• 5 شركات سياحية كبرى تحتكر تنظيم رحلات حج الأقباط إلى القدس.. و5 آلاف يسافرون العام الحالى • أحد الحجاج: نفسى أشوف قبر المسيح قبل موتى.. وقالوا لى إن البابا يسامح كبار السن «نفسى أشوف قبر المسيح قبل ما أموت، وأصحاب الشركة قالوا لى إن البابا يسامح كبار السن على سفرهم إلى القدس»، قالها رجل مسن فى مصعد إحدى العمارات، أثناء توجهه لتسلم أوراق سفره إلى القدس، من إحدى شركات السياحة العاملة، التى تعمل فى تنظيم رحلات حج للمسيحيين، خلال أسبوع الآلام، الذى يبدأ غدا. ما بين الرغبة فى السير على طريق الجلجثة، الذى سار عليه المسيح، وبين الجملة الشهيرة للبابا شنودة الثالث، التى قال فيها «لا حل ولا بركة لمن يسافر»، وقف الرجل حائرا، قبل أن يجيب بكلمات مقتضبة على سؤالنا له حول تحريم الكنيسة للسفر إلى القدس، «ربنا يسامحنى، أنا رجل كبير فى السن، ونفسى أزور القدس قبل ما أموت، وأخبرونى فى الشركة هنا أن البابا يسامح كبار السن على سفرهم إلى القدس». «الشروق» دخلت إحدى الشركات السياحية الكبرى العاملة فى مجال سفر الأقباط إلى القدس، وما بين أجواء مرتبكة، وأذهان شاردة، كان الجميع مشغولا بإنهاء إجراءات سفر الفوج الأول، الذى انطلق أمس الجمعة، وفى وسط هذه الأجواء، لم تكن السعادة تفارق ملامح الأشخاص الذين توافدوا على مقر الشركة، لتحقيق أملهم، وتظهر هذه السعادة عندما يمزح أحد منظمى الرحلات قائلا: «اسمع الكلام يا مقدس مقدما»، فيأتيه الصوت الملىء بالفرحة «أخير سأكون مقدس بجد». يقول صاحب إحدى الشركات المنظمة للرحلات إلى القدس، صبرى راغب، إن «عدد المسيحيين الذين سيسافرون إلى القدس، خلال العام الحالى، يبلغ 5 آلاف شخص»، موضحا أن «هناك 5 شركات تحتكر تنظيم الرحلات إلى القدس، منها شركات يمتلكها مسلمون، كما أن معظم المسافرين من طوائف مسيحية غير أرثوذكسية، وجميعهم يرفض ختم جواز سفره بخاتم إسرائيلى». ورغم تصريحات البابا شنودة الثالث، وخليفته البابا تواضروس الثانى، التى ترفض سفر الأقباط إلى القدس، إلا أن راغب يرى أنه لا يخالف تعليمات البابا وتعاليم الكنيسة، مؤكدا «أسافر إلى القدس سنويا، وأرسل أسماء الراغبين فى السفر إلى الأمن، الذى يضع ضوابط مشددة، ويرفض سفر الأقل من 44 عاما، كما يطلب موافقة كتابية من الكنيسة، وهو ما ترفضه الكنيسة الأرثوذكسية، فنضطر إلى اللجوء للكنائس الأخرى التى لا تمنع الحج للقدس، مثل الإنجيلية والكاثوليكية، ونضع أسماء الأقباط الأرثوذكس وسط الأسماء الأخرى، فلا يستطيع الأمن التمييز بينها». ومن جهته، يرفض يوسف راغب، شقيق وشريك صبرى راغب فى الشركة السياحية، اتهامه وشقيقه بالتطبيع مع إسرائيل، قائلا إنه يزور السجين وليس السجان، مؤكدا أن «سفر الأقباط للقدس ينتظره الفلسطينيون، لأنه مصدر رزقهم، كما أن أغلب المسافرين يرفضون التعامل مع الإسرئيليين، ولم يتبقى أمامنا سوى السياحة الدينية، بعدما تدمر سوق السياحة بالكامل». ويوضح أن «سعر رحلة الحج إلى القدس هو 7 آلاف جنيه»، كما وجه انتقادات إلى المعترضين على سفر الأقباط إلى القدس، وأشار إلى أن «أحد الأقباط الذين سافروا إلى القدس فى عام 1997، واعتذر بعدها للبابا شنودة الثالث، يسافر فى هذا العام، لأنه لا يستطيع حرمان نفسه من زيارة الأماكن المقدسة، فسفر الأقباط إلى القدس، مثل سفر المسلمين للحج، ويكفى حرمانهم من زيارة الأماكن المقدسة لأكثر من 40 عاما». ومقابل رفض الكنيسة الأرثوذكسية للسفر إلى القدس، توافق الكنيسة الكاثوليكية والإنجيلية، ويقول المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، الأب رفيق جريش، إن «الأماكن المقدسة لا دخل لها بالأمور السياسة، وترفض الكنيسة الكاثوليكية حرمان شعبها من