385 ألف طالب في 1061 مدرسة ينتظمون بالدراسة بالإسماعيلية غدا    غدا، مزاد علني لبيع عدد من الوحدات التجارية والإدارية بدمياط الجديدة    أسعار الفينو والجبن والألبان عشية بدء العام الدراسي الجديد بالجيزة (صور)    وزير الخارجية: التصعيد في المنطقة سببه العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة    مراسلة القاهرة الإخبارية: انتهاكات الاحتلال لا تتوقف في الضفة الغربية    عبد العاطي يلتقي وكيلة السكرتير العام للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية    أكرم توفيق: جمهور الأهلي السند والداعم للفريق    وسام أبو علي: تأقلمت سريعا في الأهلي بفضل اللاعبين الكبار    المؤبد لمسئول ببنك وآخرين استولوا على نصف مليار جنيه فى الإسكندرية    التحريات تكشف ملابسات مصرع ابن المطرب إسماعيل الليثي في الجيزة: سقط من الطابق العاشر    هل ضربت الكوليرا مواطني أسوان؟ المحافظ يرد    إسعاد يونس تقدم أغاني مسلسل «تيتا زوزو»    مسلسل برغم القانون الحلقة 6، القبض على إيمان العاصي وإصابة والدها بجلطة    تجديد الثقة في المخرج مسعد فودة رئيسا لاتحاد الفنانين العرب بالتزكية    أحمد سعد يعود لزوجته: صفحة جديدة مع علياء بسيونى    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    تعرف على أهداف منتدى شباب العالم وأهم محاوره    حزب المؤتمر: منتدى شباب العالم منصة دولية رائدة لتمكين الشباب    موسم شتوي كامل العدد بفنادق الغردقة.. «ألمانيا والتشيك» في المقدمة    فصائل فلسطينية: استهداف منزلين بداخلهما عدد من الجنود الإسرائيليين ب4 قذائف    "علم الأجنة وتقنيات الحقن المجهري" .. مؤتمر علمي بنقابة المعلمين بالدقهلية    الحكومة تكشف مفاجأة عن قيمة تصدير الأدوية وموعد انتهاء أزمة النقص (فيديو)    تدشين أول مجلس استشاري تكنولوجي للصناعة والصحة    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    شروط التحويل بين الكليات بعد غلق باب تقليل الاغتراب    كاتبة لبنانية لإكسترا نيوز: 100 غارة إسرائيلية على جنوب لبنان وهناك حالة توتر    ندوات توعوية فى مجمعات الخدمات الحكومية بقرى حياة كريمة في الأقصر.. صور    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    صلاح يستهدف بورنموث ضمن ضحايا ال10 أهداف.. سبقه 5 أساطير    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف سنحل معضلات قانون الانتخابات التشريعية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 06 - 2014

أواجه فى عملى المهنى مشتغلا بالعلوم السياسية صعوبة كبيرة فى تفسير بعض ما يجرى فى مصر من أحداث، وسلوك من يقومون على إدارة الشأن العام فيها، ومع ذلك لا أظن أنه قد مر بالباحثين فى العلوم السياسية نموذج يحتارون فى تفسيره قدر حيرتهم فى تفسير ما خرج عن اللجنة المنوط بها إعداد قانون لانتخابات مجلس النواب القادم. وأظن أن ذلك هو وجه التميز الوحيد لهذا القانون. فهو لا يعكس أى رؤية سياسية، ولا يحقق دفعة لأى تطور سياسى فى مصر، ولا يحقق مصلحة أى حاكم، وفوق هذا كله يصعب تنفيذه على أرض الواقع.
طبعا أى قانون بهذه الأهمية لابد وأن يعكس رؤية سياسية محددة. فما الذى يبغى القانون تحقيقه. هل يهدف لتحقيق اللا استقرار الحكومى؟ هل يبتغى تشجيع الحياة الحزبية؟ هل سيدعم دور السلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية؟ تبحث عن أى من هذه الأهداف وتقارنها بنصوص القانون فلا تجد بينها صلة. طبعا ستكتشف أن القانون يسعى لترجمة بعض النصوص الدستورية إلى شروط للانتخاب بتوفير ضمانات بتمثيل كل الفئات التى نص دستور 2014 على ضرورة تمثيلها فى مجلس النواب تمثيلا مناسبا، ولكنه يفعل ذلك بطريقة تجعل من المستحيل الوفاء بهذه الشروط. وربما يكون غياب الرؤية السياسية هو بسبب تشكيل اللجنة التى وضعت القانون. فقد غلب فيها رجال القانون. ولا أنتقد رجال القانون، ولكن الذين يتصدون لمهمة مثل هذه، وهى مهمة سياسية فى المحل الأول، يجب أن يتمتعوا بالحس السياسى، ويدركوا معالم الواقع الذى يشرعون له. وهناك بكل تأكيد من رجال القانون من تتوافر فيهم هذه الخصائص. ومع ذلك أرى أن مهمة جليلة مثل وضع قانون السلطة التشريعية فى البلاد وفى مرحلة تحول نتمنى أن يؤدى إلى قدر من الديمقراطية لا يجب أن تودع بكاملها فى يد رجال القانون، وإنما لابد أن يكون من بين من يتولونها بعض رجال السياسة وعلماؤها وشخصيات عامة ذات خبرة بمثل هذه الأمور.
