«هناك صفحة جديدة من العلاقات المصرية الامريكية، فبعد أن كان هناك نوعا من الغموض على المستوى السياسى (فى الإدارة السابقة)، فإن إدارة أوباما واضحة فى توجهها تجاه العالم وتجاه مصر على التحديد». هكذا لخص رشيد انطباعاته عن الزيارة الأخيرة لواشنطن التى صاحب فيها رئيس الجمهورية وعددا من الوزراء. وفى ضوء هذا التحسن السياسى، يرى رشيد احتمالات قوية لتحقيق تقدم فى الملفات الاقتصادية لتعويض بعض من الجمود بسبب مواقف الإدارة السابقة. «السياسة الامريكية تجاه المنطقة ككل كانت سلبية وانعكس ذلك اقتصاديا فتجارة مصر الخارجية مع أمريكا انكمشت خلال السنوات الأربع الماضية فأصبحت نسبة أوروبا من هذه التجارة أعلى». وتعد أمريكا ثانى أكبر شريك تجارى لمصر بعد دول الاتحاد الأوروبى ويصل حجم التبادل التجارى الصادرات والواردات بين البلدين إلى 8 مليارات جنيه ويشير رشيد إلى أن هناك خطة سيتم الانتهاء من وضعها خلال ثلاث أسابيع لمضاعفة هذا الرقم إلى 16 مليار دولار سنويا خلال أربع سنوات. ويضيف رشيد أن العمل على زيادة التجارة بين البلدين قد بدأ من قبل الزيارة وأن هناك اتفاقا بين مجلس التنافسية الأمريكى ونظيره المصرى لتحسين تنافسية الشركات المصرية فضلا عن وجود لقاء بين أعضاء مجلس الأعمال المصرى الأمريكى بواشنطن فى نوفمبر المقبل الذى سيشهد كذلك اجتماع بين رشيد ووزير التجارة الامريكى. كما شهدت الزيارة التفاوض على صيغة لنقل التكنولوجيا من أمريكا إلى مصر، وتمويل أمريكا لمشروعات تصديرية إليها، خارج نطاق اتفاقية الكويز، فضلا عن توسيع دائرة المعاملة التفضيلية لتصدير بعض السلع الزراعية إلى أمريكا. «لا يوجد اقتصاد خلال الخمسين عاما السابقة نجح فى التنمية دون أن يكون له وجود قوى فى السوق الامريكية، بدءا باليابان وألمانيا فى الخمسينيات ثم كوريا فماليزيا فالصين وطبعا أوروبا. فالسوق الأمريكية تستهلك ثلث استهلاك العالم فى كثير من السلع». تبعا لما جاء على لسان رشيد مضيفا: إن عنصرا أساسيا من نجاح الصين خلال العشرين عاما الماضية هو اختراقها للسوق الأمريكية لتصل صادراتها إلى الولاياتالمتحدة إلى 350 مليار دولار سنويا. «نريد من أمريكا كل ما حصلت عليه الدول الاخرى من خبرات فى الإدارة والتسويق والتكنولوجيا». تبعا لرشيد الذى يضرب مثلا بشركات الملابس الرياضية الأمريكية المعروفة مثل نايك واديداس والتى أصبحت تنتج فى الصين بعدما أعطت المصانع هناك العلامات التجارية والإدارة والتسويق والتكنولوجيا. زيادة العجز ليس مشكلة وردا على تساؤل إذا ما كانت مضاعفة التبادل التجارى سيكون على حساب زيادة العجز مع أمريكا، قال رشيد: إن الهدف هو مضاعفة الصادرات ولكن لا توجد مشكلة أن تتضاعف الواردات كذلك. وأضاف: إن العجز ليس أساسا لتقييم وضع الاقتصاد «أنا كوزير تجارة لا أدير عجزى مع دولة دولة فأنا لا أستهدف خفض العجز مع الولاياتالمتحدة أو استراليا وأنا أستورد منهم قمحا إلا إذا قمت باستيراده من البرازيل مثلا ولكن هذا لا يعنى حصولى على أفضل مكان او سعر لشراء القمح». «يجب الفصل بين الصادرات والعجز