«سوف ندرس عددا من التسهيلات والاتفاقيات الاقتصادية فى مختلف المجالات خلال هذه الزيارة، والتى تهدف إلى زيادة حجم الاستثمارات الأمريكية فى مصر، وتمكين قطاعات مصرية أوسع من دخول السوق الأمريكية خلال الفترة المقبلة»، كما قال رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، فى تصريحات خاصة ل«الشروق»، عشية أول أيام الزيارة. وأضاف أنه سوف يتفاوض، مع نظيره الأمريكى، على صيغة لنقل التكنولوجيا من أمريكا إلى مصر، وتمويل أمريكا لمشروعات تصديرية إليها، خارج نطاق اتفاقية الكويز، كما أنه سيتم التفاوض على توسيع دائرة المعاملة التفضيلية لتصدير بعض السلع الزراعية إلى أمريكا. وعادة لا يناقش الرئيس المسائل الاقتصادية، إنما الوفد الاقتصادى المرافق له، هو الذى يقوم بمناقشة هذه الأمور، خلال الاجتماعات التى تعقد على هامش الزيارة، بحسب رشيد. ويبدو أن الأجندة الاقتصادية للزيارة الحالية مزدحمة، ما بين توسيع اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز)، إلى إنشاء صندوق أو وديعة مشتركة كبديل عن المعونة الأمريكية لمصر، وبحث إعفاء مصر من خدمة ديونها لأمريكا. توسيع مناطق الكويز تسعى الحكومة المصرية إلى توسيع المناطق التى تشملها اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز)، لتشمل كل مناطق الصعيد، كما قال رشيد، مشيرا إلى أن هذا المطلب من أهم القضايا التى سيتم التفاوض عليها خلال الزيارة. وتبعا لاتفاقية الكويز، الموقعة فى عام 2004، فإن المنتجات المصرية التى يتم إنتاجها بداخل هذه المناطق لها حق الدخول الحر إلى السوق الأمريكية بدون جمارك أو قيود كمية، بشرط ألا تقل نسبة المكون الإسرائيلى بها عن 10.5%. وضمت الاتفاقية، فى البداية، مناطق القاهرة الكبرى والإسكندرية وبورسعيد، ثم تم توسيع نطاق الاتفاقية لتشمل بعض محافظات الصعيد، مثل المنيا وبنى سويف، وسوف تتفاوض الحكومة المصرية خلال الزيارة الحالية على توسيع إضافى، يصل إلى محافظة أسوان، بحسب رشيد. ومن ناحية أخرى، تتفاوض الحكومة المصرية حاليا مع إسرائيل على خفض نسبة المكون الإسرائيلى إلى 8%، كما هو الحال فى اتفاقية الكويز فى الأردن، وفقا لما قاله وزير التجارة. وحول ما إذا كان سيتم طرح قضية خفض نسبة المكون الإسرائيلى مع الجانب الأمريكى، نفى وزير التجارة هذا، قائلا: «هذه القضية تخص الجانب الإسرائيلى، ولن يتم طرحها مع أمريكا». إلا أن أشرف سويلم، القائم بأعمال المدير العام فى منتدى مصر الاقتصادى الدولى، يرى أن موافقة أمريكا على هذا التخفيض، «سوف تدعم موقف مصر التفاوضى مع إسرائيل، وبالتالى فإن الزيارة الحالية فرصة لكسب تأييد أمريكا لهذا الخفض»، من وجهة نظره. وضرب سويلم مثلا بالخفض الأول الذى حدث فى عام 2007، عندما تم فيه تخفيض النسبة من 11.7% إلى 10.5%، حيث ساعد تأييد أمريكا لمصر وقتها من دعم موقف الأخيرة فى مفاوضاتها مع إسرائيل. ويعد قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة أكثر القطاعات المستفيدة من هذه الاتفاقية، حيث كانت هذه المنتجات تخضع لتعريفة جمركية تتراوح ما بين 10و 33% وفقا لنظام الحصص، قبل التوقيع على الاتفاقية. وكان طاهر حلمى، رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، قد قال، خلال حوار سابق مع الشروق، إن هذه الاتفاقية فى صالح مصر، لأنها فى اتجاه واحد، لأن التبادل التجارى بين مصر وأمريكا حاليا أصبح ضخما جدا، لكن الميزان لصالح أمريكا، وبالتالى فإن فتح السوق المصرية أمام المنتجات الأمريكية ليس بالضرورة لصالحنا. شكل جديد للمعونة الاقتصادية طرحت الحكومة المصرية على أمريكا فكرة إنشاء صندوق أو وديعة مشتركة، يتم تمويلها من الطرفين، كبديل عن المعونة الاقتصادية، تقوم على أساس أن كل دولار تضعه الحكومة الأمريكية، تقابله المصرية بجنيه، على أن تستخدم هذه الأموال فى أغراض تنموية، كما قال رشيد، مشيرا إلى أن المفاوضات بشأن هذا الصندوق بدأت منذ فترة قصيرة بين وزارة التعاون الدولى وأمريكا. والهدف الأساسى من هذا الصندوق يتمثل فى رغبة