السفر إلى أماكن مقدسة عاش فيها المسيح، من أجل أمور سياسية، لذلك توافق على منح التصريحات المطلوبة من الأمن لسفر الأقباط إلى القدس». وطالب رئيس مجلس الإعلام والنشر بسنودس الإنجيلى، القس رفعت فكرى، الكنيسة الأرثوذكسية بإعادة النظر مرة أخرى فى موقفها الرافض لسفر الأقباط إلى الأماكن المقدسة فى القدس، واصفا ذلك بأنه تدخلا من جانبها فى السياسة، وأضاف «لابد من سفر الأقباط إلى القدس من أجل الفلسطينيين، بدلا من مقاطعتهم، ويتحول التضامن معهم إلى معاقبتهم». ويقول شاكر جرجس، أحد الأقباط الذين سافروا إلى القدس من قبل، إنه سافر بسبب رغبته فى مشاهدة الأماكن التى سار فيها المسيح، موضحا: «كنت أرى الأحداث التى يذكرها الإنجيل فى الواقع، ولكن عندما عدت عاتبنى راعى كنيستى، وأقنعنى أن سفرى يؤذى صورة الكنيسة فى المجتمع، ويؤدى إلى الاحتقان بين المسلمين والأقباط، كما يستغل المتطرفون ذلك الأمر فى إشعال الفتنة، وعاقبنى الكاهن بعدم تناول الأسرار المقدسة، وحضور القداس لمدة معينة نظرا لكبر سنى». كان البابا شنودة الثالث، أجاب عن سؤال حول رأيه فى المسافرين إلى القدس، قائلا «أدعو الأقباط المتشوقين إلى زيارة القدس لضبط النفس، وعدم الاندفاع العاطفى، لأن الوقت المناسب لم يحن بعد، وفى مصر الكثير من الأماكن المقدسة التى يمكن التبرك بها، أما القدسالمحتلة فيجب ألا نندفع عاطفيا نحو زيارتها، دون النظر إلى البعد الوطنى والسياسى، والسلام غائب فى تلك المناطق، وما زال شعبها الفلسطينى يعانى من ويلات الاحتلال الإسرائيلى وقهره، ومن الصعب التراجع عن قرار الحظر فى المرحلة الراهنة، ما لم يتم التوصل إلى السلام الشامل والعادل، لأن السماح للأقباط سيدفع بمئات الآلاف منهم إلى زيارة الأراضى المقدسة، خاصة فى عيد القيامة، ما يروج للاقتصاد الإسرائيلى، ويؤدى إلى إساءة العلاقات بين الأقباط والأشقاء العرب». واختتم البابا الراحل كلامه قائلا: «لا حل ولا بركة لمن يسافر»، ما اعتبر «فيتو» من البابا يخشى الكثير من الأقباط كسره، لأن الجملة تعنى أن المسافر إلى القدس يرتكب معصية، ويفعل شيئا خاطئا، ما يجعل من حق الكاهن تطبيق العقوبة عليه، مثل الحرمان من سر التناول، وبعد وفاة البابا شنودة، وتولى البابا تواضروس الثانى الكرسى البابوى، سار على نهج سلفه، مؤكدا رفضه زيارة الأقباط القدس، لأن «التطبيع بين مصر وإسرائيل حكومى، ولم يرتق إلى المستوى الشعبى كاملا، لذلك لا يصح أن ينفرد جزء من الشعب، وهم الأقباط، بهذا التطبيع دون إخوانهم المسلمين». ومع إصرار الكنيسة على حظر السفر إلى القدس، يتمسك الكثير من الأقباط بتحقيق حلمهم، حتى لو بتحدى التعليمات الكنسية، فالرحلة إلى القدس بالنسبة لهم، هى تجسيد لأسبوع الآلام الذى يحتفل به المسيحيون، فى نفس الأماكن التى شهدت حياة المسيح، ووقائع صلبه، بحسب المعتقدات المسيحية، وتبدأ الرحلة إلى القدس فى أحد الشعانين، وبعد زيارة المدينة يتوجه الحجاج إلى طريق جبل الزيتون، لحضور قداس الشعانين فى كنيسة القيامة، ثم المشاركة فى زفة لجميع الطوائف المسيحية بشوارع القدس. كما يزور الأقباط خلال الرحلة كنيسة الدمعة، التى بكى فيها المسيح، وبعدها يزورون كنيسة الشهيد اسطفانوس، أول شهيد فى المسيحية، ويعتبر يوم الجمعة العظيمة التى تواكب ذكرى الصلب، أساس الرحلة، ويبدأ اليوم من الساعة التاسعة صباحا، بأن يتوجه المسيحيون إلى كنيسة القيامة، والمرور بمراحل الآلام ال14، التى مر بها المسيح، فى أكثر من مكان، وبعدها يتجولون فى القدس القديمة، حيث قبر دواد النبى، وبيت مار مرقص الرسولى، مؤسس المسيحية فى مصر، وفى سبت النور، يجتمع الأقباط أمام قبر المسيح، قبل العودة إلى مصر فى اليوم التالى.