مدبولي: الأسواق العالمية والمحلية استقبلت الإعلان عن الحكومة الجديدة بصورة إيجابية    عدد أيام إجازات يوليو 2024 وموعد عطلة رأس السنة الهجرية    بعد انخفاضه عالميا.. كم سجل سعر الذهب اليوم الخميس 4 يوليو 2024 وعيار 21 الآن؟    السيسي يوافق على اعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2024-2025    وزير الإسكان: الرئيس السيسي وجه بضرورة إيجاد حلول بديلة وغير تقليدية لتحقيق التنمية    بريطانيا: تراجع معدل شراء السيارات الخاصة الجديدة للشهر التاسع على التوالي    إعصار بيريل يضرب جاميكا.. دمار واسع في مدن عديدة    بدء الصمت الانتخابي اليوم تمهيدا لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية    منافس مصر.. إعلان قائمة أوزبكستان استعدادًا لأولمبياد باريس 2024    ضبط مكتب إنتاج فني دون ترخيص في العجوزة    الداخلية: سقوط عصابة وضبط 47 سلاحا ناريا وتنفيذ 59 ألف حكم خلال يوم    التعليم: فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس التكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج    "الشرف غالي يا بيه".. أم تنهار لاختفاء ابنتها والشرطة تكتشف أنها وابنها وراء قتلها    بعد تصدره التريند .. ماهو مرض الفنان توفيق عبدالحميد؟    يحتل المركز الرابع.. فيلم جوازة توكسيك يحقق 190 ألف جنيه في أول أيام عرضه    عقب أداء اليمين.. وزير الصحة يجتمع بنوابه لوضع خطط العمل خلال الفترة المقبلة    مراسل «القاهرة الإخبارية»: قصف متواصل للمناطق الشرقية في قطاع غزة    روسيا البيضاء تنضم لمنظمة شنجهاي للتعاون الدولي    قرار رئيس الوزراء بشأن إجازة رأس السنة الهجرية 2024: تفاصيل وتطبيقات    تحرير 35 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    "رونالدو أمام مبابي".. قمة منتظرة بين البرتغال وفرنسا بذكريات يورو 2016    مجلس إدارة الزمالك يعقد اجتماعاً مساء اليوم    عمرو سعد: أحمد حلمي قرر أنه مش هيشتغل معايا أنا وأخويا    مدير مكتبة الإسكندرية يشرح تفاصيل تصميم «بيت مصر في باريس»: صُمم بهوية مصرية    «مناسب لكل الأعمار».. 5 وجوه للترفيه في مهرجان العلمين    محافظ قنا: سنعمل معا على التنمية واستكمال مشروعات حياة كريمة    أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال    لتأخر صرف الأدوية.. «الصحة» تحيل مديري الصيدليات بمستشفيي العامرية والقباري للتحقيق    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع مؤشر مصر الصحي    طلاب الثانوية العامة يمتحنون الكيمياء والجغرافيا.. السبت    المفتي يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بالعام الهجري الجديد    محافظ القليوبية يعتمد مواعيد امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي لصفوف النقل    «منهج تنفيذي».. محافظ المنيا الجديد: العمل وفق استراتيجية التواجد الميداني    البيت الأبيض: هدف باريس وواشنطن حل الصراع عبر الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل دبلوماسيًا    ملفات محافظ أسيوط الجديد.. أبرزها إنهاء الخصومات الثأرية وإحكام الرقابة على الأسواق    انقلاب سيارة وتهشم أخرى في حادث تصادم بالتجمع |صور    تقرير: أوروبا تدعم زيادة شحنات الأسلحة لأوكرانيا وترفض إرسال جنود للقتال    العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية    حزب الله يشن هجوما بمجموعة من المسيرات على 7 مواقع