تفاصيل جدول أعمال الشيوخ يومي الثلاثاء والأربعاء الأسبوع المقبل    بالبركة والمحبة.. كنيسة بقنا تستقبل طلاب الثانوية العامة وقت انقطاع الكهرباء    الأمين العام المساعد لمستقبل وطن: 30 يونيو صخرة تحطمت عليها مطامع الإخوان    الفريق أول محمد زكي يشهد تخرج دورات جديدة بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    تباين أسعار العملات الاجنبية في ختام تعاملات اليوم 27 يونيو    «اللى يعوزه البيت»    صرخات عجوز جباليا من نهشات كلاب جيش الصهاينة يفزع ناشطو "التواصل"    نائب جمهوري يطالب إدارة بايدن بإغلاق رصيف مساعدات غزة    13 توصية لمؤتمر «صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها على الأمن الإقليمي والمصري»    يورو 2024.. توريس ينافس ديباى على أفضل هدف بالجولة الثالثة من المجموعات    ستولتنبرج: روسيا تفتقر إلى القوة لتحقيق "اختراقات كبيرة" في أوكرانيا    بعد شكاوى الأندية.. اتحاد الكرة يكلف بيريرا بمراجعة المواقف التحكيمية    تشكيل زد - زيكو يقود الهجوم ضد طلائع الجيش    16 شركة وراء المال الحرام    لرصد المخالفات والإشغالات.. محافظ القليوبية يجري جولة تفقدية في بنها    سوري نويل، شهادة تخرج ابنة توم كروز تكشف تخليها عن لقب والدها    كريم عبد العزيز يعلن موعد عرض الجزء الثالث لفيلم "الفيل الأزرق"    قائد القوات الجوية الإسرائيلية: سنقضى على حماس قريبا ومستعدون لحزب الله    لطيفة تطرح ثالث كليباتها «بتقول جرحتك».. «مفيش ممنوع» يتصدر التريند    دعاء أول شهر محرم.. احرص على 4 كلمات مع بداية السنة الهجرية الجديدة 1446    السبكي: الحوكمة محور رئيسي لتحقيق العدالة الصحية وتحسين الكفاءة والشفافية    «الرعاية الصحية» تعلن حصاد إنجازاتها بعد مرور 5 أعوام من انطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل    لهذا السبب.. محمد رمضان يسافر المغرب    محافظ أسوان يلتقي رئيس هيئة تنمية الصعيد.. تفاصيل    أيمن الجميل: تطوير الصناعات الزراعية المتكاملة يشهد نموا متصاعدا خلال السنوات الأخيرة ويحقق طفرة فى الصادرات المصرية    «رحلة التميز النسائى»    تحرك جديد من بديل معلول في الأهلي بسبب كولر    بائع يطعن صديقة بالغربية بسبب خلافات على بيع الملابس    وزيرة التخطيط: حوكمة القطاع الطبي في مصر أداة لرفع كفاءة المنظومة الصحية    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    جهاز تنمية المشروعات يضخ تمويلات بقيمة 51.2 مليار جنيه خلال 10 سنوات    شوبير يكشف شكل الدوري الجديد بعد أزمة الزمالك    بيراميدز يتخذ قرارًا جديدًا بشأن يورتشيتش (خاص)    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    أستون مارتن تكشف عن أيقونتها Valiant الجديدة    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    مصرع عامل بنزيما إثر حادث تصادم في بني سويف    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    طلب غريب من رضا عبد العال لمجلس إدارة الزمالك    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عذراً يا إيلان
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 09 - 2015

• أوجعتنا يا إيلان.. أبكيتنا يا إيلان.. أدميت قلوبنا الموجوعة أصلاً عليك وعلي أسرتك وعلي بلادنا.. فضحتنا وفضحت بلاد العرب والمسلمين يا إيلان.. ألزمتنا الحجة وعلمتنا أن مجتمعاتنا أصبحت عقيمة في كل شيء.. فليس هناك لاعب كرة عالمي ولا مذيع عالمي ولكن صراخ وعويل.. ولا كاتب عالمي مثل العقاد بل شتائم وأكاذيب.. ولا صحيفة يشار إليها بالبنان بل أخبار تنقصها المصداقية ويتسرب إليها النفاق.. وليست هناك جامعة في التصنيف العالمي.. ولا مؤسسة لم ينخر فيها الفساد والبيروقراطية.. ولا فيلم حصل على جائزة عالمية.. ولكن عنف وضرب وجنس ورقص ومخدرات.
