متى نبدأ تاريخ صناعة الشوكولاتة اليوم؟ ربما نبدأ بشركة كانت فى يوم ما أكبر منتج شوكولاتة، «مارس» أى فى عام 1964. دعا رئيس «فورست مارس» الجديد رعاياه إلى الاجتماع فى قاعة اجتماعات فسيحة غطى خشب الزان حيطانها ليعرض رؤيته عليهم. بدأ يقول: «إننى رجل متدين» ثم توقف عن الحديث لفترة طويلة قبل الركوع على ركبتيه: (إننى أصلى لشوكولاتة «ميلكى واى».. إننى أصلى لشوكولاتة «سنيكير»، لم يجرؤ أحد فى القاعة على التحرك. قال لمعاونيه إنه ينبغى عليهم وضع هذه المنتجات نصب أعينهم فى كل لحظة. «إنها المنتجات التى يشتريها المستهلك. وهذا الواقع فى حد ذاته هو الذى يجلب علينا الربح. والربح هو هدفنا الوحيد»). كتب المحللون الماليون فى «رابوبنك إنترناشيونال» فى تحليل للسوق: إن صناعة الشوكولاتة تواجه اليوم منافسة سوقية ضارية. ازدادت المنافسة ضراوة عندما بدأت تظهر فى الأسواق الغربية علامات التشبع فى بداية التسعينيات وأصبح من العسير زيادة معدلات النمو. وسوف يستمر انخفاض النمو، وفقا لشركة تحليل أخرى، «يورو مونيتور إنترناشيونال» والتى تتنبأ بزيادة مبيعات الشوكولاتة ولكن بمعدل ضئيل حتى عام 2008. وتقدر قيمة السوق على الصعيد العالمى بحوالى 58.092.579.735 دولار سنويا. لكن فى ظل هذه المعركة الدموية للحصول على أنصبة سوقية، يتعين ترشيد أعمال الشركات كى تتمتع بالتنافسية. ويختار البعض نقل أجزاء من الإنتاج إلى شركات أكثر تخصصا وينقل البعض الآخر الإنتاج إلى بلدان تكون التكلفة فيها أقل. وقد انتشر هذا الضغط طوال حلقات سلسلة الكاكاو. وكتب «رابوبنك إنترناشيونال» ما يلى: «يتحقق البقاء فقط لمن يقدم منتجات بتكلفة أقل». تسيطر ست شركات عبر وطنية كبرى على السوق. وكبرى هذه الشركات هى شركة «مارس» التى تعمل أيضا تحت اسم «ماستر فوودز» إنها شركة أمريكية خاصة يمتلكها الإخوة «جون» و«جاكلين» و«فورست» الذين يحتلون معا، وفقا لمجلة «فوربس»، المركز الحادى والعشرين فى قائمة أكبر أثرياء العالم، وتبلغ قيمة ثروة كل منهم 9.918.245.320 دولار وتقدر المجلة المتخصصة «كاندى آندسترى» مبيعات الحلوى لشركة «شمار/ ماستر فوودز» بمبلغ 7.367.839.381 دولار فى عام 2002. وكانت ثانى كبرى شركة أغذية على الصعيد العالمى، شركة «نستلة» التى بلغت مبيعاتها من الحلوى 7.084.460.943 دولار. تلتها شركة «هرشى فوود كروبوريشن» 4.392.365.784 دولار، و«كادبرى شوبيس بى. إل. سى. ص» 4.250.676.566 دولار. و«شفيريرو إس. بى. إيه. ص» 3.825.608.909 دولار. وكانت شركة «كرافت فوودز» ثانى كبرى شركة أغذية فى العالم، تحتل المركز السادس على القائمة بحوالى 2.833.784.377 دولار. تحتل هذه الشركات المراكز الأولى أمام منافسيها. وتسيطر شركتان أو ثلاث من بينها سيطرة كاملة على عديد من البلدان. وتفرض «مارس/ ماستر فوودز وصهارشى» سيطرتهما فى الولاياتالمتحدة، وفى المملكة المتحدة يبلغ نصيب «كادبرى» و«ماستر فوودز» و«نستلة» 82٪ من سوق الشوكولاتة. وتمثل شركات «كرافت فوودز» و«نيدار» و«برينهيلد/ ميند» نسبة 70٪ من مبيعات الحلوى فى النرويج والتى تقدر بحوالى 850.135.313 دولار سنويا. وتحصل «كرافت فوودز» وحدها على حوالى نصف مبيعات الشوكولاتة. بالنسبة إلى هذه الشركات الكبرى، تعتبر تلك