عسكرية إسرائيلية    سويلم يتابع ترتيبات عقد «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    وزير التموين ل"اليوم السابع": نستهدف جودة سلع الدعم المقدمة للمواطن    استقبال العام الهجري الجديد 1446 بالدعاء والأمل    صندوق النقد: 33% من الوظائف مُعرضة للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي    "رغم سنه الكبير".. مخطط أحمال بيراميدز يكشف ما يفعله عبدالله السعيد في التدريب    قرعة التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2025.. تعرف على موعدها    «دا اللي مخليه مختلف».. مخطط أحمال بيراميدز يكشف سر تألق عبدالله السعيد    وزير الصحة يجتمع بنوابه الثلاثة.. ماذا قال لهم؟    «دون وفيات».. انهيار منزل من 5 طوابق بالمنوفية    شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: افتقدنا للأيادي القوية غير المرتعشة.. والحكومة الجديدة تضم خبرات دولية    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روسيا تستخدم الفوضى فى العالم العربى فى الدعاية المحلية
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 08 - 2015

نشر موقع شاثام هاوس مقالا للكاتب نيكولاى كوجانوف، زميل بأكاديمية روبرت بوش لبرنامج شئون روسيا وأوراسيا، مقالا حول سياسة الدولة الروسية فى منطقة الشرق الأوسط واستغلالها ما يحدث دعائيا لها أمام المجتمع الروسى، منتقدة تأكيدها على أن الغرب هو السبب فى الاضرابات وتجاهل ما تقوم به روسيا فى المنطقة. ويستهل كوجانوف موضوعه بأن موسكو تستخدم الاضطرابات فى الشرق الأوسط لتعزيز رسائلها الإعلامية عن التهديد الذى يمثله الغرب، على الداخل الروسى.
ويسخر كوجانوف من ذلك بأنه إذا لم يكن الشرق الأوسط موجودا لاخترعته موسكو بالتأكيد. حيث قدمت الفوضى فى العالم العربى للكرملين فرصة ملائمة لتشكيل الرأى العام فى الداخل بشأن قضايا مثل شرعية النظام، والمواجهة مع الغرب والوضع فى أوكرانيا. ونتيجة لذلك، أصبحت الاضطرابات فى الشرق الأوسط، على مدى العامين الماضيين، واحدة من أكثر المواضيع شعبية لدى الصحفيين والسياسيين الروس.
ويشعر الكثيرون من أبناء الطبقتين المتوسطة والعاملة الروس بالحنين لمجد «امبراطورية» الاتحاد السوفيتى، ويمنحهم الكرملين ما يريدون. حيث يطرح الدعم الروسى لدمشق، والعلاقات الوثيقة مع طهران والتقارب مع مصر باعتبارها استعادة نفوذ الكرملين التى فقدها بعد 1991.
ويوضح كوجانوف أنه مع وجود جمهور مستعد للتقبل، كل ما على السلطات الروسية القيام به، تقديم الشرق الأوسط من خلال منظور الحقبة السوفيتية، على الرغم من هذا ليس له علاقة مع واقع اليوم. وبالتالى، يتم تصوير دعم موسكو لنظام بشار الأسد والتقارب مع القاهرة كرمز للوحدة الروسية العربية فى النضال ضد عدم الاستقرار الذى تسببه أمريكا والإرهاب المدعوم من شركائها الإقليميين فى قطر والمملكة العربية السعودية.
•••
ويتنكر عدم ذكر وسائل الإعلام الروسية أن نظام الأسد لا يمثل العرب، أو حتى السوريين. وهى تلتزم الصمت حيال مسئولية موسكو باعتبارها الداعم الأول دبلوماسيا لنظام الأسد عن استمرار نزيف الدماء. ولا يفضل القائمون بالدعاية ذكر المملكة العربية السعودية «الشريرة» جنبا إلى جنب مع دولة الإمارات العربية المتحدة ساعدت فى ولادة الصداقة المصرية الروسية الجديدة عن طريق السماح للقاهرة، فى الوقت الذى تعتمد فيه على الدعم المالى الخليجى، بدعوة الروس مرة أخرى.
