مع عقد يستمر حتى كأس العالم 2014 المقررة في البرازيل، يؤكد المدرب يواكيم لوف أن مستقبلا مشرقا ينتظر المنتخب الألماني، رغم خروجه من الدور نصف النهائي لكأس أوروبا 2012 بخسارته أمام إيطاليا (1-2). لكن المشجعين الألمان قد يحتاجون إلى المزيد من الاقناع بعدما حطم "الآزوري" مساء الخميس في وارسو الطموحات الاوروربية لألمانيا، مع تسجيل المهاجم ماريو بالوتيلي هدفين في الشوط الأول. وعندما ينتقل الألمان إلى البرازيل في 2014، في حال تأهلهم إلى كأس العالم، تكون 18 عاما قد مضت منذ حصولهم على لقب، أي منذ فوزهم بكأس اوروبا 1996. وانهت إيطاليا سلسلة من 15 فوزا متتاليا لالمانيا في المباريات الرسمية، في لقاء طغى خلاله أداء اندريا بيرلو وريكاردو مونتوليفو على نجمي خط الوسط الألمانيين مسعود اوزيل وباستيان شفاينشتايجر. وقال لوف :"أعتقد ان لدينا سنتين رائعتين، تطور المنتخب في شكل جيد وفزنا في 15 مباراة على التوالي، خسرنا أمام منتخب إيطالي قوي جدا، ولا سبب يدعونا إلى الشك". وبعدما أقصت المانياانجلترا والارجنتين في طريقها إلى المركز الثالث في كأس العالم 2010، بدأ السيناريو أن منتخب لوف سيكون قادرا على الأقدام على الخطوة الاضافية (نحو النهائي) واثبات صحة وضعه قبل انطلاق البطولة، كمرشح للفوز في النهائي المقام في كييف. ومع 57 فوزا و13 تعادلا و13 خسارة في 83 مباراة منذ تسلمه الدفة، يملك لوف رصيدا يحسد عليه، لكن الضغط ما زال يمارس على المدرب البالغ من العمر 52 عاما لتحويل قدرة المانيا غير المشكوك بها نجاحا نهائيا على الصعيد الدولي. ورغم أن الوصول إلى الدور نصف النهائي لبطولة كبرى للمرة الرابعة على التوالي ليس انجازا عاديا، كانت مهمة المانيا دائما ان تعيد كأس هنري دولوني إلى برلين، لكن منتخب لوف ظهر مقصرا في اللحظة الأكثر أهمية. وبعد أعوام في سدة المسؤولية، يبدو أن البطولة المقبلة في مونديال البرازيل 2014 ستكون الفرصة الأخيرة للوف للفوز بلقب كبير. فبعد انتصارات مقنعة على البرتغال وهولندا والدنمارك واليونان، كسب الألمان نقاطا اضافية في كأس أوروبا 2012، فماركوس ريوس المنتقل الى بوروسيا دورتموند، أثبت نفسه كأحد النجوم الصاعدين في المانيا، بينما حجز جيروم بواتينج مركز الظهير الايمن لصالحه. ومع معدل اعمار يتجاوز 25 عاما بقليل، كان المنتخب الالماني الأكثر شبابا في البطولة، علما أن ريوس وبواتينج لن يبلغا ال25 قبل كأس العالم المقبلة. لكن من الناحية السلبية، لن تعجب سوى قلة من مشجعي آرسنال بأداء اللاعب المنتقل إلى ناديهم لوكاس بودولسكي، الذي برز بين الحين والآخر، علما أنه شارك في اكثر من 100 مباراة دولية. وفي مقاربة مماثلة، بدا أن ثنائي قلب الدفاع هولجر بادشتوبر وماتس هاملز نجحا في تطوير شراكة جيدة، إلى حين أظهر الايطاليون للثنائي الشاب أنهما ما زالا في حاجة إلى تعلم الكثير. وكما لو أن المطلوب اثبات هذه الفكرة، نجح انطونيو كاسانو في لقطة لا تنسى، بتخطي هاملز ورفع تمريرة عرضية إلى المهاجم ماريو بالوتيلي، الذي نفذ من مراقبه بادشتوبر وسجل الهدف الإيطالي الأول برأسية في مرمى الحارس الألماني مانويل نوير. لكن لوف سيواجه عن وجه حق بعض الانتقاد للتغييرات المتكررة في تشكيلته، فيما بدا افتقاد المنتخب "الخطة البديلة" مؤلما بعدما ساءت الأمور في الشوط الأول مع إيطاليا. ومع أن الخطوة الجريئة التي أقدم عليها لوف باقصاء ماريو جوميز وتوماس مولر وبودولسكي في المباراة مع اليونان في الدور ربع النهائي، أثمرت فوز الألمان 4-2، لكن عودة جوميز وبودولسكي واشراك طوني كروس أساسيا ضد ايطاليا اعطت نتيجة عكسية. الخيار الأكثر غرابة كان اشراك كروس على الجناح الأيمن بدلا من ريوس الذي اظهر مستوى مثيرا للاعجاب، وفي حين لم يزعج كروس الدفاع الإيطالي إلا نادرا، وجد بودولسكي نفسه على مقاعد الاحتياط بعد شوط أول غير فاعل. ومثله جوميز، الموهبة غير المشكوك بها، لكن افتقاده الثبات في المستوى - بدلا من قدرته على تسجيل الأهداف - كان علامته الفارقة في الاعوام القليلة الماضية. وكان رئيس الاتحاد الألماني ولفجانج نيرشباخ قد قال أن وظيفة لوف في أمان حتى ما بعد كأس العالم 2014. وسيخوض لوف تحديه المقبل في مباراة ودية ضد الأرجنتين في فرانكفورت في 15 اغسطس، قبل المباراة الأولى في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس العالم ضد جزر الفارو في 7 سبتمبر في هانوفر. وأقر لوف بحاجة المنتخب إلى "هضم هذه البطولة (كأس اوروبا)، ما زالت (كأس العالم) في البرازيل بعيدة نسبيا، لذا لن نفكر بالأمر في الأيام القليلة المقبلة، لدينا فريق شاب، لذا لا أعتقد من هذا المنظار أنه ستكون ثمة تغييرات عديدة". القدرة والشباب أمران إيجابيان، لكن الجمهور الألماني المهووس بكرة القدم يحتاج إلى أن يرى كؤوسا إذا أراد لوف ألا يقال أن عهده في تدريب المنتخب كان غنيا بالوعود ومقصرا في الوفاء بها.