في تحد كبير وجديد وخطوة لم يتوقعها أحد تم الترتيب لها في سرية، أقام مانويل جوزيه المدير الفني للاهلي وصاحب الشعبية الطاغية بين جماهير النادي والكرة المصرية، حفلا لتأبين محمد مصطفي شهيد الالتراس الذي وافته المنية علي خلفية أحداث مجلس الوزراء، علي هامش مباراة فريق الكرة مع مصر المقاصة الجمعة الماضي في الدوري الممتاز. واستضاف ستاد القاهرة الذي اقيمت خلاله المباراة حفل تأبين المشجع الاهلاوي الشهيد، رغما عن انف رجال الامن ووزارة الداخلية وكذلك حسن حمدي رئيس النادي ومجلس الادارة. تفاصيل حفل التأبين تمت من خلال اجراء دخلة خاصة حاملة الالوان البيضاء والسوداء وظهور لوحة ضخمة تجاوز طولها 30 مترا ظهرت في مدرجات ستاد القاهرة، تضم صورة محمد مصطفي، وكلمات الرثاء. الي جانب ارتداء المشجعين قمصانا سوداء تحمل صورة الشهيد وكلمات الرثاء. وهو حفل وجد رعاية كاملة من جانب المدرب البرتغالي في تحد صارخ للاسلوب الهمجي الذي جري التعامل به مع الشباب المصري، بالاضافة الي رثاء شهداء احداث مجلس الوزراء. وشهدت الساعات العشر قبل المباراة قيام مانويل جوزيه بتقديم دعم مالي قدره 100 الف جنيه، طلب ان تكون سرية، إلي قيادات الالتراس تمثل تكلفة حفل تأبين محمد مصطفي شهيد الالتراس من خلال القيام بدخلة " بالروح بالدم نفديك ياشهيد " والذي جري فيه ارتداء اكثر من 10 آلاف متفرج قميصا يحمل في صدره صورة شهيد الالتراس الاهلاوي، بالاضافة الي ارتداء الجهاز الفني بقيادة مانويل جوزيه قمصانا تحمل الصورة ذاتها. وحرص مانويل جوزيه علي الاتصال باستمرار مع قيادات الالتراس الاهلاوي، للاتفاق علي الدخلة والهتافات المنتظر ان تشهدها المباراة وخلالها اصر المدير الفني البرتغالي علي ضرورة التركيز فيها علي اعلاء ما يسعي اليه شباب مصر وهو "الحرية ". وحرص المدير الفني البرتغالي علي تحذير شباب الالتراس بنفسه من الدخول في مصادمات مع رجال الامن وتقديم لوحة جميلة في حفل تأبين صديقهم وأحد المشجعين الكبار للنادي وفريق الكرة. وقبل بداية المباراة مباشرة، اجتمع المدير الفني مع طاقمه المعاون المكون من بيدرو المدرب العام وفيدالجو اخصائي الاحمال البدنية واحمد ناجي مدرب حراس المرمي ونقل لهم فكرته في المشاركة في تأبين الشهيد، ووجد علي الفور قبولا من قبل الجماهير. لم تكن مفاجأة ان يأتي هذا الرثاء من جانب المدرب البرتغالي الذي ضرب نموذجا كبيرا في " حب مصر " عندما رفض ابان الايام الاولي لثورة 25 يناير، ومطالب الدول الاوروبية والولايات المتحدةالامريكية رعاياها الاجانب الي ترك مصر بسبب غياب الامن. وكان قرار مانويل جوزيه بداية من 25 يناير وعقب تفجر واقعة سقوط الامن في جمعة الغضب في 28 يناير هو البقاء في مصر، ورفض مع زوجته مغادرة البلاد، وظل متواجدا حتي اعلن سقوط النظام البائد وخلع محمد حسني مبارك من رئاسة الجمهورية. وظهرت تصريحات وقتها نارية لمانويل جوزيه بعد مشاهدة الكم الكبير من الجرائم التي ارتكبت في جمعة الغضب، للوكالات العالمية قال فيها : قلبي يتألم من مشاهد سقوط شباب مصر، يقتلون لأنهم طلبوا الحرية والعدالة، هذا أمر دموي لايليق لشعب لم ار منه سوي الكرم والحب، انا مصري اكثر من المصريين وهنا قضيت اعظم سنوات عمري وادعم كل من يطلب الحرية في سلام. والمثير انه بعد الثورة وسقوط النظام المخلوع اقدم مانويل جوزيه علي خطوة اعترف بها حسن حمدي رئيس النادي تمثلت في تنازله عن 50 % من راتبه الشهري البالغ 100 الف يورو، بسبب الازمة المالية التي عاني منها النادي وغيره من الكيانات الاقتصادية