•••
ثم يتساءل القارئ لمواد هذا القانون هل سيؤدى إلى دفع التطور السياسى فى البلاد التى تعانى من هزالة الحياة الحزبية فيها فيشجعها، والتى تدفع ثمنا باهظا لسيادة الروح الفردية داخل نخبتها فيدفعها على طريق العمل الجماعى، ولكنها لا تجد فيه ما يوحى بذلك. وعلى العكس، ليس فقط لأنه يجعل الأغلبية الساحقة من أعضائه المنتخبين (80%) يأتون عن طريق النظام الفردى، وهو الذى أثبتت التجربة أنه هدية لأصحاب الأموال والعصبيات والتنظيمات السياسية واسعة الانتشار، ولكنه يسمح أيضا لمجموعات من الأفراد بمنافسة الأحزاب بتشكيل قوائم داخل هذه الأقلية من المقاعد التى خصصت لنظام القوائم، بل ابتدع هذا القانون أمرا لا تعرفه سوى النظم السلطوية، فبينما تتيح القوائم النسبية تمثيلا للأحزاب يقترب من حصتها من أصوات المواطنين، أخذ القانون بنظام القائمة مع الأغلبية المطلقة. أى أن القائمة التى تحصل على 51% من الأصوات فى دائرتها تبتلع كل مقاعد الدائرة. ولو افترضنا أن هناك حزبا كبيرا يستطيع أن يحصل على هذه النسبة فى أى من الدوائر الأربع المخصصة لنظام القوائم، فسوف يؤدى ذلك لاستبعاد كل الأحزاب الأخرى. ولك أن تتصور ما هو الحزب الذى يمكن أن يقترب من تحقيق هذه النسبة. هل هو حزب النور السلفى، أم حزب الإخوان المسلمين إذا ما سمح لهم بالعمل، أم من يسمون بالفلول؟ ليس الأمر بهذه السهولة كما سترى. ولكن حتى لو ظهر مثل هذا الحزب، فحصوله على هذه النسبة سيحرم 49% من الناخبين ممن صوتوا لصالح الأحزاب الأخرى أن يكون لهم تمثيل فى مجلس النواب. وينتهى الأمر بحزب واحد أو حزبين وتتحرك الأحزاب الأخرى سريعا على طريق الذبول.
•••
ولكن اسمحوا لى أعزائى القراء، من المشكوك فيه أن يتمتع أى حزب بالحرية فى تشكيل قوائمه لأن أى قائمة ملزمة بأن تترك ثلثى مواقعها للأقباط والعمال والفلاحين والشباب والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين بالخارج، ولاحظ أن عدد القوائم هو أربع، منها قائمتان يترشح على كل منهما خمسة عشر، وقائمتان يترشح على كل منهما خمسة وأربعون، على أن يكون من بين هؤلا سبع من النساء فى القائمتين الصغيرتين وإحدى وعشرون فى القائمتين الكبيرتين، وإذا كنت تلوم تخصيص نسبة خمسين بالمائة للعمال والفلاحين اعتقادا منك أن المقصود بها تحجيم وجود الشخصيات العامة فى مقاعد السلطة التشريعية فهذا هو بالضبط ما يؤدى إليه هذا القانون، فيقصر الشخصيات العامة غالبا على ثلث كل قائمة، وهى الشخصيات التى تجد صعوبة فى المنافسة على المقاعد الفردية مع أصحاب المال والعصبيات، وتجد ملاذها فى القوائم الحزبية. سوف تشكل هذه الشروط تحديا كبيرا لأحزابنا الناشئة، ولو أوفى بها واحد أو اثنان منها لما أوفى بها معظمها. وكيف يمكن لها أن تدير حملاتها الانتخابية فى دوائر القوائم الواسعة وبهذا العدد الكبير من المرشحين؟.
•••
وقد تتصور أن واضعى هذا القانون كانوا يريدون خدمة الحاكم، رئيسا للجمهورية أو رئيسا للوزراء. ليس هذا هو ما سيترتب على هذا القانون. فمع استحالة ظهور أغلبية حزبية متماسكة يستند إليها رئيس الوزراء الذى لابد أن يحصل على الثقة من المجلس حتى يستمر فى منصبه، ويعتمد عليها فى إقرار سياساته، سيجد أمامه جمعا غير متجانس. صحيح هو يمثل فئات عديدة من الشعب، وإن كانت سطوة الثروة والعصبية هى الغالبة بينهم، إلا أن هذا الجمع لا يلتقى عدد كاف منه على رؤية واحدة أو توجه مشترك يمكن أن يكون سندا لصانع السياسات، وإنما ستتحدد مواقف معظمهم بحسب ما يحقق مصالحهم الضيقة، وما يعزز شعبيتهم فى دوائرهم الانتخابية القصيرة.
هذا القانون هو نموذج آخر لنمط صنع السياسات فى الغرف المغلقة، بعيدا عن فهم الواقع، وباستهجان أى مشاركة ممن يعنيهم الأمر سواء من الساسة أو المواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.