المالكى يبحث عن ولاية ثالثة فى انتخابات الغد وسط انقسامات طائفية متزايدة وأعمال عنف متصاعدة معارضو رئيس الوزراء الشيعة يتهمونه بالاستبداد.. والسنة يتهمونه بتهميشهم والانقضاض على قياداتهم تحالفات ما بعد النتائج ستحدد شكل الحكومة.. وحزمة تحديات أمنية ونفطية واجتماعية تنتظرها وسط انقسامات طائفية متزايدة وأعمال عنف متصاعدة، من المقرر أن يدلى أكثر من 21 مليون ناخب عراقى بأصواتهم، غدا الأربعاء، فى أول انتخابات برلمانية منذ الانسحاب الأمريكى نهاية 2011. ويضع رئيس الوزراء، نورى المالكى (شيعى)، الذى يحكم البلاد منذ 2006، ثقله السياسى فى هذه الانتخابات، محاولا العبور نحو ولاية ثالثة، على رأس الحكومة، رغم اتهامات خصومه له بالتفرد بالحكم والعجز عن الحد من الفساد وتحسين الخدمات، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وتلقى الهجمات التى يتعرض لها المرشحون وموظفو لجان الانتخابات وأفراد الكيانات السياسية، بظلال ثقيلة على الانتخابات التى تجرى فى وقت تخضع مدينة الفلوجة (60 كلم فقط من بغداد) لسيطرة تنظيمات متشددة منذ بداية 2014. وقتل أمس، 25 جنديا وشرطيا، وأصيب نحو 50 شخصا آخرون بجروح، فى سلسلة هجمات، بينها خمسة تفجيرات انتحارية، استهدفت أفرادا من القوات العراقية فى يوم إدلائهم بأصواتهم فى الاقتراع الخاص بهم. وفى ظل تصاعد أعمال العنف منذ أكثر من عام، قررت السلطات منح أفراد القوات المسلحة والشرطة (أكثر من مليون عنصر) حق التصويت، أمس الإثنين، ليتسنى لهؤلاء التفرغ لحماية الانتخابات غدا، فيما منحت الموظفين الحكوميين عطلة بدأت الأحد وتنتهى الخميس المقبل، بينما أدلت الجاليات العراقية فى الخارج بأصواتها يومى الأحد والإثنين. وبحسب ايهم كامل، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى مجموعة «يوراسيا» الاستشارية، فإن «أى حكومة مستقبلية ستكون فى مواجهة جدية مع التحديات بالعراق، وهى تحديات تبدأ من الأمن، إلى النفط، وصولا إلى العلاقات الاجتماعية مع السنة والشيعة والأكراد، بجانب الوضع الاقتصادى». ورغم ان الناخبين يشكون من النقص فى الكهرباء والبطالة والعنف اليومى، الذى يحصد أرواح العراقيين اينما تواجدوا وبطريقة عشوائية، فإن الانتخابات تدور أساسا حول المالكى نفسه (63 عاما)، واحتمال توليه رئاسة الحكومة لولاية ثالثة. ويتعرض المالكى إلى انتقادات من قبل خصومه الشيعة، الذين يتهمونه بالاستبداد، ويحاولون اختراق القاعدة الجماهيرية التى تؤيده، وكذلك إلى انتقادات من قبل السنة، الذين يتهمونه بتهميشهم والانقضاض على قياداتهم. لكنه يلقى باللوم فى التدهور الأمنى على التدخلات الخارجية، وخصوصا تلك الآتية من دول مجاورة، (اتهم السعودية وقطر) شاكيا من العرقلة التى تلقاها المشاريع المطروحة داخل حكومة الوحدة الوطنية من قبل خصومه السياسيين الذين يحتلون مقاعد فيها. وبحسب محللين ودبلوماسيين، فإن المالكى يبقى رغم ذلك المرشح الأوفر حظا، ومن غير المتوقع فوز أى كيان سياسى بالأغلبية المطلقة، ما قد يعنى أن التحالفات السياسية، بعد الاقتراع، هى التى ستحدد هوية الحكومة. ويواجه ائتلاف «دولة القانون»، بزعامة المالكى، منافسة من قبل ائتلافات شيعية اخرى فى وسط وجنوب العراق على رأسها الكتلة السياسية المقربة من الزعيم الشيعى مقتدى الصدر، والكتلة التى يقودها رئيس المجلس الأعلى الإسلامى عمار الحكيم، ويتنافس نحو 9200 مرشح، يمثلون 107 قوائم انتخابية، منها 36 ائتلافا سياسيا و71 كيانا سياسيا، أبرزها دولة القانون، وكتلة المواطن، وكتلة الأحرار، ومتحدون للإصلاح، والعراقية العربية، والكردستانية، على مقاعد البرلمان ال325 مقعدا، بحسب وكالة الأناضول. ويتوجه الناخبون العراقيون إلى صناديق الاقتراع فى معظمهم لانتخاب ابناء طائفتهم، فى ظل انقسام طائفى متزايد تعمق هوته الحرب الدامية فى سوريا المجاورة التى استقطبت مقاتلين عراقيين اليها، بعضهم يقاتل إلى جانب النظام، واخرون يقاتلونه. فى مقابل كل ذلك، تبقى معدلات ضخ النفط المرتفعة أحد أبرز الإنجازات التى حققتها حكومة المالكى، ودرت على البلاد أموالا طائلة، إلا أن هذه الأموال بقيت بعيدة عن توظيفها الصحيح حيث إنها لم تساعد على توفير الوظائف وتحسين الخدمات فى وقت يشكو المواطنون من عمليات هدر واسعة وفساد غير مسبوق وضع العراق فى أعلى لائحة الدول الأكثر فسادا التابعة لمنظمة الشفافية الدولية.