على بعد أيام قليلة من قمة عربية جذبت أنظار العالم والمراقبون السياسيون لمصر، تحتضن القاهرة قبل أن ينهى الأسبوع أيامه قمة آخرى ذات طابع أفريقى، قمة تجمع اليوم بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما. ومبعث تميز تلك القمة يرجع لكونها تجمع بين الطرفين الشمالى والجنوبى للقارة السمراء وبعد غياب استمر لأكثر من أربع سنوات، حيث كانت زيارة زوما الأخيرة لمصر في 18 أكتوبر عام 2010، عندما زارها لمدة يومين على رأس وفد من كبار المسئولين والوزراء بحكومة جنوب إفريقيا وعدد من كبار رجال الأعمال بجنوب إفريقيا. وسيتناول الرئيسان خلال قمتهما بالبحث والمناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، والقضايا الإفريقية، والملفات ذات الاهتمام المشترك والمطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، والتحديات الكبيرة التى تواجه البلدين خاصة والدول الافريقية عامة وفى مقدمتها الإرهاب وانتشار العنف والتنمية المستدامة والنهوض الاقتصادى. وتعد مصر ثالث أكبر شريك تجاري في شمال إفريقيا مع دولة جنوب إفريقيا، حيث بلغ حجم الصادرات المصرية إلى جنوب إفريقيا 19.80 مليون دولار، بينما بلغت الواردات المصرية من جنوب إفريقيا 43.41 مليون دولار فى الفترة من يناير إلى مارس 2010، فيما بلغت قيمة الصادرات فى عام 2009، 29.08 مليون دولار، وقيمة الواردات 135.67 مليون دولار عام 2009. وتعد جنوب أفريقيا قوة مؤثرة فى المنطقة، وواحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارا في القارة، وتحتل المركز ال26 في قائمة الدول ذات الاقتصاد المتقدم في العالم، وبحسب صندوق النقد الدولى فإن اقتصادها هو ثاني أقوى اقتصاد في القارة الإفريقية، ويتميز هذا الاقتصاد بالتنوع وبالاستثمارات الهائلة فى قطاعات التعدين والصناعة، الزراعة والسياحة إلى جانب إرتفاع المستوى التقنى فيها. وتواجه الدولتان تحدى التنمية الاقتصادية، التى يتعين أن تعود بالنفع والفائدة على المواطن العادي، فكلا البلدان قطعا شوطا كبيرا فى هذا الصدد، ولديهما تجربة جديرة بالتبادل بينهما والاستفادة منها والعمل على تطويرها بما يتلائم مع ظروف كل دولة. والتعاون بين القاهرة وجوهانسبرج لا ينبع من القومية الإفريقية التى تجمع البلدين ولا من علاقات التكامل الاقتصادى والسياسى فحسب، ولكنها تنبع من حب وتقدير الشعب المصرى للزعيم الإفريقى الراحل نلسون مانديلا وكذلك تقدير الشعب الجنوب أفريقى لموقف مصر الداعم تجاه نضاله ضد التمييز العنصرى والنزاع العرقى بين الأقلية البيضاء والأكثرية السوداء والذى شغل حيزا كبيرا من تاريخ هذا البلد وسياساته، بالإضافة إلى كونهما عضوين فاعلين فى نشاط الاتحاد الأفريقي الممثل لجميع دول القارة تقريبا.