بعد أيام من الانتصارات العسكرية المتتالية والمدوية ل"الدولة الإسلامية في العراق والشام" في العراق، خرج الناطق الرسمي باسمها، أبو محمد العدناني الشامي، ببيان صوتي به تهديد واضح للعاصمة العراقيةبغداد، كما للطائفة الشيعية في العراق ولأهم مقدساتها في مدينتي كربلاء والنجف. دعوة «للتواضع وللصفح» استهل أبو محمد العدناني، ابن بنش السورية والناطق الرسمي باسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بيانه الصوتي بحمد "الله الذي صدق بوعده وثبت عباده ونصر جنده وهزم الروافض – أي الشيعة – وحده". ثم "حمد الله... الذي جعل من أموالهم... وأسلحتهم للمجاهدين غنيمة". مؤكدا أن "الدولة الإسلامية" لا تتلقى الدعم أو التمويل من أية جهة دولية و"قد اجتمع الجميع عليها... فلم تنتصر الدولة من عدد ولا عدة، إنما بفضل الله وحده... وبإيمان... وصدق جنودها...الذين لم تغيرهم السجون... صبروا على الجوع والنقص والحرمان". ويشيد بجنوده الذين "صبروا في السجون والبيوت والجبال والوديان والصحراء...". أعاد وكرر العدناني في بيانه وعدة مرات كلمتين وهما "الدولة تنتصر"، ذلك قبل أن يذكر ويؤكد لجنوده أن "كل نصر هو من عند الله، ولا حول ولا قوة لكم إلا بالله، ابتعدوا عن الغرور وتعلموا من الدروس السابقة... إياكم أن تغتروا أو أن تستهينوا بعدوكم... إياكم أن تعجبوا بما منه الله عليكم من طائرات ودبابات و"هامرات" وأسلحة وذخائر... فليس بها تنصرون..."، بل بالتوكل على الله. ثم يقول لجنود وأمراء "الدولة الإسلامية"، متى دخلوا قرية، "لا تتفاخروا وتتباهوا... إقبلوا التوبة من من أرادها وكفوا عن من يكف عنكم وأعفوا عن أهلكم أهل السنة... أصفحوا عن عشائركم، ألا تحبون أن يغفر الله لكم...". ويذكرهم أنه "أحب إلى "الدولة الإسلامية أن "ينجو ألف كافر خطأ" على أن "يقتل مسلم خطأ...". وهذه دعوة واضحة وصريحة لمد اليد إلى سكان المناطق التي دخلتها وتدخلها "الدولة الإسلامية" وهذا ما تجلى في مدن كالفلوجة والموصل، وهنا يظهر سعي صريح إلى رأب الصدع الذي وجد ما بين العشائر السنية و"الدولة الإسلامية" في الحقبات السابقة، حيث كانت العشائر عماد ما يعرف بالصحوات وبإيعاز من وجهائها ومشايخها. إلا أن الحال تغير اليوم، والشباب الممتعض من سياسات رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، ومن شح الأموال التي كانت تصرف على هذه الصحوات، أدى إلى خروج شباب العشائر، الذي لم ينتفع من هذه المعادلة، عن طاعة مشايخه الذين بطبيعة الحال أجبروا على اللحاق بالركب. نعوة «الرأس المُدبر» لتمدد «الدولة الإسلامية» في العراق ينهي أبو محمد العدناني خطابه ب"نبأ استشهاد"، عدنان اسماعيل نجم - أبو عبد الرحمان الأنباري البيلاوي، الذي يصفه ب "بطل من الأبطال وقائد من القادة...من السابقين الأولين... من القدماء المُخضرمين... الموطدين لأركان الدولة الإسلامية". ثم يسرد العدناني سيرة الرجل الذي رافق أبو مصعب الزرقاوي وكان ساعده الأيمن قبل أن تقبض عليه سلطات الوصاية الأمريكية في وقتها وتودعه السجن حيث أمضى سنوات "في طلب العلم" وحيث كان أميرا "على إخوته"، قبل أن يخرج "في وقت عصيب على الدولة قبل نحو عامين". ويقول العدناني أن أبو عبد الرحمان ما لبث أن عاد وانخرط في العمل العسكري فور خروجه من السجن وأصبح بمثابة "مشرف عام يخطط للمعارك ويدير الغزوات"، مضيفا أن الرجل كان "المخطط والقائد للمعارك في الأنبار ونينوى وصلاح الدين والعقل المدبر للانتصارات الأخيرة". تهديد لبغداد... كما للنجف وكربلاء ورسالة لرئيس الوزراء العراقي ويطلب العدناني من جنود "الدولة" أن لا ينغروا وأن "يمضوا في جهادهم... وأن لا يلينوا لعدوهم، وأن يواصلوا زحفهم". قائلا إن الأمور ما زالت في بداياتها وأن "الوطيس لم يحم بعد... فلن يحمى إلا في بغداد وكربلاء فتحزموا – أي بالأحزمة الناسفة - وتجهزوا". ويطلب منهم أن لا يتنازلوا "عن شبر حرروه"، وأن يستمروا في زحفهم "على بغداد الرشيد بغداد الخلافة... لا تدعوهم يلتقطوا الأنفاس" يختم العدناني خطابه برسالة مباشرة إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي واصفا إياه ب"الأحمق وببائع الألبسة الداخلية"، سائلا إياه "ماذا فعلت بقومك يا أحمق وما أحمق منك إلا من رضي بك رئيسا وقائدا، تبقى بائع ملابس داخلية مالك والسياسة والقيادة العسكرية... لقد أضعت على قومك فرصة تاريخية في السيطرة على العراق". ثم يؤكد العدناني أن ل"الدولة الإسلامية" حساب تصفيه مع السلطات العراقية وإن هذا الحساب "الثقيل الطويل" لن تتم تصفيته "في سامراء أو بغداد إنما في كربلاء والنجف... أنتظروا إنا معكم منتظرون". يأتي بيان العدناني، الذي يتكلم باسم دولته وأميره أبو بكر البغدادي، مدويا كما كل بياناته السابقة، ويأتي تهديده مباشرا لا مواربة فيه. فهو يعد بحرب لا مهادنة ومداهنة فيها لا مع السلطات العراقية ولا مع من يساندها، ذلك بينما يستمر تقهقر القوات المسلحة العراقية وتقدم مقاتلي "الدولة الإسلامية" الميداني يوما بعد يوم لا بل ساعة بعد ساعة. ما يثير قلق عواصم القرار شرقا وغربا ويخلط أوراق وتحالفات الشرق الأوسط... برمتها.