رأت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية اليوم الثلاثاء، أن قبضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على السلطة تقوض السمعة العالمية لهذا البلد. وقالت الصحيفة في مقالها الافتتاحي الذي بثته على موقعها الالكتروني، إن أردوغان يظهر القليل من التريث وضبط النفس وهو يحول تركيا إلى دولة استبدادية مبنية حول شخصه. فعلى مدى السنوات الأخيرة، قلص أردوغان الحرية الديمقراطية والتعددية في بلده، بتقييد وسائل الإعلام وتضييق الخناق على المتظاهرين وتقويض السلطة القضائية المستقلة. وأضافت أن أردوغان منذ انتخابه رئيسا للدولة منذ ستة أشهر، قد أخذ هذه المسحة شديدة القسوة إلى مستوى جديد وهو يستهل تركيز سلطته الشخصية. وإذا سمح له بالذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير، فإن تركيا لن تمتلك بعد الآن المعايير الأساسية المطلوبة في دولة ديمقراطية. وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ عام 2011، قام حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان باتخاذ العديد من الإجراءات لكبح الحريات الشخصية حتى أصبح من الصعب التمييز بين حملة قمعية والحملة التالية لها. ولكن مشروع قانون سيعرض على البرلمان في الأيام القليلة القادمة يعطي الشرطة صلاحيات جديدة واسعة، وهو مدعاة للقلق. وتابعت الصحيفة أن مشروع القانون الجديد ينص على توسيع حقوق الشرطة التركية في استخدام الأسلحة النارية والسماح لها بتفتيش الأفراد أوالسيارات دون الحصول على إذن من المحكمة، كما باستطاعتها احتجاز أي شخص لمدة 48 ساعة دون الحصول على تصريح مسبق من النيابة، وبهذا يحتمل أن يواجه المتظاهرون الذين يغطون وجوههم بأقنعة أو كوفيات خلال التظاهرات العنيفة عقوبة بالسجن لمدة 4 أعوام. وتقول الأحزاب المعارضة أنه في حال إقرار مشروع هذا القانون، فإنه سيكون بمثابة خطوة حاسمة تجاه تحول تركيا إلى دولة بوليسية. ورأت الصحيفة أن ما يدعوللقلق ليس فقط تفاصيل القانون بل توقيته أيضا، الذي يأتي قبل أشهر من الانتخابات البرلمانية التركية التي ستجري في يونيو المقبل، والتي لم يخف أردوغان أنه يريد أن يحصل فيها حزب العدالة والتنمية على اغلبية كبيرة بدرجة تمكنه من تنفيذ تعديلات دستورية تحول البلد إلى نظام رئاسي. ولفتت الصحيفة إلى أن استبداد أردوغان يضر تركيا بعدة طرق، فهو يقوض سمعتها كدولة ديمقراطية يمكن أن تحاكيها دول أخرى في المنطقة. فقبل خمس سنوات، أعلن الرئيس باراك أوباما أن الولاياتالمتحدةوتركيا تمثلان "شراكة نموذجية " تؤمن بقيم مشتركة. وقد سخر أردوغان من هذا البيان. ورأت الصحيفة أن الطريقة التي يكرس بها أردوغان سلطته ويقيد بها الحريات الداخلية يجعله مشابها على نحو متزايد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالتشديد على أن أهمية تركيا استراتيجيا أكبر بكثير من إمكانية إهمالها وتجاهلها. ولكن في ظل حكم أردوغان، فإن دورها الدولي ينكمش، وتخيم الظلال على آفاقها الاقتصادية ويتضاءل سكانها النابضون بالحياة تحت ظله.