توفي يوم الأربعاء في العاصمة البريطانية لندن الأديب السوداني الكبير الطيب صالح عن عمر يناهز الثمانين عاما بعد رحلة طويلة من العمل في مجالات الصحافة والثقافة والأدب كان من أبرز معالمها روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" التي تعد من علامات الأدب العربي الحديث. ولد الطيب صالح في مروى بشمال السودان ، وينتمي إلى قبيلة الركابية ، وتلقى تعليمه في كلية العلوم بجامعة الخرطوم التي علم بعد تخرجه منها في مجال التدريس قبل أن يعمل في هيئة الإذاعة البريطانية. وشغل صالح عدة مناصب مرموقة من أبرزها تعيينه ممثلا لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في منطقة الخليج العربي في ثمانينيات القرن الماضي. أطلق عليه النقاد لقب "عبقري الرواية العربية" وخاصة بعد أن اختيرت روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" ضمن قائمة أفضل مائة رواية في القرن العشرين ، وخاصة بعد أن نجحت في نقل الأجواء المحلية شديدة الخصوصية من قالبها التقليدي إلى العالم أجمع. وتعد "موسم الهجرة إلى الشمال" من الاعمال العربية الأولى التي تناولت لقاء الثقافات وتفاعلها وصورة الآخر الغربي بعيون الشرقي , والغربي بعيون الآخر الشرقي الذي ينظر إليه كشخص قادم من عالم رومانسي يسوده السحر ويكتنفه الغموض. وقد تطرق الطيب صالح في روايته إلى هذه العلاقة من خلال شخصية بطلها السوداني الذي يذهب ليدرس في العاصمة البريطانية لندن , وهناك يضيف إلى جانب تميزه وذكائه العقلي وتحصيله الجامعي العالي رصيدا كبيرا في إثبات فحولته الجنسية مع نساء بريطانيا الذين احتلوا بلاده مع تقديم صورة ساحرة عن الحياة في المجتمع الريفي السوداني. ورغم الاحتفاء بروايته عربيا وعالميا ، مُنع تداولها في بلاده في تسعينات القرن الماضي بعد أكثر من ثلاثين عاما على صدورها إثر تولى الإسلاميين السلطة فيها , وذلك لتصويرها مشاهد واستخدامها كلمات توحي بالجنس.