فى رحاب الله، فى مكة البيت الحرام، فى أطهر بقاع الأرض حيث الرحمات تتنزل دوماً على ضيوف الرحمن، كانت رحلتى إلى الله مع أهل بيتى، «بناتى الذى اطلق عليهم ملائكتى وزوجتى» نغرف من فيوضات الرحمن، حيث السماء أقرب ما تكون إلى أهل الأرض، ما أعظمها تجليات المكان و الزمان ، فى العشر الأواخر من رمضان. جاءت رحلة العمرة هذا العام فى أجواء مختلفة بصحبة بناتى وزوجتى يجمعنا حب الله، وشرف أن نكون ضمن ضيوف الرحمن، فما اعظم المُضيف وما أعظمها تجليات السماء على ضيوف الله فى بيت الله الحرام. كان ممكناً أن تمنعناالأجواء الحارة عن حالة الخشوع المفترضة، لكن تجليات الله هزمت حرارة الجو، فقد رأينا ليلة القدر يوم ختام القرآن بالكعبة وهى ليلة السبت 29 رمضان فجأة بعد أن كانت الحرارة تتجاوز 46 درجة مئوية لحظنا عند الغروب غمامة تغطى أجواء مكة مع مطر خفيف وفجأة وأثناء صلاة العشاء أضاء البرق سماء مكة وكان صوت الرعد رهيبا وهطلت أمطار غزيرة تحولت إلى ثلوج حتى صلاة التهجد، مما بعث البهجة والخشوع فى نفوس المصلين وقد قرأ بنا الإمام فى صلاة العشاء الآية 43 من سورة النور: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) ﴿43﴾. فإذا بملايين المعتمرين يجهشون بالبكاء فى خشوع وهم يرون آثار الله تتجلى فى هذا اليوم المبارك فى سماء مكة. أما عن مجهودات خادم الحرمين الشريفين تجلت فى أن يكون الاسم على المسمى، حقاً إستحق الملك عبدالله بن عبدالعزيز شرف المكانة العظيمة، مكانة أن يكون خادماً للحرمين، فجلالة ملك السعودية فى ظل المجهودات العظيمة التى شاهدتها على الأرض تجعلنى ممتناً ضمن ملايين ضيوف الرحمن لهذا الرجل الخادم حقاً لله فى بيته الأعظم على الأرض، بيت الله الحرام. فرحلة التطوير التى بدأت قبل أعوام رغم هول مراحلها إلا أنهم فى السعودية جاهدوا واجتهدوا فى ألا تلقى بأعبائها على الضيوف، فالتوسعات تتم بمعزل عن إرهاق المعتمرين بتبعاتها المفترضة من حفر وهدم وما يصاحبها من أصوات معدات وأتربة، لا شيء من ذلك فى المكان، إنهم حقاً رجال، جعلوا من راحة ضيوف الرحمن شغلهم الشاغل. وفى هذا يقف وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار بنفسه على التجهيزات النهائية لمؤسسات أرباب الطوافة العاملة تحت مظلة وزارة الحج، من دراسة الخطط التشغيلية والتنفيذية لمؤسسات أرباب الطوافة الست: «مطوفى حجاج دول جنوب شرق آسيا مطوفى حجاج دول جنوب آسيا دول إفريقيا غير العربية حجاج إيران حجاج تركيا وأمريكا ومسلمى أوروبا بالإضافة إلى الحجاج العرب. فعلى الرغم من أن موسم العمرة على أشده إلا أنهم فى المملكة لا يتوقفون عن العمل لموسم الحج المقبل ، بهدف الوقوف عن كثب على آخر استعدادات مؤسسات أرباب الطوافة ومناقشة خططها التشغيلية والاطلاع على وجهات النظر والعمل على تلافى السلبيات وتطوير وتجويد الأداء. إلى ذلك أنهت كل مؤسسات أرباب الطوافة الاستعدادات الخاصة باستقبال ضيوف الرحمن من الحجاج القادمين من خارج المملكة لتأدية مناسكهم فى ظل الجهود الكبيرة والمشروعات الضخمة، التى تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله والمعنية بخدمة ورعاية مليون و400 ألف حاج سيأتون من (70) دولة من دول العالم بعد قرار تخفيض نسبة الحجاج القادمين من الخارج بنسبة20%، نظرًا للظروف الاستثنائية التى يمر بها الحرمان الشريفان من مشروعات التوسعة، قرار تخفيض أعداد حجاج الخارج بنسبة20% لم يؤثر على خطط وبرامج مؤسسات الطوافة الست المعنية بخدمة ورعاية الحجاج القادمين من الخارج، بل حقق نجاحا وتميزا خلال موسم الحج الماضى وكان حافزاً ودافعاً لبذل المزيد من الجهود حول التعاقدات سواء المتعلقة بالسكن أو النقل والإعاشة من أجل راحة وسلامة الحجاج بموسم الحج المقبل والعمل على الارتقاء بمستوى الخدمات وحفظ حقوق مختلف الأطراف وخاصة حقوق الحجاج وتوثيق مختلف التعاقدات سواء المتعلقة بالسكن أو النقل والإعاشة من أجل راحة وسلامة الحجاج. قد يبدو للمتابع أن الأعمال التى فى هذه البقعة الطاهرة بل البقعة الأطهر على وجه الأرض تتم عبر وجهة نظر أو رؤية فردية لكن الحاصل على الأرض غير ذلك تماماً، هناك كيان متخصص اسمه معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى هو الذى يشرف على عدد من البرامج البحثية التى تركز