التجارى فيمكن تخفيض العجز لو توقفت عن شراء سلع من الخارج ولكن فى دولة كمصر التى تستورد 60% من طعامها و٪50 من احتياجات الطاقة وتعتمد على الأسواق الخارجية لاستيراد السلع الراسمالية والمواد الخام هذا صعب». لا حاجة لاتفاقية التجارة الحرة وحول اتفاقية التجارة الحرة المجمدة منذ عام 2005 أشار رشيد إلى أنه لم يتم التطرق لها على الإطلاق خلال الزيارة. «منطقة التجارة الحرة ليست غاية بل وسيلة لزيادة التجارة فإذا كانت هناك خطة حاليا لمضاعفة التجارة خلال السنوات الأربع المقبلة، انتفى الهدف من اتفاقية التجارة الحرة». تبعا لرشيد. وكانت المفاوضات قد وصلت لطريق مسدود فى 2005 بعد انسحاب الجانب المصرى من المفاوضات نتيجة لربطها بضغوط سياسية. وتم إغلاق الملف من جانبنا حتى قبل عرضها على الكونجرس تبعا لرشيد. «أعلنت وقتها أنه لا يمكن الدخول فى اتفاقية تجارة حرة طالما يتم استخدام مطالب سياسية للضغط علينا فالسياسة بطبعها يوم فوق ويوم تحت وبها العديد من الاختلافات فى وجهات النظر فاتفاقية التجارة الحرة يجب أن تكون مرتبطة بمصالح اقتصادية فقط وليس بتقييم لموقفى السياسى وحقوق الإنسان. تجاوب أمريكى مع توسيع الكويز وبالنسبة لاتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) فقد أشار رشيد إلى أن هناك طلبا مقدما لأمريكا لزيادة المناطق الصناعية المؤهلة فى الصعيد و«هناك تجاوب من الإدارة الأمريكية وإن لم يتم حسمها خلال الزيارة ولم يتم تحديد موعد بعد». وتبعا لاتفاقية الكويز، الموقعة فى عام 2004، فإن المنتجات المصرية التى يتم إنتاجها بداخل هذه المناطق لها حق الدخول الحر إلى السوق الأمريكية بدون جمارك أو قيود كمية، بشرط ألا تقل نسبة المكون الإسرائيلى بها عن٪10.5. لا ضغوط للتطبيع وردا على تساؤل حول ما إذا كانت الزيارة تضمنت الحديث حول إمكانية اتخاذ خطوات تطبيعية اقتصادية بين الدول العربية مع إسرائيل تحت مظلة الاتحاد من أجل المتوسط. أجاب رشيد أنه فى حال وقف الاستيطان، فهناك مطالب بإعادة فتح المكاتب التجارية لإسرائيل فى عدة دول مثل قطر وعمان وتونس والامارات والمغرب و«هذا أمر لا يعنى مصر لأن لديها اتفاقية سلام معها». وأوضح رشيد أن الاتحاد من أجل المتوسط هو امتداد لعملية برشلونه من بدايتها كان بها إسرائيل والأساس بها إعطاء الدول المختلفة حق الدخول أو الخروج من المشروعات تبعا لتوجهاتها السياسية فيحق لكل دولة المشاركة مع إسرائيل فى أى مشروع أو الانسحاب منه. «المبدأ هو يجب ألا تحدد إسرائيل لنا أين نكون موجودين؟». تبعا لرشيد. والاتحاد من أجل المتوسط عرف فى بداية إطلاقه بمشروع الاتحاد المتوسطى، وهو هيئة تضم الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى إضافة إلى الدول المطلة على البحر المتوسط وقد تم الاعلان عن انطلاقه فى يوليو 2008. ويهدف الاتحاد إلى إقامة مشروعات تنموية ويرى الكثيرون أنه سيعيد تفعيل مبادرة برشلونة التى انطلقت فى 1995 وضمت المغرب والجزائر وتونس ومصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا وتركيا والاتحاد الأوروبى.