أصبح باراك أوباما هو الرجل الأقوى في العالم بعد نجاحه في أن يكون أول رئيس أمريكي أسود وهو في السابعة والأربعين من عمره ، ليجسد بذلك حلم مارتن لوثر كينج المدافع عن حركة الحقوق المدنية ، وليقود الدعوات العالمية المطالبة بالتغيير وإحلال الشباب بصورة أكبر في العمل القيادي. قال عنه كاتب سيرته الذاتية ديفيد ميندل "إنه السياسي الأوفر حظا الذي صادفته". وفي سبتمبر 2008 ، وقبل أقل من شهرين من إجراء الانتخابات الرئاسية في الرابع من نوفمبر ، بدا التنافس شديدا بين أوباما وخصمه الجمهوري جون ماكين ، ولكن في 14 سبتمبر ، اندلعت أزمة اقتصادية غير مسبوقة في العالم. واستفاد أوباما من تدهور شعبية الإدارة الأمريكية ، مؤكدا أن الأزمة هي نتيجة سياسة اقتصادية متهورة ، وداعيا إلى العودة إلى الدولة القوية ، وبذلك أظهرت استطلاعات الرأي تقدمه حتى موعد الانتخابات. وفي كتابه "أوباما من الوعد إلى القوة" ، يروي ديفيد ميندل كيف فاز أوباما بمقعده في مجلس الشيوخ عام 2004 في مواجهة خصوم كثرت أخطاؤهم وفضائحهم ، في حين لم يكن الأوفر حظا لتولي هذا المنصب. وكتب ميندل أن "البلاد تحتاج إلى بعض الحظ في الوضع الذي هي عليه ، وأتمنى أن يتمكن من التصدي للأزمة الاقتصادية". وعرف أوباما صعودا لافتا منذ يوليو 2004 ، حين اكتشف الأمريكيون كاريزما هذا العضو الشاب في الكونجرس والذي يمثل ولاية إيلينوي شمال الولاياتالمتحدة. ومن أقواله التي انتزعت بكاء المستمعين : "ليس هناك أمريكا يسارية وأمريكا محافظة ، هناك الولاياتالمتحدةالأمريكية ، ليس هناك أمريكا سوداء وأمريكا بيضاء أو أمريكا لاتينية أو آسيوية ، هناك الولاياتالمتحدةالأمريكية ، نحن واحد". هذه الدعوة إلى الوحدة فعلت فعلها في بلاد شهدت انقسامات كثيرة إبان ولاية الجمهوريين. عندما ولد أوباما في الرابع من أغسطس 1961 في هاواي من أب أسود من كينيا وأم بيضاء من ولاية كنساس ، كان الزواج بين الأعراق المختلفة محظورا في كل ولايات الجنوب الأمريكي تقريبا ، قبل أن تسمح به المحكمة العليا في يونيو 1967. عاش في كنف جديه وهما من البيض ، وعشية الاقتراع الرئاسي توفيت جدته مادلين دانهام - 86 عاما - التي لعبت دورا رئيسيا في حياته. درس في جامعة كولومبيا وحصل على شهادة تؤهله لمهنة مربحة في قطاع المال ، لكنه اختار العمل الاجتماعي في معازل السود في جنوب شيكاجو. وغادر المدينة بعد ذلك ليدرس في هارفارد ، المعبر التقليدي للنخبة الأمريكية ، وبعدها عاد إلى شيكاجو للعمل محاميا في مكتب التقى فيه مع المحامية ميشيل التي تحمل شهادة من جامعتي برينستن وهارفرد والتي أصبحت زوجته و"صخرة" حياته كما يلقبها ، وقد رزقا بابنتين هما : ماليا (تسع سنوات) وساشا (سبع سنوات). انطلقت حياته السياسية في عام 1996 مع دخوله مجلس شيوخ ولاية إيلينوي ، وفي 2004 ، أصبح الأسود الوحيد العضو في مجلس الشيوخ الأمريكي. بدأت حملته الرئاسية رسميا في العاشر من فبراير 2007 في خطاب ألقاه في المكان نفسه الذي ألقى فيه الرئيس الأمريكي الراحل إبراهام لينكولن خطابه الشهير حول العبودية ، ثم خاض معركة شرسة في مواجهة منافسته هيلاري كلينتون قبل أن يفوز عليها في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ، ولم يبق أمامه سوى خصم واحد هو جون ماكين. وبعد تعبئة غير مسبوقة للقاعدة الناخبة السوداء وتلك المنحدرة من أصل إسباني ، تم انتخاب أوباما رئيسا بأغلبية 53% من الأصوات. ويومها ، قال لمناصريه الذين بكى كثيرون منهم لرؤيتهم أسود يدخل البيت الأبيض : "جاء التغيير إلى أمريكا".