على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن و الارتقاء بها وتقديم خدمة مميزه تسهم فى أدائهم مناسكهم بكل يسر و سهولة، هذا المعهد هو الذى يقوم من خلال نخبة من الباحثين والمختصين بإجراء خمسة برامج تتناول أفضل الطرق فى وصول المصلين والمعتمرين إلى المسجد الحرام وإدارة الحشود داخل المسجد الحرام وخارجة بالإضافة إلى دراسات تهتم بالمسجد الحرام والمطاف مع الاهتمام بالطرق الرئيسية لمكةالمكرمة وإنشائها وتوسعتها ويقوم المعهد دورياً برفع التقارير اللازمة إلى لجنة الحج المركزية للنظر فيها واتخاذ القرار المناسب. وقد فرغ هذا المعهد مؤخراً من دراسة عمرانية اقتصادية تتناول إسكان الحجاج فى مكةالمكرمة والذى يعد من أهم العناصر المكونة لمنظومة الحج من اجل توفير إسكان يتناسب مع حجم الطلب ويحقق متطلبات الحجاج. هذه المجهودات هى التى دفعت العديد من المستثمرين للاستثمار فى قطاع إسكان الحجاج وذلك من خلال إنشاء الفنادق بمختلف تصنيفاتها والعمائر السكنية (شقق) وتجهيزها بجميع المستلزمات الضرورية خلال الأعوام الماضية لتوسع النطاق الجغرافى لإسكان الحجاج، إنها منظومة فى غاية الدقة تؤكد حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود على تطوير جميع الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وتقديم كل ما من شأنه أدائهم للمناسك بكل يسر وسهولة، وهى جهود يقف عليها أمير منطقة مكةالمكرمة، بنفسه مولياً الدور الأبرز فيها للمعهد، واهتمامه وعنايته بجميع الدراسات والأبحاث التى يجريها مما مكنه ويمكنه من تحقيق الكثير من الإنجازات التى أسهمت فى الرقى بمستوى الأداء والخدمات المقدمة لقاصدى بيت الله العتيق، فما أعظمها تلك العمارة الربانية التى تجرى الآن من وضع الأساسات لبناء مئذنتين جديدتين فى المسجد الحرام بارتفاع 420 متراً للمئذنة الواحدة، ضمن توسعة خادم الحرمين الشريفين للحرم المكى، لتكونا أعلى مئذنتين فى العالم، وبذلك يرتفع عدد مآذن المسجد الحرام من 13 إلى 15 مئذنة ، إحدى المئذنتين يجرى وضع أساساتها فى الطرف الشمالى الغربى للتوسعة بالقرب من جبل الكعبة، والأخرى فى الجهة الشمالية الشرقية بحى الشامية جهة امتداد المروة، حيث لاحظت وجود أساسات خرسانية لقاعدة المئذنة الأولى بالقرب من جبل الكعبة وحينما استطلعت الموقف من المسئولين هنا قالوا عن المآذن الجديدة أنها تتم بأبعاد 30م×30م بمساحة تصل ل900 متر، لتكون الأعلى والأشهق فى تاريخ المآذن على سطح الأرض. هذا عن استعدادات المملكة فماذا عن مهندس راحة المصريين فى آداء مناسكهم للعمرة والحج فى الاراضى الحجازية، سيقول قائل : من هو ذا الذى تتحدث عنه، أقول بكل اعتزاز وتقدير إنه رجل الاعمال المصرى الفنان أشرف شيحة رئيس شركة الهانوف للخدمات السياحية الذى لم ينعزل الشأن المصرى العام خاصة عندما أعلن عن 200 رحلة حج وعمرة لأسر الشهداء من الجيش والشرطة تقديرا منه ومن شركته التى تناصفت الهدية مع شركة الطيار السعودية تقديراً منهما لشعب مصر العظيم الذى بدل خارطة التآمر على المنطقة فى 30 يونيو العظيمة. وقد كان لبروتوكول التعاون بين الشركتين، مترجما حقاً لموقف المملكة العربية السعودية الداعم لمصر فى هذه المرحلة وثقة رجال الأعمال السعوديين فى الجانب المصرى. وتأتى أهمية هذه الشراكة بين شيحة ومجموعة الطيار لخبرتها الكبيرة وفروعها المنتشرة فى الارتقاء بمستوى الخدمات للراغبين فى الحج والعمرة من المصريين. لا يفوتنى فى ذلك أن أشير إلى دور الرجل الأسطورة فى تاريخ الدبلوماسية المصرية السعودية وما حققه من خدمات لمصر والمصريين ، خاصة حينما يعلم المصريون حجم الجهد الذى يبذله «سفير مصر لدى المملكة «وهى التسمية التى أحب أن اسمى بها جناب السفير أحمد القطان وليس سفير المملكة لدى مصر كما هى طبيعته الرسمية، نعم المصريون سيوافقوننى الرأى من هذا الرجل الذى كثيراً ما ذلل الصعاب امام المصريين الراغبين فى اداء مناسك العمرة والحج، وكيف انه فتح أبواب سفارة خادم الحرمين فى منتصف الليل ليتمكن المصريون عشاق بيت الله الحرام من الحصول على تأشيرات الدخول بعد أن أغلقت الأنظمة الإلكترونية برامجها الخاصة بالتأشيرات. كسر القواعد من أجلكم يا شعب مصر، فحق أن ينال كل هذا التقدير وذلك الإعجاب، واعتقد أنه يستحق الكثير من قلوب المصريين برغم كل ما له فيها من مكانة وقدر .