أكد الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري، أن ترشيد استهلاك المياه ضرورة قومية وليست ترفًا، وأن التوعية المائية واجب وطنى يجب أن يشارك فيه جميع الأطراف على قدم وساق للحد من مخاطر شح المياه، مشيرًا إلى أن نصيب الفرد من المياه في مصر يبلغ حاليًا حوالى 600 متر مكعب، وهو أقل من المتوسط العالمى البالغ ألف متر مكعب، وهو ما يعنى أننا فى مرحلة "الفقر المائى"، التى سوف تزداد خلال السنوات القادمة بسب الزيادة السكانية. وكشف مغازى، في تصريح له اليوم الاثنين، أن مصر تعانى عجزًا مائيًا كبيرًا بسبب زيادة الطلب على المياه لأغراض الزراعة والصناعة أو مياه الشرب، يتجاوز نحو 20 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، يتم تعويضها بإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى ومعالجتها. وأضاف أن إجمالى كميات المياه المتوافرة لدينا من أعالى النيل والمياه الجوفية والسيول والأمطار، كلها لا تزيد على 59 مليار متر مكعب، بينما يقترب استهلاكنا السنوي من 78 مليار متر مكعب، وتتجلى كفاءة مدرسة الرى المصرية فى تعظيم الاستفادة من تلك الكمية المحدودة لتعويض هذا العجز الذى يقترب من ال19 مليار متر مكعب، عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، ومياه الخزان الجوفي الضحل بالوادي والدلتا. وأوضح أننا نواجه حاليًا حزمة من التحديات المرتبطة بالمياه، حيث يعتبر النمو السكاني المتزايد وارتفاع مستوى المعيشة من التحديات الرئيسية التي تؤدي إلى زيادة الاحتياجات المائية لكافة القطاعات المستخدمة للمياه مثل الزراعة ومياه الشرب والصناعة، ويأتى على قمتها قطاع الزراعة الذى يستهلك حوالي 80% من إجمالي الاحتياجات المائية. وكشف مغازي، أن الحكومة تسمح بالتصريح بزراعة الأرز سنويًا في مساحة تصل إلى مليون و76 ألف فدان مخصصة فى الأماكن القريبة من البحر المتوسط والبحيرات الشمالية شمالاً وقناة السويس والبحيرات الشرقية شرقاً، وهى أماكن تغطى محافظات (كفر الشيخ – البحيرة – الدقهلية – الشرقية – الغربية). وذلك لضمان وجود أكبر ضاغط ممكن من المياه العذبة لوقف تداخل مياه البحر، وهو إجراء فنى لحماية الدلتا من التملح. أما باقى محافظات الجمهورية فمحظور طبقًا للقانون زراعة أى مساحات بالأرز بها. وقرار تحديد مساحات الأرز راعى المصلحة العامة بشكل كبير، فالمليون و76 ألف فدان كافية تمامًا لتغطية الاستهلاك المحلى، أما الاتجاه إلى تصدير الأرز – الذى يطالب به البعض – فهو فى حقيقته خسارة مائية على المستوى القومي. ولفت وزير الري إلى أنه على الرغم من أن محصول الأرز من المحاصيل الاستراتيجية إلا أنه يعتبر في نفس الوقت من المحاصيل الشرهة للمياه، فالاحتياجات المائية للفدان تتراوح من 5 آلاف إلى 8 آلاف متر مكعب (حسب أسلوب الزراعة شتلاً أو بدارا)، أي تزيد على ثلاثة أضعاف الاحتياجات المائية لمحصول آخر مثل الذرة، لذا فإن التوسع في زراعات الأرز في ضوء محدودية الموارد المائية من شأنه التأثير على الموارد المائية المتاحة لجميع القطاعات المستفيدة من المياه، ومنها قطاع الزراعة، خصوصًا وقد ارتفعت بشكل كبير احتياجات مياه الشرب لتصل إلى 9٫5 مليار متر مكعب مما يشكل مزيدًا من العبء على مواردنا المائية. ونبه إلى أنه لا توجد دولة فى العالم تعانى من شح مائى وتقوم بتصدير الأرز. فكل الدول المصدرة للأرز تتمتع بمصادر مائية سخية وخصوصًا الأمطار مثل الهند وباكستان وبنجلاديش، والأسلوب الأمثل لحسابات الربح والخسارة فى دولة محدودة الموارد المائية مثل مصر يجب أن يعتمد فى الأساس على الناتج من وحدة المياه، والاستفادة الفردية لا يمكن اعتبارها ربحًا خصوصًا لو حققت خسارة قومية. وأشار إلى أننا نحتاج إلى تعظيم الاستفادة من المساحة المنزرعة من خلال التوسع في زراعة المحاصيل النقدية التصديرية أو تلك المحاصيل التي يمكن إضافة قيمة لها عن طريق التصنيع، أما المحاصيل التي يمكن شراؤها من الأسواق العالمية بتكاليف تقل عن تكاليف إنتاجها محليًا فليس هناك ما يمنع استيرادها –إن احتاج الأمر- للمحافظة على الميزات النسبية للبلاد والتي تتمثل بشكل أساسي في توسط الموقع واعتدال المناخ ورخص الأيدي العاملة، مع المحافظة على حد أدنى من الاكتفاء الذاتي بالنسبة للمحاصيل الاستراتيجية. وأضاف أننا نحتاج أيضًا إلى تفعيل وتشجيع دور المزارعين في إدارة المنظومة المائية من خلال منظمات مستخدمي المياه، والتوسع في إنتاج أصناف المحاصيل قصيرة العمر، وهو ما يؤدي إلى تخفيض استهلاك المياه ويحقق زيادة في معدلات التكثيف المحصولي، والحد من زراعة المحاصيل الأخرى الشرهة للمياه مثل الموز وقصب السكر في الأراضي القديمة، والامتناع عن زراعة المحاصيل عالية استهلاك المياه في الأراضي الجديدة، وتنفيذ برنامج لتطبيق نظم الري الحديثة في كافة الأراضي الجديدة سواء الري بالرش أو الري بالتنقيط وتفعيل برامج الإرشاد المائى والزراعى للمزارعين.