العلاقات المصرية القطرية وصلت إلى أسوأ حالاتها تقريبا منذ استقلال الإمارة الخليجية الصغيرة عام 1971، وبحكم الأمر الواقع فإن كلا من القاهرةوالدوحة استدعيتا سفيريهما من دون إعلان رسمى. كانت «الشروق» على علم بخبر استدعاء سفيرنا لدى الدوحة منذ حوالى أسبوعين ولم تنشر وقتها حتى لا يزداد الوضع اشتعالا، لكن وبعد أن صار الأمر معلنا، توجهنا إلى وزير الخارجية نبيل فهمى المسئول الأول عن هذا الملف فى مصر لإزالة كل ما يحيط به من غموض. بالصدفة وخلال جولة الوزير فهمى الأوروبية التى شملت إيطاليا وألمانيا ويفترض أن تنتهى بهولندا اليوم الخميس أجرت «الشروق» هذا الحوار مع الوزير. وما بين مطار القاهرة وفندق جراند فى روما وفندق أدلون الملاصق لبوابة براندبيرج التاريخية فى برلين جرت وقائع هذا الحوار الشامل مع وزير الخارجية نبيل فهمى والذى ننشر جزأه الأول اليوم عن الملف الملتهب وهو العلاقات المصرية القطرية فى حين يركز الجزء الثانى على طبيعة وحقيقة العلاقات المصرية الأوروبية خصوصا بعد الجولة التى شملت عواصم فاعلة فى قارة أوروبا. نبيل فهمى شخص هادئ مرتب الأفكار واثق من قدرة مصر على الانتصار دبلوماسيا فى أى مواجهة بشرط أن نرتب بيتنا من الداخل جيدا ونقنع العالم بمواقفنا السليمة. وهو لا يؤمن بنظرية الصوت العالى والصراخ فى التعامل مع أى ملف مهما كانت درجة سخونته. الوزير أيضا دبلوماسى محترف ولد فى بيت عريق فى الدبلوماسية فوالده هو إسماعيل فهمى كان وزير خارجية مصر فى مرحلة تاريخية مهمة واستقال من منصبه احتجاجا على زيارة أنور السادات للقدس المحتلة فى نوفمبر 1977. والى نص الحوار. • ما الذى أوصل علاقتنا مع قطر إلى هذا المستوى غير المسبوق من التردى؟. هناك غضبة مصرية على المستويين الشعبى والرسمى من قطر بسبب مواقفها من 30 يونيو وربما قبل ذلك. الحكومة القطرية قدمت لنا تعهدات بتأييد مصر وشعبها وثورتها. وسمعت وتابعت تصريحات وزير الخارجية القطرى خالد العطية فى هذا الصدد منذ أيام قليلة لكن هناك واقعا على الأرض وتراكم سياسات وتصريحات رسمية وغير رسمية من داخل قطر إضافة إلى ما يرتبط بقناة الجزيرة وما تبثه ضد مصر. والأمثلة كثيرة على قضايا يجب اتخاذ قرار سياسى فيها. هناك أيضا ما يترتب على الإساءة لمصر من تداعيات على العلاقة بين البلدين ومنها مطالباتنا المستمرة بتسليم بعض المتهمين فى قضايا منظورة امام القضاء المصرى. • هل طلبتم رسميا تسليم هؤلاء المتهمين؟. نعم حدث بالفعل ولم يرد علينا الجانب القطرى حتى الآن ولا نزال ننتظر منهم مواقف محددة بشأن قضايا أثيرت معهم تتعلق بالأمن وقضايا جنائية مختلفة. وقد نقلنا هذا الموقف صراحة إلى الجانب القطرى وشخصيا نقلت هذا الموقف إلى خالد العطية عدة مرات بدءا من الخريف الماضى وآخر مرة كانت منذ أقل من شهر. • وما الأوراق التى يمكن لمصر استخدامها فى مواجهة الموقف القطرى؟ استدعينا السفير القطرى إلى مقر وزارة الخارجية وأبلغناه رفض مصر الشديد لتصريح وزير الخارجية الذى تحدث فيه عن شأن داخلى مصرى كما كلفنا سفيرنا فى الدوحة بنقل نفس الموقف للخارجية القطرية. ثم إن سفيرنا لدى الدوحة محمد مرسى موجود الآن فى القاهرة، وإلى جانب تحركاتنا العلنية هناك اتصالات عبر قنوات أخرى مع أطراف عربية عديدة وكذلك مع الجانب القطرى نفسه سعيا لتصويب الأمور لأنها لا يمكن أن تستمر على ما هى عليه طويلا. وبالفعل رصدنا بعض الإشارات القطرية التى تبدو إيجابية فى بعض الأوقات إلا أننا وجدنا تصرفات سلبية تتجاوز كثيرا أى مؤشر إيجابى وتجعل من الصعب البناء على تلك المؤشرات الإيجابية. ولذلك فالمطلوب موقف قطرى واضح يراعى المصالح المصرية ويتخلى عن كل ما يضر بها. • كيف تفسر الموقف القطرى من مصر؟. أفضل الحديث عن معلومات محددة وليس تخمينات ولا تحليلات، لكن هناك نقطة مهمة جدا أشرت إليها فى بداية الظرف الحالى وهى أن المسألة لا ترتبط بعلاقات ثنائية بل بتوجه قطرى فى المنطقة، وكذلك الموقف الذى نريد ان تتخذه الدوحة فى العالم العربى، والدليل على حسن تقديرنا فى هذا الخصوص أن هناك أسئلة كثيرة من مسئولين عرب فى اتصالاتهم معنا عن قطر وخلافاتها ومواقفها من ليبيا وسوريا واليمن ومعظم بلدان الخليج. اذن هناك سؤال جوهرى عن قطر عليها أن تجيب عليه أولا بوضوح قبل الحديث عن أى تقارب. فبقدر تمسكنا نحن بعروبتنا ووضع ذلك فى الاعتبار عند التعامل مع ملف علاقتنا بأى دولة عربية، فإننا نرى أن استمرار هذا السلوك القطرى يهدد العلاقات العربية بالتفتت والتوترات نحن فى أمس الحاجة فيها إلى التعاون والتكاتف بسبب ما تتعرض له المنطقة من أخطار داخلية وخارجية. • ما هى الخطوة التالية؟ المسألة انتقلت من مرحلة الشكوى ورفض الموقف إلى مرحلة المصارحة الكاملة ثم إلى مرحلة تقييم تداعيات استمرار الموقف على مصالحنا على المدى القصير والطويل مصريا وعربيا والرد على هذا الموقف. • هل خاب أملكم فى الموقف القطرى؟. من دون شك فنحن نشعر بخيبة أمل كبيرة من الموقف القطرى لأننا عندما ننظر إلى علاقتنا مع أى دولة عربية فإننا نتوقع منها الافضل ومراعاة مصالحنا تماما كما نلزم أنفسنا بمراعاة مصالح الأشقاء العرب تقديم أفضل ما لدينا لهم. ولكن ما يحدث من قطر جعلنا فى موقف يفرض علينا أن يتحمل كل طرف مسئوليته لأن صبرنا كاد أن ينفد. • هل هناك جديد بشأن علاقتنا المتوترة مع تركيا؟ لا جديد.. هناك هدوء إلى حد كبير ولا توجد أطراف وسيطة بيننا ولا يوجد ما يبرر التراجع عن الخطوات التى تم اتخاذها فى وقت سابق وكذلك لا يوجد ما يبرر اتخاذ خطوات اضافية.