نشر الموقع الرسمي لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، مقالًا لناثان براون أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، والباحث في مؤسسة كارنيجي، يتحدث عن المستقبل السياسي المصري، طارحًا سبعة أسئلة حول الدستور ومستقبل مصر. هل سيوافق الناخبون على مسودة الدستور؟ نعم، من النادر أن يُرفض دستور في الاستفتاء، والناخبون المصريون لم يخذلوا حكامهم أبدًا، والاستفتاءات الدستورية عادةً يتم تمريرها في الدول الأخرى. يوجد بعض الفاعلين السياسيين المعارضين للدستور، وأغلبهم من جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة، ولكن من المرجح أن يقاطعوا الاستفتاء بدلا من الحشد للتصويت ب«لا»، ومن غير المرجح أن يتمكن حزب الحرية والعدالة من حشد الأغلبية ضد الدستور. هل ستكون الانتخابات حرة ونزيهة؟ لا، ولكن لن يؤثر ذلك على النتائج النهائية، ومن المحتمل أن يتم الموافقة على الدستور حتى لو كانت الانتخابات حرة ونزيهة. من المستحيل تقريبًا إقامة انتخابات حرة في ظل البيئة السياسية الحالية، ويتمسك حزب الحرية والعدالة بوجوده القانوني ولكنه ليس قادرًا على العمل بحرية. لقد تم إغلاق وسائل الإعلام الإسلامية، وتبدو مسيرات المعارضة من أي حجم مستحيلة في ظل المناخ الحالي. لن يكون الاستفتاء نزيهًا؛ لأن العديد من أجهزة الدولة تسعى لدعم الموافقة على الدستور، فوسائل الإعلام الحكومية على سبيل المثال تتعامل مع الدستور كأنه تقدم جذري، وتتحدث عن الاستفتاء بوصفه يوماً للاحتفال، مما يهيئ أجواء تضعف من حملة معارضة الاستفتاء. هل تمضي مصر في تحقيق خارطة التحول السياسي التي وضعتها حكومتها الانتقالية؟ لا، ولكن يبدو أن ذلك الأمر لا يشغل كثيراً من اهتمام المصريين، بالرغم من أنه يبدو أن الفاعلين السياسيين في البلاد نسوا عناصر أخرى في الخارطة التي وضعها الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، مثل ميثاق الشرف الصحفي، وإنشاء لجنة المصالحة، والمراجعة السريعة لقانون الانتخابات البرلمانية الذي أقره مجلس الشورى السابق الذي هيمنت عليه جماعة الإخوان المسلمين. كما تغيرت عناصر أخرى من خارطة الطريق بدون أي اعتراض، ولكن يبدو أن هذه التغيرات لم تحدث اختلافاً في تقييم جميع الفاعلين للتسلسل السياسي. هل سيتم اعتماد الدستور الجديد قانونيًا إذا تم تمريره؟ نعم، سيعطي الدستور الجديد والاستفتاء لأنفسهما صبغة قانونية، وفقًا لمسودة الدستور إذا تم الموافقة على الدستور في استفتاء يصبح ملزمًا قانونيًا، ولا علاقة لذلك بأي أفعال غير قانونية في المرحلة السابقة (مثل تعليق الدستور في يوليو الماضي). ربما يبدو هذا المنطق غريبًا، ولكنه عمليًا وبناء على حقائق سياسية وسابقة. هل سيحظى الدستور بالشرعية؟ سوف يعتمد هذا على الشخص الذي تسأله، وهنا تكمن المشكلة: مصر لا تمتلك أي أدوات يقبلها جميع الفاعلبن السياسيين الرئيسيين في البلاد لتسوية الخلافات السياسية، الخاسرون لا يعتبرون الانتخابات ملزمة، ولا يوجد أي عمليات تسمح للأطراف المتنازعة بالتوصل إلى اتفاقات. في الواقع، ربما يرسخ الدستور الجديد من الانقسامات السياسية العميقة في البلاد بدلاً من علاجها، سيتم الموافقة على الدستور من قبل مؤيديه، ولكن ذلك لن يقنع معارضيه. من المرجح أن يبقى هذا الدستور مدة أطول من سابقه، ولكن هناك علامات مقلقة بشأن مصيره كوثيقة قابلة للتطبيق وتوفر نظامًا مستقرًا. هل سيكون الإقبال على الاستفتاء قويًا؟ إن «قوي» كلمة نسبية، إقبال المصريين على الانتخابات المصرية كان ضعيفًا دائمًا، على الرغم من تلك التي حدثت منذ قيام الثورة عام 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك كانت استثناءً جزئيًا عن القاعدة. ومع الإنهاك الذي تعيشه البلاد وعودة السخرية من الأوضاع، فإن الاستفتاء القادم يواجه بالتأكيد معركة شاقة. فضلاً عن أن محاولات النظام الجديد تشويه سمعة معارضيه ربما يأتي بنتائج عكسية، ويقلل من إقبال الناخبين. الحكومة الانتقالية تحاول اقناع المصريين أن معارضيهم الإسلاميين هم إرهابيون سيسعون لعرقلة الاستفتاء وأنه من الأكثر أمنًا المشاركة في التصويت. ماهي الخطوة القادمة في التحول السياسي المصري؟ بعد أن يمر الدستور، ستكون هناك انتخابات برلمانية ورئاسية. التسلسل والقواعد كانت محددة في خارطة الطريق، ولكن تم فتح باب تعديلها من قبل لجنة صياغة الدستور. تثار الشكوك حول أن حكام الدولة المؤقتين قرروا مسبقاً قواعد هذه الانتخابات، وتم تفصيلها لضمان نتيجة محددة، ولكن لن يتم الإعلان عن هذه القواعد إلا بعد الموافقة على الدستور. إلا أن الانطباع القوي عندي هو أنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن هذه القواعد، وعمليًا لا أحد مستعد لهذه الانتخابات، لذلك لا يوجد إجماع حول كيفية المضي قدمًا. يهيمن على السباق الرئاسي سؤال هو إذا ما كان السيسي سوف يشارك في الانتخابات الرئاسية، والمؤشرات في هذا السؤال واضحة للغاية ولكن متناقضة تمامًا. هناك أسباب قوية لعدم ترشح السيسي للرئاسة، فترشحه سوف يجعله مع الجيش عرضة للأوضاع السياسية، ويعزز سمعة النظام باعتباره نظامًا عسكريًا، ويحمل الفريق السيسي مسؤولية مشاكل مصر التي لا حلول لها، كما سيبعده عن منصبه كوزير للدفاع. ولكن في الوقت ذاته، سيكون من الصعب للغاية على السيسي عدم الترشح للرئاسة، فلا يوجد مرشح يمكن أن يحل محله، وربما لن يثق الجيش في أي أحد أيضًا، كما أن هناك مخاوف من أن منصب الرئاسة قد يكون ضعيفًا إذا تولاه سياسي لا يمتلك الخبرة. ربما تواجه الانتخابات البرلمانية تحديًا أكثر صعوبة، لا يوجد حزب مستعد لها، والعديد من الفاعلين السياسيين يركزون على كتابة قواعد الانتخابات بطريقة تعزز مصالحهم بدلاً من بناء أحزاب وطنية حقيقية. في نهاية المقال، يقول براون إن الجروح السياسية المصرية العميقة لا تلتئم حالياً، مما يطرح سؤالاً إذا كان مازال منطقيًا وصف العملية التي تحدث بأنها عملية انتقالية سياسية.