ألقت النتائج شبه النهائية للانتخابات الرئاسية، التى أشارت إلى اكتساح المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى، بظلالها على رؤية القوى السياسية لمستقبل مصر، وشكل البرلمان القادم، الذى ستشكل أغلبيته الحكومة الجديدة، التى تتولى تنفيذ البرنامج الانتخابى للرئيس. من جهته، قال عضو المكتب السياسى لحزب المصريين الأحرار، محمود العلايلى، وأحد الداعمين للسيسى فى الانتخابات الرئاسية، إن «الحزب سيسعى للفوز بكتلة برلمانية مؤثرة، لتشكيل الحكومة من خلال التنسيق الانتخابى مع الأحزاب الأخرى الداعمة للسيسى، سواء على نظام القوائم أو الفردى». وأضاف فى تصريحات ل«الشروق»، أن «الحزب بدأ تحركاته لتشكيل الظهير السياسى للسيسى، وهو يتواصل مع بعض الأحزاب والأفراد حاليا، لتشكيل تحالف انتخابى، يراعى أن الاختلافات بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لأنها ستتطلب خوض معارك شخصية، وفقا لظروفها». وحول إمكانية التنسيق مع النواب السابقين بالحزب الوطنى المنحل، قال العلايلى إن «الحزب سينسق مع كل الأفراد ممن لديهم خبرة برلمانية تفيد الحياة التشريعية، بغض النظر عن الانتماءات السياسية لهم، لأن الاستحاق البرلمانى سيكون الأهم فى تاريخ مصر، نظرا لآلاف التشريعات التى ينتظرها منه المصريون، وهى تشريعات مكملة للدستور»، مؤكدا أن أبواب الحزب مفتوحة لأصحاب الكفاءات والشعبية، وسيضم أصحاب الخبرات التشريعية، حتى لو كانوا من المنتمين للحزب الوطنى. وفى المقابل، قال المتحدث الرسمى لحزب الدستور، خالد داود، الداعم للمرشح السابق حمدين صباحى، إن «إعلان صباحى عن تشكيل ائتلاف معارض أصبح واقعا ملموسا، ومن المقرر أن يضم التحالف جميع الأحزاب والقوى الداعمة له، وستخوض معركة البرلمان، بشرط تعديل نسب النظام الانتخابى المقترحة فى مشروع القانون، لأننا لسنا متفائلين بالاقتراح الحالى، والحوار المجتمعى الصورى الذى يجرى عليه، فى ظل تجاهل اللجنة التى أعدته لمطالب الأحزاب بزيادة نسبة القوائم». وأعرب داود عن أمله أن «تأخذ اللجنة بآراء الأحزاب، حتى تكون بداية صفحة جديدة لقانون عادل، لإجراء انتخابات برلمانية تنافسية، ولا يكون هناك تراجع فى المشاركة، لأن الناس إذا ما شعرت بأن أصواتها لا تمثل فارقا، لن تنزل الانتخابات مجددا»، لافتا إلى أن «الإبطال فى الانتخابات الرئاسية كان ممنهجا، كشكل احتجاجى». ومن جهته، قال نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وحيد عبدالمجيد، إن «معدلات التصويت فى الانتخابات الرئاسية تراوحت بين الإقبال الضعيف والمتوسط، وهذا أثر على نتائجها، لأن القاعدة تقول إنه: كلما زاد عدد المشاركين فى الانتخابات، قل الفارق بين المرشحين، والعكس صحيح، وهو ما حدث، فالأعداد كانت قليلة، لذلك كان الفارق واسعا بين المرشحين». وحول الانتخابات البرلمانية المقبلة، قال عبدالمجيد، إنه «باستثناء التحالف الجارى بين شركاء حملة صباحى، فإن نظام الانتخاب المطلوب فرضه، لا يسمح بالتحالفات الحزبية، نظرا للأخذ بأغلبية النظام الفردى مع القوائم المغلقة، وهو ما سيكون مقيدا لوجود عدد كبير من الدوائر الفردية، التى بها مقعد وحيد»، معتبرا أن «مجلس النواب المقبل سيكون أحد أسوأ البرلمانات فى تاريخ مصر، سواء من حيث نسبة المشاركة فى انتخاباته، أو تركيبته». وحذر من سيطرة أصحاب المصالح الخاصة على تركيبة البرلمان، مؤكدا أن «أصحاب المصالح لا يقتصرون على رجال الأعمال، ولكن يضمون فئة واسعة بالمجتمع من أصحاب النفوذ، والعصبيات، والقدرة على الحشد فى مناطقهم المحلية، وستكون هذه الانتخابات أقرب إلى انتخابات المحليات منها إلى البرلمان»، مشيرا إلى أن «الجماعات السلفية سيكون لها نصيبا من مجلس النواب المقبل، لتحالفها مع أصحاب المصالح، فى ظل عزوف الشباب، وتضاءل فرصهم مستقبلا». ووصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، المشير عبدالفتاح السيسى ب«الشخصية القادرة على إعادة رصد الخريطة السياسية»، خصوصا أن «القطاع العريض من الشعب يعول عليه آمالا كبيرة»، على حد قوله، لافتا إلى أن «السيسى يدرك أهمية البرلمان المقبل، وأن عليه التنسيق الكامل مع أغلبية البرلمان التى ستشكل الحكومة، لأن الدستور أعطى الرئيس صلاحيات محددة، وليست مطلقة، فيما أعطى لرئيس الحكومة صلاحيات موازية». وأضاف: «يتعين على الأحزاب التى المؤيدة للسيسى التنسيق مع الشخصيات العامة الأخرى المؤيدة له، والراغبة فى الترشح، بحيث يمكن تشكيل أغلبية برلمانية يستطيع التعامل معها، وتكون ظهيرا سياسيا لتنفيذ برامجه»، مشيرا إلى أن «النظام الفردى فى الانتخابات قد يعيد رموز شبكة المصالح المرتبطة بالنظام القديم، وهنا ستكون مشكلة كبرى أمام المشير، وبداية لطريق لفشله، إذا لم يتداركها».