أصوات المبطلين هو الرقم الصعب فى معادلة الانتخابات الرئاسية الحالية بعدما جاءت فى المرتبة الثانية بعد المرشح الفائز عبدالفتاح السيسى، بنسبة تجاوزت 4% من إجمالى الأصوات. فى محاولة لفهم النسبة ودلالتها عادت «الشروق» إلى الانتخابات الرئاسية فى 2012، وخاصة لنتائج جولة الإعادة التى كان التنافس فيها بين أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء فى عهد مبارك، ومحمد مرسى، المرشح عن جماعة الإخوان المسلمين. اللافت للنظر أن انتخابات 2014 تفوق فيها عدد المبطلين على انتخابات 2012، التى شهدت حملات متعددة تدعو لإبطال الأصوات فى جولة الإعادة التى تنافس فيها مرشح اعتبره قطاع من المصريين ممثلا لدولة مبارك، ومرشح آخر ممثلا لجماعة دينية. نسبة المبطلين فى الجولة الثانية فى انتخابات 2012 بلغت 3.2% بواقع 843.252 ألف صوت، بينما كانت النسبة أقل بطبيعة الحال فى الجولة الأولى التى كان يتنافس فيها 13 مرشحا، ووصل عدد المبطلين إلى 406.720 ألف صوت. انتخابات 2014 لم تشهد دعوات وحملات قوية تحشد لإبطال الصوت، فيما تبنت جماعة الإخوان المسلمين وما يسمى تحالف دعم الشرعية دعوات للمقاطعة لما أسموه «انتخابات الدم»، فى الوقت نفسه قاطع بعض الحركات الثورية الانتخابات مثل حركة 6 أبريل. نسبة المبطلين المفاجئة فى انتخابات 2014 تطرح الكثير من التساؤلات خصوصا بعد مطالعة النسب المختلفة فى المحافظات والتى وصلت فى القاهرة إلى أكثر من 166 ألف صوت باطل، من إجمالى 3 ملايين و428 ألف صوت. القاهرة احتلت النسبة الأكبر فى عدد الناخبين والمبطلين بموجب الكثافة السكانية، فيما تلتها محافظة الإسكندرية التى شهدت وجود أكثر من 80 ألف صوت باطل فى الوقت الذى يصل فيه إجمالى عدد الناخبين إلى أكثر من مليون و600 ألف صوت، ووصل العدد فى الجيزة إلى أكثر من 78 ألف صوت باطل. النسبة الأعلى للأصوات الباطلة فى الصعيد جاءت فى محافظة المنيا، التى شهدت أعمال عنف منذ 30 يونيو واستمرت فى بعض قراها مثل «دلجا»، وتتجدد أزماتها مع أحكام الإعدامات التى أصدرتها محكمة جنايات المنيا، ووصل عدد الأصوات الباطلة بها إلى أكثر من 57 ألف صوت. محافظة الشرقية، مسقط رأس الرئيس المعزول، محمد مرسى، بلغت نسبة الأصوات الباطلة بها أكثر من 66 ألف صوت، وهى أعلى نسبة فى محافظات الوجه البحرى، يليها البحيرة 60 ألف صوت. شمال سيناء التى أصبحت بقعة للحرب على الإرهاب، عانى أهلها من الجماعات الجهادية ومن انتهاكات الجهات الأمنية، وصلت نسبة الأصوات الباطلة بها إلى 5712 صوتا. وفى تعليقه، قال جمال عبدالجواد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، «هؤلاء الناس قرروا إرسال رساله مهمة من خلال إبطال الصوت»، موضحا أنهم غير مقتنعين بقواعد اللعبة، وأشار إلى وجود بعض العبارات الساخرة، التى كتبها المبطلون على بطاقات التصويت، والتى تؤكد عدم تبنيهم اتجاها سياسيا محددا وأنهم من الجمهور العادى. واعتبر عبدالجواد أن نسبة الأصوات الباطلة مؤشرا على أن أساليب الشحن الإعلامى والتعبئة العامة لا تجدى مع قطاع كبير من الجماهير، مضيفا: «عندما يذهب أكثر من مليون شخص للصناديق متحملين مشقة الطوابير وحرارة الجو لتوصيل رسالة معينة تفيد عدم اقتناعهم بالعملية السياسية فلابد أن نأخذ الأمر بجدية». أما دكتور إبراهيم عوض، أستاذ السياسات العامة بجامعة القاهرة، فقال: «نسبة المبطلين مرتفعة وهذا دليل على عدم قبول قطاع من الناخبين أيا من المرشحين، بالإضافة لجزء من الممتنعين عن التصويت». لم يحمل عوض السلفيين نتائج إبطال التصويت مثلما ردد البعض، وأضاف «السلفيون لم يشاركوا بكثافة ولهم سوابق فى الاستفتاء وفى التخلى عن دعم أبو الفتوح فى 2012». دكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية قال إن «الناخبين لا تعنيهم الخيارات ولا يعجبهم السيسى أو صباحى»، مضيفا: «لكنه ليس ضد يونيو، بل لا يعجبه الخيارات المقدمة».