلاقات وطيدة أيام عبدالناصر بسبب احتضانه الأفارقة وفتح لهم أبواب الجامعات وأرسل لهم البعثات والعلماء وأئمة الأزهر، ولذلك نشأ جيل تبوأ بعضهم مقاليد وزمام الأمور والحكم في بلادهم وظلوا يدينون بالولاء لمصر والرئيس جمال عبدالناصر، ثم بدأت شعلة هذا الولاء تخبو في زمن السادات حتي انطفأت في عصر مبارك ، لأننا فكرنا في الأخذ فقط دون أن نعطي ..وهذا مفهوم خاطيء لأنه لا يوجد أحد غبي الان . نشر بتاريخ 26 / 3/ 2012