• وأخيراً ليس هناك مكان في بلادنا يأمن فيه طفل على نفسه مثل إيلان وأسرته الصغيرة.
• لقد وضعتنا أمام السؤال الذي لا نعرف له إجابة: لماذا يهرب العرب من بلاد العرب إلى الغرب؟!.. لماذا تضيق بلادنا بأهلها.. ولماذا هي طاردة لأبنائها ظالمة لهم ساحقة لعظامهم.
• لقد ماتت مناطق الإشعاع الحضاري التي كان الناس يتوقون ويتشوقون إليها فيرتحلون إلى بغداد حاضرة الخلافة العباسية ودمشق حاضرة الخلافة الأموية والقاهرة بلد العلم والعلماء.
• كيف أصبحت كل هذه البلاد مرتعاً للتفجيرات والعنف والقتل والدماء والكراهية والصراع السياسي .
• لو وجد إيلان وأسرته في سورياً طعاماً وأمناً وأماناً وعلماً وفكرا ً ورحمة وتسامحاً وعفواً ما تركوها وهم من عشاقها.. ولكن وجدوا فيها بشار وطغمته التي لا ترحم أحداً وداعش التي تذبح العسكريين والمدنيين والسنة والشيعة.. فلم يجدوا سوى القسوة والجفوة والغلظة والصراع والدماء.
• والغريب أن العرب تطردهم بلادهم وتقتلهم.. ويطلبون اللجوء إلى إخوانهم العرب فيرفضون بحجة الأمن دون النظر في كل حالة بمفردها.
.. إنه تعميم الأحكام وتعميم العقاب وهما مصيبة العرب على الدوام.
• تطلب أسرة إيلان اللجوء إلى كندا فترفض الأخيرة بكبر وصلف.. يحاولون الهروب إلى تركيا عبر قارب صغير يؤجره المهربون السوريون والأتراك.. فيهتز المركب بشدة.. تصرخ الأم.. ينادي الأب على المهرب الذي يطمئنه قليلاً ثم يقفز إلى المياه ويهرب.. يغرق المركب مع أول موجة عالية.. تغرق الأسرة واحداً بعد الآخر.
• يرى الأب ثمرات حياته وفلذات أكباده وهم يموتون واحداً وراء الآخر.. ومعهم شريكة عمره المخلصة ريحان 28 عاماً.. يحاول إنقاذهم دون جدوى.
• يستغيث الأب ولا مغيث.. يبكي يصرخ.. يولول.. غرق الجميع إلا الأب.. غرق غالب 4 سنوات.. وغرقت زوجته المخلصة ريحان.. وغرق إيلان.. دفع الموج بإيلان إلى شاطيء مدينة "بودروم السياحية" جنوب غرب تركيا.. كانت صورته تهز الوجدان.. كأنه ساجد لربه.. كأنه يشكو إلى ربه ظلم العباد.. ظلم بشار الذي أبى أن يترك الكرسي الزائل والثورة ما زالت سلمية بريئة نقية.. ويفضل أن يبيد ويهلك ويهجر ويقتل ويجرح ربع الشعب السوري على أن يترك لعاعة من دنيا زائلة.
• سجد إيلان بعد موته على الشاطئ ليراه العالم كله وهو يشكو إلى الله القاعدة وداعش وحزب الله وكل أرباب الحرب بالوكالة في سوريا الذين لم يفكروا يوماً في مثل هذا الطفل المسكين.. وفي مثل هذه الأسرة البائسة.. ماتت آلاف الأسر قبل ذلك دون أن يتعظ أحد من وكلاء الحرب في سوريا.