الكبيرة، بسبب الثورة وخسائر البورصة وتوقف نشاط كرة القدم، وكان لمانويل جوزيه رأي مثير ايضا عندما قال سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة انه بصدد الغاء بطولة الدوري الممتاز في الموسم الماضي ورد الخواجة البرتغالي بالتأكيد علي ضرورة استكمال النشاط الكروي وعودة الحياة الي طبيعتها في مصر، حتي لا يقال ان الثورة فشلت، والامن غائب وعقب استئناف النشاط الكروي رسميا، قام مانويل جوزيه بتصرف مثير للجدل لم يقدم عليه أحد ممن ساندوا مبارك قبل خلعه وحاولوا الالتصاق الثورة والارتباط بها، حيث استضاف في مقر الاهلي خلال مباراة ودية امام الترسانة، جماهير الالتراس وهي تحمل صور شهداء ثورة 25 يناير، وقام بالاشراف علي كتابة عبارة " الاعتذار للثوار قبل ان يصيبكم العار " وهي العبارة التي طاردت كل لاعبي الكرة ممن توافدوا علي ميدان مصطفي محمود في الايام الاولي للثورة لدعم حسني مبارك، وطالب حوزيه لاعبيه بأن يكونوا اول من يعتذر. وهناك واقعة اخري أكثر اثارة وهي ان السر وراء عدم ظهور اغلب لاعبي الاهلي في ميدان مصطفي محمود بين 25 يناير و11 فبراير لدعم حسني مبارك، كانت من خلال مانويل جوزيه الذي طالب لاعبيه بالنظر الي الشهداء الذين سقطوا وضرورة ان يبتعدوا عن دعم السفاحين. مانويل جوزيه له تجربة مع النظام السابق جرت تفاصيلها اواخر عام 2006 عندما حقق الميدالية البرونزية والمركز الثالث مع الاهلي في بطولة كأس العالم للاندية، وتم الاعلان عن منح الجهاز الفني واللاعبين اوسمة من محمد حسني مبارك الرئيس المخلوع، وخلال حفل التكريم في القصر الجمهوري فوجيء المدرب البرتغالي بعدم وجود وسام لمترجمه أحمد عبده وعدم ادراج اسمه ضمن المكرمين، ولم تمر الواقعة مرور الكرام ، واعترض مانويل جوزيه وابلغ الرئيس المخلوع ان مترجمه قدم عملا وعطاء لايقل عن اي احد ممن حققوا انجاز اليابان وحصلوا علي الميدالية البرونزية كأول فريق عربي وافريقي يحقق هذا التاريخ، ونظر مبارك غاضبا من رد فعل جوزيه الي حسن حمدي رئيس النادي وزكريا عزمي، وقال " شوفوا الخواجة عايز ايه واعملوا شغلكم صح " وتسببت تلك الواقعة في توتر علاقة مانويل جوزيه بحسن حمدي كثيرا. والمثير ان تلك الواقعة تسببت فيما بعد إلي ظهور حملة المليون توقيع علي شبكة الانترنت من قبل مشجعي الاهلي الذين طالبوا خلالها بمنح الجنسية المصرية الي مانويل جوزيه وقاموا بابراز دوره الخيري في مصر وهي الحملة التي لم تجد نفعا مع النظام السابق، الذي رفض طرح امر منح مانويل جوزيه الجنسية المصرية تكريما وتقديرا له علي موقفه. مانويل جوزيه له اياد بيضاء في الاعمال الخيرية التي ظهرت تفاصيلها لأول مرة عندما ودع مصر عام 2009 وانتهي مشوار ولايته الثانية في تدريب الاهلي، من خلال اللاعبين امثال محمد ابوتريكة ومحمد بركات ووائل جمعة، الذين اذاعوا نبأ قيام مانويل جوزيه خلال تواجده في مصر بالتبرع بنحو 3 ملايين جنيه من راتبه الشخصي في اعمال خيرية منها دعم انشاء مستشفي السرطان للاطفال. وهي الوقائع التي رفض مانويل جوزيه الحديث عنها، عندما تمت استضافته تلفزيونيا فور عودته الي تدريب الاهلي مرة اخري في يناير 2011 وبكي وهو يتحدث عنها، وقال ان كرة القدم لعبة صنعت من اجل اسعاد الفقراء، واغلب مشجعي الكرة من الفقراء الذين قد يرونها المكان الوحيد لافراغ طاقاتهم، ومنهم يستمد روحه في العمل والعطاء ويحرص علي نقلها الي اللاعبين ومحاولة تحويل اللعبة الي رسالة. وكانت دموع مانويل جوزيه تلقائية وقدمت وجها للرجل لم يكن احد يعلمه عنه من قبل.