ويرى كوجانوف أنه فى حين تتهم موسكو الغرب، بإحياء لغة الحرب الباردة، تسعى أيضا إلى إحياء صورة الولايات المتحدة باعتبارها «الشر العظيم». ويسهل الوضع فى الشرق الأوسط، فضلا عن أخطاء إدارة أوباما فى السياسة الإقليمية، هذه المهمة. ففى عام 2011، أطلق بوتين على الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى وصف «الصليبيين الجدد» بسبب العملية العسكرية فى ليبيا. وفى مقابلة مع وسائل الإعلام الروسية فى أبريل، اتهم سيرجى لافروف، وزير الخارجية، واشنطن بأنها مسئولة عن إنشاء تنظيم القاعدة والجهاديين فيما يسمى الدولة الإسلامية من خلال دعم المجاهدين ضد السوفييت فى أفغانستان خلال الثمانينيات ثم غزو العراق فى العقد الأول من الألفية. ويذهب المحللون والصحفيون الموالون للحكومة إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث ينشرون نظريات المؤامرة على أساس أن أمريكا زعزعت عمدا استقرار الشرق الأوسط بعد هجمات 11/9 وليس لديها مصلحة حقيقية فى وقف إراقة الدماء فى سوريا والعراق.
ويشير كوجانوف إلى ما حدث فى 2012 حيث دفعت مظاهرات الشوارع، تأييدا لإعادة انتخاب بوتين لفترة رئاسية ثالثة، بالكريملين إلى ترويج فكرة نموذج خاص للحكم باعتباره يلائم روسيا اكثر مما تلائمها الديمقرطية الغربية. ومن ثم اتهمت الدعاية فى موسكو، الغرب بمحاولة فرض قيم ديمقراطية «غير مناسبة» على دول الشرق الأوسط، التى كان لديها أنماط الحكم الخاصة بها غير الديمقراطية، مما أدى إلى فوضى سياسية وسفك الدماء. ففى ليبيا، على سبيل المثال، كان المواطنون يميلون إلى «الحكايات الغربية» عن الديمقراطية لإسقاط حكومتهم السلطوية، ولكنهم وجدوا دولة فاشلة بدلا من ذلك. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الروسية تقر بأن معمر القذافى كان ديكتاتورا، فهى ترى أنه من أعطى شعبه الأمن والاستقرار الاجتماعى، بدلا من الحريات السياسية. وتخلق الحجة الأخيرة تشابها مع الأفكار التى تم الترويج لها فى روسيا قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2012: أن عودة بوتين إلى الكرملين يعنى الاستقرار، فى حين أن التغيير فى القيادة سينشر الفوضى.
ويضيف كوجانوف أن موسكو تستخدم حكايات منطقة الشرق الأوسط لشرعنة سياستها تجاه أوكرانيا. فبعد فترة وجيزة من بداية العملية التى تقودها السعودية فى اليمن ضد المتمردين الحوثيين، ذكر ديمترى كيسليوف، خبير الدعاية الروسى على التليفزيون الروسى المملوك للدولة أنه لم يكن هناك اختلاف بين اليمن وأوكرانيا. ووفقا لما قال، فإن المتمردين الراديكاليين فى كلا البلدين أطاحوا الرئيس الشرعى. وطرح سؤالا: إذا كان السعوديون يمكن أن يدعموا الرئيس اليمنى المعزول، عبدربه منصور هادى، لدرجة قصف اليمن، فلماذا نلوم روسيا لدعم فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكرانى الذى ابعدته من السلطة احتجاجات فى الشوارع؟
•••
وفى سياق مماثل، يكشف كوجانوف ما تقوم به الدعاية الروسية من مقارنة بين القوميين الأوكرانيين الذين يقاتلون فى منطقة دونباس والجهاديين من الدولة الإسلامية. ويستخدم وجود المسلمين، بما فى ذلك تتار القرم والشيشان، من المتطوعين الأوكرانيين القتال ضد ما يسمى جمهوريتى دونيتسك وفوجانسك كدليل على هذا الربط. وفقا لهذه الرواية، يشن المتمردون الموالون لروسيا الحرب ضد القوى العالمية التى تمثل التحدى نفسه للأمن الدولى والقيم الإنسانية الذى يمثله الجهاديون فى سوريا والعراق. وبالتالى رفع الخطاب الروسى الصراع المدنى فى شرق أوكرانيا إلى مرتبة مقدسة.
