احتفى معرض القاهرة الدولي للكتاب بالشاعر الكبير سيد حجاب، في لقاء، اليوم الاثنين، لقي حشدًا واسعًا من روّاد المعرض، قدّمه الدكتور طارق النعمان، رئيس الشُّعَب واللجان بالمجلس الأعلى للثقافة. وبدأ سيد حجاب اللقاء بجزء من قصيدة كبيرة، قسمها إلى ثلاثة أبواب: «الحق والخير والجمال»، كان قد انتهى من كتابة ثلثيها، وألقى على الجمهور الثلث الأول «باب الحق». وسبق الشعر الوقوف دقيقة حدادًا على أرواح شهداء 25 يناير و30 يونيو، بدعوة من طارق النعمان، كما سبقه أيضًا شكر من رئيس هيئة الكتاب للشاعر الكبير على دوره في لجنة وضع الدستور، ولموافقته أيضًا على أن تصدر هيئة الكتاب أعماله الكاملة. وقال طارق النعمان في تقديمه: "من يقرأ شعر سيد حجاب، يعرف منذ الوهلة الأولى أنه أحد أهم رواد شعر السؤال والجواب، فمن منا ينسى تتر مسلسل ليالي الحلمية"، ويكمل: "إن شاعرية السؤال والجواب لدى حجاب خاصة جدًا، ولعل هذا سبب تجدد شباب حجاب الدائم، كما أن هناك ملمحًا آخر وأساسيًا في أشعاره ألا وهو الاتساع الإنساني في شخصيته، وهذا يتجلى في شعره الذي يجمع بين الألفة والحنين المقترنة بالغرابة". وفي دردشة مع الحضور، قال سيد حجاب إن: "قدر مصر منذ مطلع التاريخ هو الاستجابة للتحديات، والتي واجهتها مصر بإجابات مبتكرة وإبداع عظيم، حيث حدث هذا في مطلع التاريخ بعدما فرض النيل الشرس تحديه على المصريين، لكنهم استطاعوا أن يروِّضوا مجرى النهر، وصنعوا أول حكومة مركزية في التاريخ وأول حضارة عظمى في تاريخ البشرية، وأول إبداع إنساني في ملك الله". وأكمل: "عاد هذا التحدي وفرض نفسه على مصر من جديد في العصر الحديث والمعاصر، فقامت ثورة 1919 ثورة الحريات، وثورة 1952 ثورة العدالة الاجتماعية، وجاءت ثورة 25 يناير لتدمج شعارات الثورتين في شعار "عيش حرية وعدالة اجتماعية" فالمصريون ابتكروا هذا الشعار شديد الدلالة". وفي بدايات سيد حجاب قال: "أنا ابن بحر ابن بحر ابن بحر، ابن النسيم اللي رضع م السما، رضع حليب النجمة، حنية وفجر". وقتها قالوا إنه لوركا العرب. لكن، بوصفه فنانًا، لا يهمه تشبيه عالمي، بقدر ما يهتم بمن قال لهم الشعر، وإذا لم يصلهم، لم يستطعم هو النجاح، ورأى أن الوسيط المكتوب، ليس الأمثل «لمخاطبة شعب تغمره الأمية»، فاتجه ناحية الدواوين الإذاعية، ومثل قطعتي «أرابيسك» عاشق ومعشوق، راح يقول الكلمات، لتمر فوقها يد ساحر آخر اسمه عمار الشريعي، ليغزلا تراثًا من أغاني الدراما والسينما، وتصبح أعمالهما معًا، جزءًا لا يُستغنى عنه في نسيج القطعة الدرامية التي يعملان عليها، فلم يقف عند التصنيفات الشعرية، أو يخشى أن يتم تلقيه كشاعر غنائي. يسأله أحدهم عن اهتمامه الغنائي في المسلسلات والأفلام والأغاني على حساب جوانب الشعر الأخرى، يقول: "الدارس للشعر العربي القديم سيجد أنه يندرج تحت إطار ما يسمى الشعر الغنائي، والمقصود أنه أحادي الصوت أي لا يحوي إلا صوت قائله، ولعل هذا ما دفعني للاهتمام بكتابة الأغنية حتى أعود بها إلى عالمها الشعري، وجميعنا يعرف أن أحد أهم الموسوعات في تاريخ الشعر العربي تحمل اسم: الأغاني للأصفهاني، يحاول كاتبها أن يربط فيها بين الغناء والشعر. ثم انتهت الندوة، بأن ألقى الشاعر الكبير على الجمهور ديباجة الدستور التي صاغها. وكان الموسيقار الراحل عمار الشريعي قد تحدث عن رفيقه سيد حجاب قائلا: إن أهم ما يميز سيد حجاب موسيقاه الداخلية، والتعبير هنا ليس فقط جماليًا، إنه دقيق جدًا، فلو أنك رأيته في إحدى جلسات الأصدقاء، وصعدت موسيقى مصرية حلوة من أي جانب، سوف تلمح أصابع يده وهي تنقّر على ظهر اليد الأخرى، بينما تهتز رأسه برعشة متسقة، مع رجفة منتظمة في خلجات الوجه، وأسفل عينه. فتعرف أن هناك من يستمتعون بالفن عضويًا.