الحكومة المصرية فى تأمين توفير بعض مبالغ المعونة الاقتصادية للسنوات المقبلة، من خلال إنفاقها لنسبة محددة سنويا منها والاحتفاظ بجزء من هذه المبالغ، بالإضافة إلى فوائد الوديعة التى يمكنها أيضا إنفاقها على الأهداف التنموية، كما قال سويلم، مشيرا إلى أنها تسعى لتوفير 4 ملايين دولار فى الصندوق فى خلال عشر سنوات. وأضاف سويلم أن مشاركة مصر فى تمويل الوديعة «وسيلة لإثبات جديتها». وكانت هناك مفاوضات دائرة فى الفترة ما بين 2004-2006 حول إنشاء مثل هذا الصندوق، كبديل عن المعونة الاقتصادية، إلا أن جورج بوش، الرئيس الأمريكى السابق، قام بإلغاء الفكرة، دون توضيح المبررات. وكانت مصر قد حصلت على معونة اقتصادية من أمريكا قدرها 815 مليون دولار سنويا، منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل وحتى عام 1998. ثم بعد ذلك تم تخفيضها بنسبة 5% سنويا، فوصلت إلى 415 مليون دولار عام 2008، إلا أن إدارة بوش قامت بتخفيضها إلى أكثر من 50% فى موازنة عام 2009، لتصبح 200 مليون دولار، دون ذكر أسباب هذا الخفض الاستثنائى غير المتفق عليه. ويرى سويلم أن هذه الزيارة، يمكن أن تكون فرصة للتفاوض على تغيير هذا الخفض الاستثنائى، وتخفيض 5% فقط، النسبة المتفق عليها منذ البداية، من آخر مبلغ للمعونة تم صرفه لمصر فى عام (415 مليون دولار)، بدلا من ال50%. خاصة أن «إدارة أوباما تدرك مدى احتياج مصر لأموال المعونة»، على حد تعبير سويلم، مدللا على ذلك بأن الإدارة الأمريكيةالجديدة طلبت مساعدات إضافية استثنائية لمصر بقيمة 50 مليون دولار، يتم صرفها هذا العام. إعفاء مصر من خدمة ديونها لأمريكا ومن الموضوعات المهمة المطروحة على الأجندة الاقتصادية للزيارة أيضا، مسألة إعفاء مصر من خدمة ديونها لأمريكا، والمقدرة بنحو 350 مليون دولار سنويا، أو مبادلة هذه الديون بمعونات تُخصص لأغراض تنموية، يتم الاتفاق عليها مع الجانب الأمريكى، يتمثل أهمها فى التعليم ودعم المشروعات الصغيرة. وحول صعوبة موافقة الإدارة الأمريكية على هذا المطلب فى ظل ظروف الأزمة، قال سويلم: «هذا المبلغ 350 مليون دولار يعتبر كبيرا ويمثل عبئا على الموازنة المصرية، إلا أنه يعتبر ضئيلا بالنسبة لأمريكا»، بحسب تعبيره. منطقة التجارة الحرة هدف غير قابل للتحقيق نفى رشيد وجود أى إمكان للتفاوض على اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين مصر وأمريكا خلال الزيارة الحالية، «هذا الملف مغلق من جهة الجانبين المصرى والأمريكى على الأقل لمدة سنتين»، على حد تعبيره، مبررا ذلك بظروف الأزمة المالية. إلا أن حلمى برر ضعف فرص هذه الاتفاقية فى الوقت الحالى، بعدم تشجيع الإدارة الديمقراطية لاتفاقيات مناطق التجارة الحرة، «نحن الآن ليس لدينا إدارة ديمقراطية فقط، بل وكونجرس ديمقراطى كذلك، وبالتالى سيكون من الصعب طرح هذا الموضوع»، على حد تعبيره. ويوافقه الرأى سويلم الذى يرى أن الإدارة الأمريكية الحالية تحكمها نزعة حمائية، ومع ذلك فإن هذه الاتفاقية «تبقى الهدف الأكبر للعلاقات الاقتصادية بين البلدين»، بحسب قوله. وهنا يؤكد سويلم ارتباط العلاقات السياسية بالاقتصادية، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية كانت وشيكة التوقيع خلال عام 2005، إلا أن الجانب الأمريكى قرر وقف المفاوضات وقتها احتجاجا على قرار الحكومة المصرية بحبس أيمن نور، أى أنه «تم تعطيل التقدم فى الإصلاح الاقتصادى لأسباب سياسية»، بحسب تعبيره. وكان حلمى قد ذكر أن مصدر تفاؤل القطاع الخاص المصرى بإدارة أوباما، يرجع إلى توقعهم بأن تشهد العلاقات السياسية بين البلدين طفرة، وهو ما سينعكس بالضرورة على مختلف مجالات التعاون الاقتصادى بين البلدين. ومن وجهة نظر سويلم، تعتبر أمريكا واحدة من أهم 10 دول بالنسبة لمصر على المستوى السياسى والاقتصادى، بينما تمثل مصر واحدة من أهم 10 دول لأمريكا على المستوى الاستراتيجى، إلا أن أهميتها الاقتصادية أقل من ذلك، وبالتالى فإن «عبء تطوير العلاقات الاقتصادية بينهما يقع على الجانب المصرى»، على حد تعبيره.