بعد دقائق من بدء حظر التجول، فى السابعة والربع، اهتز منزل برهان البيك، بحى الضاحية بمدينة العريش بالانفجارات التى ضربت العريش فى نهاية الشهر الماضى، فأسرع ليطمئن على أفراد العائلة. لحظة الانفجار، «الصوت كان عالى جدا، فيه خساير فى الممتلكات، الزجاج عندى اتشرخ والحيطة اتشرخت، والناس بتصوت مش عارفين فين، عايزين نتطمن على أهالينا مش عارفين، يعنى أنا والدتى فى عمارة جنبى مش عارف أوصلها، لأن فى نفس اللحظة الشبكات مش مجمعة». التفجيرات استهدفت مديرية الأمن وفندق ضباط الشرطة بالعريش وكمائن أمنية، وسقط فيها أكثر من 40 شهيدا بين عسكريين ومدنيين. تلك بعض مشاهد من حياة برهان، مدرس الحاسب الآلى فى مدرسة نخل للتعليم الأساسى، بعد فرض حظر التجوال. يغادر برهان منزله فى السابعة صباحا، مع نهاية الحظر، «المفروض أوصل الساعة 8 ونص، من كتر الكماين اللى على الطريق الدولى بيفتح الساعة 8، باوصل المدرسة بعد الساعة 10 ونص». أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى 24 أكتوبر الماضى حالة الطوارئ وحظر التجول بشمال سيناء، بعد الهجوم على كرم القواديس بالشيخ زويد، وتم خفض ساعات الحظر لتصبح بين السابعة مساء والسادسة صباحا، وتمديده ثلاثه أشهر أخرى، تنتهى قبل بداية مايو المقبل. «الحمد لله تحسن الوضع نوعا ما فى موضع شبكات الموبايل، لكن مش ممتاز». ينتهى جدول برهان اليومى فى الثانية ظهرا فيتحرك فى اتجاه البيت، «طبعا ما بالحقش أعمل أى حاجة، اليوم اتضرب، ممكن أرجع الساعة أربعة لو الكمين مقفول». الطلبة لا يذهبون المدارس كما يقول برهان، «الناس بقت تخلى الطلبة ما تروحش المدارس عشان تدى الدروس الصبح، والوضع دا زاد قبل الامتحانات». فى أول أيام النصف الثانى من العام الدراسى، قال حسن حجازى، وكيل وزارة التربية والتعليم بشمال سيناء، «إن 567 مدرسة استقبلت 90 ألف طالب وطالبة، وانتهت أعمال الصيانة لعدد من المدارس». لا يستطيع أن ينسى برهان أصعب يوم فى الحظر «يوم ولادة مراتى، كانت فى الفجر، طبعا مش عارف أروح ولا آجى، اتصلت بعربية الإسعاف، جات بعديها بساعة إلا ربع، رغم أن الطريق فاضى، وقبل ما تيجى اشترطت خمسين جنيه، قلت ماشى». صعوبات المعيشة لا تنتهى فى المحافظة كما تراها أميرة شعيشع المذيعة براديو شمال سيناء، «الحياة التجارية داخل مدينة العريش تأثرت بشكل سلبى لأن الحياة داخل الشيخ زويد ورفح بتتسم بالبداوة، والبدو لا يمارسون الأنشطة التجارية بعد العشاء». وتبلغ مساحة المحافظة نحو 27 ألف كم2، يعيش بها نحو 42 ألف نسمة، طبقا لتعداد 2013، يعيشون فى شمال سيناء، ويعانون من ارتفاع نسبة البطالة، منذ بدأت «الحرب على الإرهاب». سبب ارتفاع البطالة كما ترى أميرة «إن فيه ناس كتير سرحوا شباب كانوا بيشتغلوا فى المحلات والعربيات الأجرة والقرى السياحية». الحركة التجارية أكثر ما تأثر بالحظر بحسب أميرة، «لو عايزه تجيبى أى خضار أو فاكهة تطلع من العريش بتقابلك مشكلتين، المشكلة الأولى الحظر لازم تطلعى قبل 7 مساء من كردون العريش، المشكلة التانية المعدية اللى هى أساسا موجودة من 30 يونيو، فممكن تقفى عليها 3 ساعات». وأخيرا مشكلة السفر، «دى مشكلة الطلبة اللى فى الدراسات العليا اللى بيدرسوا خارج العريش، لأنهم مش عارفين يطلعوا من المدينة ويرجعوا لها فى نفس اليوم». «كل حاجة تأثرت بشكل سلبى جدا، وحظر التجول مستمر، فى حين معظم العمليات الإرهابية الأخيرة تمت فى ساعات حظر التجوال». ملاحظة أخيرة للأستاذ برهان.