نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرًا حول «السيسي» الذي حاز مؤخرًا على لقب "المُشير" ليكون مؤهلا بشكل رسمي للوصول لكرسي الرئاسة، وأشارت إلى التساؤلات المُحيطة به بداية من «بعده» عن الساحة السياسية، متتبعة تسلسل الأحداث حتى اقترابه من عرش مصر، كما تحدثت عن مخاوف الوضع الاقتصادي والسياسة الخارجية. تقول الصحيفة إنه «عندما أجرت مصر أول انتخابات حُرة فاز فيها مُحمد مُرسي، نصّب الفريق السيسي وزيرًا للدفاع، وتعهّد بإبعاد الحياة العسكرية عن السياسة والعملية الديمقراطية المدنية». وتضيف أن الفريق السيسي «خلع» محمد مُرسي من الرئاسة بعد عام من توليه المنصب، بإصرار على أن الجيش «يُلبي نداء الشعب لإنقاذ ثورته»، ولم تمر ثلاثة أسابيع تالية ليتحدّث عن أن الشارع «فوضه» لنزع الرئيس الإخواني من السُلطة. وتسرد الصحيفة تسلسل الأحداث حتى حصول السيسي على لقب "المُشير"، ليخطو بهذا «أول خطوات الوصول إلى الرئاسة»، مُصِرًا على أن الخيار الحُر متروك للجماهير، وأن الاستجابة نابعة من «نداء الواجب»، ليُمهد بهذا الطريق ليُعيد مصر إلى «الحكم العسكري» الذي كان من المُفترض انتهاءه بالربيع العربي عام 2011. وترى أنه خلال عامين مارس خلالهما السيسي العمل العام كوزيرِ للدفاع، ثم «الحاكم الفعلي للبلاد» حسب الصحيفة، جمع فيهما «دهاء الجاسوس ولمحة من أداء السياسيين»، لينتج في النهاية مزيجًا غير عاديًا من القوة والشعبية لم تُشاهد منذ حكم جمال عبد الناصر الذي انهي 6 عقود من الاحتلال البريطاني. كما تشير الصحيفة الى «تحديات كبيرة» ستواجه السيسي حين يتفلد رسميًا مقاليد الدولة، بين ترويج إعلامي بإنه «المٌنقذ الوطني»، مع وجود حركة شعبية جامحة، وتوقعات بين العسكريين بإعادتهم إلى السُلطة، كونة في نظرهم على القمة بين الرؤوس المتساوية، وقطاع عريض ممن لديهم القوة لمواصلة الاحتجاجات الذين يُقدّرون ب«مئات الآلاف» من أنصار مرسي ويعلنون صراحة عن رفضهم للحكومة الحالية، الى جانب التمرّد بالطرق «الإرهابية» التي تُحبط أي أملٍ في الاستقرار. وتنقل الصحيفة عن سامر شحاته الخبير السياسي بجامعة أوكلاهوما الأمريكية أن "الاقتصاد سيتراجع رغمًا عن أي شخص في منصب الرئاسة، لأن كافة الأزمات التي أدت إلى 25 يناير لازالت قائمة، من بطالة الشباب وتهميشهم من الحياة السياسية، ومشكلات الغذاء والوقود المستمرة بصفة دائمة". وأضاف أن استمرار الاحتجاجات والعنف يسحق كذلك أي أملٍ في «تعافي» قطاع السياحة، الذي لم يلتفت إليه أي أحد ليتخذ الخطوات العامة التي من شأنها دفع البلاد إلى الأمام. ويجادل مؤيدو السيسي بأن بطولته «الكاريزمية» ستمكنه من عبور المأزق الحالي، فيقول أحمد النجارالخبير الاقتصادي المصري مُستعينًا بالمثل الشعبي المصري "حبيبك يبلعلك الزلط وعدوّك يتمنالك الغلط"، خلال حديثه حول احتمال حصول السيسي على كرسي الرئاسة، مُشيرًا إلى أن مُحبيه سيغفرون له أي أخطاء. ونقلت الصحيفة ما قاله خالد صلاح رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع، «الموالية للسيسي» حسب وصف الصحيفة، حيث قال"التوقعات كانت المُشكلة، فالأزمة في التوقعات التي لا تجد صدى على أرض الواقع، فلندع السيسي يحل هذا الأمر". وعن العلاقات الخارجية، أشارت الصحيفة إلى أن السيسي وجّه خطابًا حادًا لإدارة أوباما وانتقدها في أغسطس الماضي خلال لقائه مع صحيفة واشنطون بوست، قائلًا «لقد أدرتم ظهوركم للمصريين وتركتوهم، ولن ينسوا لكم ذلك.. والآن تُعيدون إدارة ظهوركم لهم؟». ومع ذلك لا يُمكن إغفال إنه على «علاقات وثيقة» مع نظرائة العسكريين الغربيين، فقد تدرّب في الكليات العسكرية ببريطانيا والولايات المُتحدة، وكذلك كونه في منصب رئيس الاستخبارات العسكرية كان جسراً رئيسيًا للاتصالات بين قادة الجيش المصري والإسرائيلي. كان السيسي الذي وُلد في 19 نوفمبر 1954 ونشأ بحي الجمالية بالقاهرة بدأ حياته العسكرية هربًا من ان يكون امتدادا لمهنة الاب الذي يملك بازار بخان الخليلي، وحاز على مكان بمدرسة السلاح الجوي المرموقة. ويقول عنه زملائه بالعسكرية إنه مُلتزم دينيًا يُصلي الفجر في الخامسة فجرًا، وترتدي زوجته الحجاب، ولم يكن على خلاف مع أي من الرؤساء السابقين باستثناء مُرسي. قبل أن يصبح السيسي وزيرًا للدفاع، تدرّج بين الرتب العسكرية التي كان آخرها "رئيس الاستخبارات العسكرية، التي يُقال إنه تعلّم فيها الحيل السياسية قبل الإطاحة بمرسي، حين تعهّد بالحفاظ على الجيش في ثكناته بعيدًا عن تدخله في السياسة، لينتهي الأمر بتدخُله وإعلانه في 3 يوليو 2013، أن القوات المُسلحة «لاتزال بعيده عن العمل السياسي ولكن التدخل جاء استجابة للمطالب الشعبية لإنقاذ البلاد». وشيئًا فشيئا تطورت الأحداث حتى تصل إلى سلسلة من حوادث إطلاق النار والاحتجاجات في الشوارع التي كان آخرها الاسبوع الماضي، لتصل حصيلة القتلى حتى نهاية أغسطس ل«أكثر من 1000 شخص» وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان.