تحاول القوى الغربية مثل حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مواجهة الحملة الإعلامية الروسية التي تتميز بخبرة أكثر حول الأحداث في أوكرانيا لكنهم يواجهون صعوبات في ذلك. والهدف هو كسب المعركة اليومية لعناوين الأخبار، وإبراز وجهة نظر الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بأن رسالة روسيا بعيدة جدا عن الحقيقة. وقال روبرت بسيزل المتحدث باسم حلف شمال الأطلسي في موسكو: "في روسيا، يتم وصف الاتحاد الأوروبي كأنه مؤامرة يدبرها مثليون جنسيا.. نشهد عودة أساطير الحرب الباردة". وأضاف، أن "الدعاية منتشرة بقوة. فحوالي تسعين في المئة من الروس يشاهدون التلفزيون الوطني. أما الآخرون الذين يتمتعون بحس انتقادي، فإنهم لا يتابعون الأخبار مطلقا". وتابع المتحدث: "إنها عملية سرد لا هوادة فيها تصور العالم الخارجي باعتباره تهديدا لروسيا". وأسفر ضم روسيا شبه جزيرة القرم في أوكرانيا العام الماضي، في حين أعلنت كييف أن مستقبلها يكمن مع الاتحاد الأوروبي إلى تدهور في العلاقة مع موسكو مع عدم وجود أي مؤشر على تحسنها قريبا. كما أدى ذلك إلى إنهاء السياسة التي اعتمدها حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي بمراجعة منذ انتهاء فترة الحرب الباردة، وأكدت ضرورة التعامل مع روسيا واثقة من نفسها أكثر فأكثر في ظل رئيس قوي. والجزء الأساسي من الجهود الروسية يتعلق بجهاز دعائي متطور يحاول التشكيك ب"التيار الرئيسي" لوسائل الإعلام الغربية، كما يسعى إلى تقويض فكرة الحقيقة الموضوعية نفسها، وفقا لمحللين ومسؤولين غربيين. وفي مطلع أبريل الماضي، بثت العديد من القنوات التلفزيونية الروسية تقارير عن مقتل فتاة بنيران المدفعية الأوكرانية، ما يشكل انتهاكا للهدنة الهشة. وأجرت «بي بي سي» تحقيقا حول القصة ولم يكن بإمكانها العثور على جثة الفتاة إلى أن قال صحفي روسي إنها "لم تكن موجودة" أساسا. وهناك أيضا من يكتب في مواقع التواصل الاجتماعي مشيدا بموسكو ومنددا بالسلطات "الفاشية" في كييف، كما يسخر من القادة الغربيين وشخصيات أخرى. ولا تفرض التكنولوجيا الحديثة قيودا، بحيث يمكن الاطلاع بسهولة على مثل هذه الروايات من قبل مواطني الاتحاد الأوروبي وبينهم الناطقون بالروسية في دول البلطيق التي حكمها الاتحاد السوفياتي سابقا ويشتبه بنوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيالها. وقد حظرت الحكومة الليتوانية محطة التلفزيون الروسية «آر تي آر بلانيتا»، متهمة إياها ب"التحريض على الفوضى والسلوك العدواني وبث المعلومات المغرضة". وسيبحث قادة الاتحاد الأوروبي خطة عمل خلال قمتهم المقبلة في يونيو، بهدف "مواجهة حملة التضليل التي تشنها روسيا"، لكن هناك مخاوف من نقص في الموارد يترك الكتلة الأوروبية في وضع غير مريح إطلاقا. وقال مصدر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي: "من الواضح أننا لا نملك الوسائل ذاتها الموجودة لدى الروس"، لكن الهدف هو تتبع إنتاج موسكو من الأخبار عن كثب للرد بشكل أسرع، إذا كان ذلك ممكنا، وباللغة الروسية. بدوره، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن "الأمر لا يتعلق بمكافحة الدعاية إنما تاكيد بعض الوقائع والحقائق بوضوح". ويقدم حلف شمال الأطلسي هذا النموذج، مع مركز صحفي يعمل فيه حوالي 20 من الموظفين باستمرار في حالة ترقب. وتحاول المتحدثة باسم الحلف أوانا لونيسكو وضع الأمور في نصابها عبر رسائل البريد الإلكتروني، وتويتر والموقع الإلكتروني للحلف ردا على ما تعتبره اخبارا ومعلومات روسية غير دقيقة ومضللة. لكن هناك حدود لما يمكن القيام به. وقالت لونيسكو إن ذلك "يستغرق وقتا كما يجب بذل الكثير من الجهود للرد على كل كذبة. لذا، فإننا نركز على التعامل مع الكذبة الكبيرة". كما أن هناك مخاطر لأن الذهاب بعيدا جدا يمكن أن يصب في صالح روسيا، بحسب نيك كال من جامعة كارولينا الجنوبية، مشددا على ضرورة ضبط النفس. وأضاف، أن "أسوا ما قد يفعله الغرب الآن هو لعب الدور الذي رسمه له المصابون بالرهاب الروسي ممن لا يحترمون الثقافة الروسية والكنيسة الأرثوذكسية والتاريخ، ولا مصلحة لهم في مستقبل مشترك".