وكاد الكرملين أن يعلن فوزه فى المواجهة مع الغرب. فقد صورت وسائل الإعلام الروسى زيارة جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكية، إلى سوتشى مايو 2015، كما ولو كانت استسلاما سياسيا أمريكيا. وكان الموضوع المهيمن على وسائل الإعلام أن الغرب بحاجة إلى المساعدة الروسية بشأن عدد من القضايا، بما فى ذلك البرنامج النووى الايرانى والصراع المدنى فى سوريا. وأعلن لافروف أن زيارة كيرى تكشف فشل واشنطن فى عزل روسيا.
على مدى العامين الماضيين كانت هناك حالات زيفت فيها وسائل الاعلام الروسية الحقائق. ففى عدة مناسبات، استخدمت الصحف الروسية صورا من سوريا لإثبات 'الفظائع' التى ترتكبها القوات الأوكرانية فى منطقة دونباس.
ويظهر كوجانوف أن الدعاية الرسمية فى موسكو، على النقيض، تبدو بشكل عام كما لو كانت غير مفتعلة، على نحو ماكر. فهى توفر مجموعة من الحقائق وتضعها فى الإطار الذى يؤدى بالجمهور إلى الاستنتاجات المطلوبة. وبالتالى، فمن الصعب أن نختلف على أن الدولة الإسلامية تمثل تحديا خطيرا للمجتمع الدولى والغزو الأمريكى للعراق كان واحدا من العوامل التى غيرت هندسة القوى الإقليمية. يبقى فقط للكرملين التأكيد على خطورة التدخل الأمريكى وتجاهل دور العوامل الأخرى فى تطور الوضع فى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.
ويضرب كوجانوف المثل على فشل المعارضة الروسية فى دحض روايات موسكو للأحداث فى الشرق الأوسط. ففى عام 2014، فشلت محاولة خرقاء قام بها جارى كاسبار بطل الشطرنج المعروف والناقد البارز لبوتين لإظهار الرئيس الروسى مسئولا عن الاضطرابات السياسية فى الشرق الأوسط. ولم يجد أى دعم، حتى فى الغرب.
وتلجأ وسائل الإعلام الروسية والساسة المحليين عند الحديث عن الشرق الأوسط إلى التصريحات الجريئة والعاطفية بهدف جذب انتباه المشاهدين إلى رسالة بسيطة تخص الداخل الروسى. ومع ذلك، فإن الكرملين يدرك حتى الآن الفارق بين الدعاية والدبلوماسية. ففى حين عرض زيارة كيرى إلى سوتشى كما لو كانت نصرا دبلوماسيا لموسكو، تدرك الحكومة الروسية أنها تحتاج إلى تدخل واشنطن فى سوريا بنفس قدر احتياج السلطات الأمريكية لموسكو.
•••
ويرى كوجانوف أنه من الضرورى، لفهم النوايا الحقيقية لروسيا، مراقبة تحركات موسكو بدلا من الاستماع إلى أقوالها. ولكن الحاجز بين الدعاية والحقيقة هو الذى يسهل اختراقه. وعلى سبيل المثال، بدأ الخبراء الروس لقبول بعض التصريحات الدعائية كحقيقة وتسمية المملكة العربية السعودية وقطر برعاة الإرهاب. ولكن فى يونيو، استقبل بوتين فى سان بطرسرج وفدا رفيع المستوى، برئاسة نجل الملك سلمان، نائب الأمير ولى العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان، وتم توقيع سلسلة من الاتفاقيات، بما فى ذلك التعاون النووى السلمى.
ويعتقد كوجانوف أنه لا يزال هناك خطر يتمثل فى أن يصل المسئولون الروس إلى تقبل الكذبة المتكررة ويبدأوا فى تصديق انهم حققوا النصر الحقيقى على الغرب، وليس مجرد ميزة دعائية. حيث تجدر الإشارة إلى أنه فى مقابلة تلفزيونية فى فبراير 2013، ذكر لافروف أن الحكومة الروسية كانت حريصة على تعليم الأمريكيين «درسا» فى سوريا وأنه ينبغى التعامل مع موسكو فقط 'على أساس من المساواة وتوازن المصالح والاحترام ». ولا شك ان تعليم هذا الدرس هو الهدف الذى يمتد خارج نطاق الدعاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.