•• اتسم التجمع الهائل فى التحرير بالسلمية، والذين فازوا بحضور التجمع، أعربوا عن سعادتهم بالسلوك العام باستثناء بعض الأحداث العارضة، حين تعرض بعض الشخصيات العامة لاعتداء، وبعض السيدات للتحرش، والطرف فى المرتين تقريبا مجهول. لكن لا تقولوا لنا إن مولوتوف وحجارة سيمون بوليفار كانت من مظاهر السلمية أو عملا ثوريا يمارسه ثوار.. وهناك تفسيرات عديدة حوله وحول أسبابه. منها الاحتقان الطبيعى بين الأمن ممثل السلطة وبين صبية يكرهون السلطة، كل سلطة.. تماما مثل حكم مباراة كرة القدم، الذى يراه جمهور اللعبة مندوب السلطة فى الملعب، لأنه المسئول عن تطبيق القانون. فيهاجم دائما. حتى أصبح الحكام رجالا تحب أن تكرههم (حكام كرة القدم). •• هناك احتمال آخر لاستمرار مشهد الاعتداءات بالحجارة والمولوتوف، وهو أن يكون هؤلاء الصبية الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة، مغرر بهم، ومدفعون لإنهاك الأمن أو لافتعال معركة معه تفسد سلمية الميدان. وسوف يظل ذلك احتمالا نظريا مادام الأمن لا يكشف حقيقة من يلقى القبض عليهم بدلائل وأدلة دامغة، تثبت نظرية الطرف الثالث الذى يمول ويشعل النار فى الداخل، ويصدر مشهد الحرب إلى الخارج. ** مضى أسبوع ولم يخرج السياسيون الكبار بما يرفض الاعتداءات المستمرة على الأمن، ويستنكر استخدام المولوتوف، فى حرق مدارس ومنازل. لم يحتج أحد رسميا وبوضوح.. أو ترى أهل السياسة يتجاهلون هذا المشهد المفزع، ثم إن المرحبين بالمظاهرات ويتحدثون عن سلميتها كثيرا يغضون النظر عن مقار الحرية والعدالة التى أحرقت، ترسيخا لنظرية «المصروفونيا» التى أصابت المصريين، فالسلام لنا ولفريقنا، والاعتداء بدون تعليق مادام على الفريق الآخر. •• قد يكون الذين قاموا بتلك الاعتداءات مجموعة من خبراء الصيد فى الماء العكر، ومثيرى الفتنة واللاعبين البارعين بكرة النار. وفى جميع الأحوال كانت تلك الاعتداءات جريمة ضد البلد قبل أن تكون جريمة ضد مقار الحرية والعدالة. •• أسجل هذا لأننى أرى ظاهرة النفاق السياسى تتعدى الحدود. درءا للنقد، وادعاء بنداء الحرية. فمازال سياسيون يرسمون أحاديثهم وتصريحاتهم بجملة أشبه بالدمغة الحكومية: «حق التظاهر مكفول للجميع مادام يلتزم المتظاهرون بالسلمية». •• ولا أعرف تحديدا كم مصابا سقط فى معارك الشوارع حتى الآن فى تلك المظاهرات السلمية.. ولا أريد أن أعرف ماذا يمكن أن يحدث إذا استمر الحشد والحشد المضاد، لأننى أخشى من نتائج وعواقب هذا الصراع السياسى الذى يمضى بمنطق الفائز والمهزوم.