• ولولا أن المصورة "نيلوفير دمير" سجلت هذه اللحظة بكاميراتها ما فهم العالم كله رسالة إيلان.. وصلت رسالتك يا إيلان.. لقد عقمت مجتمعاتنا أن تحميك وتسترك وترعاك وترحمك أنت وأسرتك.
• لك الحق يا والد إيلان "أنك لا تريد من العالم شيئاً الآن بعد موت أسرتك سوى أن تجلس إلى جوار قبرهم".
• وهل قدم العالم الغربي للعرب وأمته شيئاً.. وهل سيصلحهم إذا فسدوا.. ويحررهم إذا استعبدوا أنفسهم.. ويلموا شعثهم إذا هم فرقوا أنفسهم.
• أمتنا تبني القبور والسجون.. وتصنع المتفجرات والدمار.. والأمم الأخرى تبني المدارس والجامعات وتصنع الحضارة والحياة الكريمة لأبنائها.
• عذراً يا إيلان فقد نشأت في أمة تحسن صناعة الموت بغير هدف.. ولا تعرف صناعة الحياة الكريمة.. عذراً يا إيلان فلم تستطع أمة المليار من حمايتك ورعايتك أو تجد لك مكاناً آمناً مترا في متر.. فحفرت لك ولأسرتك ولملايين السوريين والعراقيين والمصريين واليمنيين والليبين قبوراً.. عذراً يا إيلان فهذه الأمة ليست جديرة بأن ترعى طفلاً جميلاً بريئاً رائعاً مثلك.
• عذراً يا إيلان فالأمة مشغولة بالرقص والغناء وخناقات الأهلي والزمالك و"خمسة موا5555" والصراع السني الشيعي.
• الأمة التي باعتك باعت من قبلك الكثير والكثير من العلماء والنابهين والأفذاذ.. عذراً يا إيلان فأمتنا تركت جمال حمدان يموت أو يغتال بمنتهى اليسر والسهولة وهو في شبابه.
• عذراً يا إيلان فأمتنا لا تحيي ذكرى العلماء ولا تهتم بالنابهين والعباقرة.. هى لا تتذكر الآن سوى الراقصات.. عذراً يا إيلان فأنت لم تطلب من أمتك سوى حجرة وصالة آمنة مطمئنة لتعيش فيهما.. ولكن أمتك ضنت بذلك عليك.. وضنت بالقبر عليك.. وضنت بكل شيء.
• لقد ذكرني ذلك برائعة فاروق جويدة بعد مآساة عبارة السلام:
قد كان حلمي أن أرى قبري على أعتابك
الملح كفنني وكان الموت أرحم من عذابك..
ورجعت لكي أرتاح يوماً في رحابك
وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك
فبخلت يوماً بالسكن
والآن تبخل بالكفن
• لقد رآك المصورون على ضفاف أوروبا ساجداً سجدتك الأخيرة وأنت ميت.. لم تنازع أحداً كراسي الحكم.. ولم تطلب من بشار تداول السلطة.. ولم ترغب أن تحرم كل الجبابرة في سوريا سواءً من الحكام أو الميلشيات الفاجرة نفوذها وسلطانها.. كنت ترغب في مكان صغير تلهو فيه وتلعب.. ولكن هؤلاء جميعاً ضنوا عليك به.
• أي سنة وأي شيعة يفهمون شيئاً عن أبي بكر الصديق أو عمر بن الخطاب أو علي بن أبي طالب أو الحسن والحسين يفعلون مايفعل هؤلاء في سوريا وغيرها.. آه لو عاد الصديق والفاروق وعلي والحسن والحسين لجلدوا هؤلاء جميعاً ولتبرأوا منهم جميعاً.. هؤلاء لا يدافعون إلا عن مناصبهم وأهوائهم وذواتهم وكراسيهم.
• لعنات إيلان وآلاف إيلان ستتنزل على كل من ساهم في القتل والتدمير والتفجير والبغي والديكتاتورية والظلم في كل مكان.
• عذراً يا إيلان ففي كل شارع في سوريا دولة وأمير ورئيس.. وهؤلاء جميعاً بداية من بشار وحتى أصغرهم جبابرة طغاة قساة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.