الشركات الصغرى «لبانا يلتصق بنعل الحذاء» وفقا لما كتبته صناعة (Candy Industry.105) وارتفعت قيمة المبيعات مع استمرار اقتناء الشركات المنافسة. على سبيل المثال، التهمت «كادبرى» شركات الأغذية بوتيرة سريعة. بعد شراء شركة «موكز» (فى 1982)، ضمت شركة «كندا دراى» (1986)، و«تريبور وشباسيت» (1989) و«الدكتور ببير» و«سفن أب» (1995) و«سنابل» (2001) قبل أن تشترى فى السنوات الأخيرة كلا من «أورانجينا» و«لاكاسيرا» و«آدامز». ماذا يعنى كل هذا التركيز؟ يقول إخصائى الاقتصاد «فريديرك كلير مونت» الذى عمل سابقا فى «الأونكتاد»، يعنى هذا احتلال الشركات الكبرى مركز قوة تتمكن من خلاله وفقاً لما كتبه «كلير مونت» من «الضغط على السعر من طرفى سلسلة الإنتاج والتوزيع: أى على الفلاحين المفلسين الذين ينتجون السلعة الأساسية، فى طرف، وعلى المستهلكين فى جميع أنحاء العالم، فى الطرف الآخر.. ولا توجد سلطة تستطيع إلقاء المسئولية على هذه الشركات». يدخل تركيز السلطة فى صناعة الشوكولاتة أيضا فى إطار النقاش الدائر حول سلطة الشركات عبر الوطنية. لكن وفقا لتقديرات وضعتها «الأونكتاد»، كان معدل نمو أكبر مائة شركة فى العالم أسرع منه فى الدول ذاتها فى الفترة ما بين عامى 1990 و2000. ويدّعى الناقدون أن سلطة الشركات عبر الوطنية تتزايد مقارنة بسلطة البلدان. الأمر الذى حد بإخصائى الاقتصاد «ميدارد جابيل» و«هنرى برونير» أن يؤكدا فى كتابهما «Golobal Inc» «أطلس الشركات عبر الوطنية». «أن علاقة القوة الجديدة ليست فقط نتيجة تنازل البلدان عن بعض السلطات، على الرغم من أن هذا التنازل قد حدث فعلا. بل من الأهم، أن التكنولوجيا تنشئ علاقات قوة جديدة فى العالم، وأن الشركات عبر الوطنية تسيطر على هذه التكنولوجيا. وحيث إن قدرة هذه الشركات على التحرك سريعة بدرجة تفوق نظراءها فى السلطات العامة، فإن الشركات عبر الوطنية تتمكن، بسهولة أكبر، من استغلال الطاقات الجديدة التى تطلقها العولمة. وتقدر الأونكتاد أنه فى قائمة أكبر مائة اقتصاد فى العالم توجد الآن 29 شركة. وكبرى هذه الشركات هى «إكسون موبيل» وتأتى فى الترتيب رقم 45 لأكبر الاقتصادات. وتحتل «النرويج» المرتبة رقم 27 فى قائمة «الأونكتاد»، ويأتى صاحب شركة «كرافت فوودز» «فيليب موريز/ ألتريا» فى المرتبة رقم 85 بين «سلوفاكيا» و«تونس». وتستطيع هذه الشركات عبر الوطنية القوية تحريض البلدان على بعضها بعضا، ودفعها إلى الدخول فى مناقصات فيما بينها. إنها تنقل الإنتاج حيثما تكون تكلفته أقل. وتخشى البلدان من فقدان فرص العمل فيها وتشعر أنها مضطرة إلى منح مزايا مالية. ولا تعد صناعة الشوكولاتة استثناء من هذه الصورة. وفى سبتمبر 2003، كتبت صحيفة «أفتن بوستن» أن «مصنع الشوكولاتة فى «رودلوكا» يهدد بمغادرة النرويج ما لم تلغ الرسوم المفروضة على الشوكولاتة». وأرسلت «كرافت فوودز» خطابا إلى وزير المالية آنذاك، «بير كريستيان فوس»، ألمحت فيه إلى أنها تفكر فى نقل الإنتاج إلى الخارج. وتفرض الدولة رسوما قدرها 2.150 دولار على الكيلو جرام من الشوكولاتة والبضائع السكرية، وترى صناعة الشوكولاتة أن هذه الرسوم تمثل عائقا لها للتنافس مع المنتجات الأخرى. وبلغت إيرادات الدولة من هذه الرسوم 122.561.174 دولار فى 2002.