في قاعة شبه خالية بسبب تعرض واشنطن لعاصفة ثلجية كبيرة تسببت في تعطيل عدة مرافق حكومية وغلق العديد من المؤسسات، شهدت جلسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط التابعة للجة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي جلسة أستماع عنوانها "انتهاكات حقوق الإنسان في مصر" هجوم عنيق من جانب بعض أعضاء مجلس النواب والشهود على سجل حكم الرئيس محمد مرسي، خاصة فبما يتعلق بسجله تجاه حقوق الإنسان بصفة عامة وسجله تجاه الأقليات الدينية بصفة خاصة. وتعرضت الجلسة لسجل جهاز القضاء وأجهزة الأمن في التعامل مع القضايا التي تتعلق بقضايا طائفية أو قضايا عنف ضد الأقباط، وذكر كريس سميث العضو الجمهوري من ولاية نيو جيرسي، ورئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان والمنظمات الدولية، إن "من مآسي الربيع العربي في مصر أنه لم يأت بعد بحقوق الإنسان الأساسية للشعب المصري. مثل الحرية الدينية وحرية التعبير والتجمع وسيادة القانون". وتحدثت العضو الجمهورية ألينا روس ليتنين، من ولاية فلوريدا، مذكرة الحضور بفشل الحكومات المصرية المتعاقبة علة حماية الاقباط أو حماية كنائسهم من التعرض لأعمال عنف، والفشل في محاكمة المسئولين عن هذه الهجمات. ونوهت كذلك عن الدستور الجديد الذي أكدت أن مواد الحقوق والحريات به أفضل من دستور 2012، إلا أنها ذكرت أن الاختبار الحقيقي هم كيفية تطبيق هذه المواد. وانتقدت النائبة تشكيل لجنة الخمسين لكتابة الدستور من حيث وجود أربعة أعضاء مسيحيين فقط، ووجود خمس نساء، وهو ما يمهد للانتقاص من حقوق وحريات النساء الأقليات الدينية. وذكرت روس أن حالات خطف بنات مسيحيات ودفعهم قسرا للزواج من مسلمين متطرفين قد زاد وأن الحكومة لا تقوم بواجبها في إنهاء هذه الظاهرة الشائنة. وختمت كلمتها بالقول إن منظمات المجتمع المدني تتعرض لانتهاكات متكررة، وهناك حكم صدر بسجن 45 شخصا منهم الكثير من الأمريكان، وعلى الحكومة الأمريكية الضغط على النظام المصري لإلغاء هذه الحكم وتحسين الأجواء لمنظمات المجتمع المدني للممارسة لأنشطتها الهامة في هذه الفترة من تاريخ مصر. ثم تحدث العضو الجمهوري، دانا روبيكر، من ولاية كاليفورنيا، مسلطا الضوء على أن حرية العقيدة يجب أن لا تقتصر على حريات المسيحيين، فهناك أقليات مسلمة أيضا تنتهك حقوقها مثل الصوفيين والشيعة والبهائيين. وقال علينا الحذر حتى لا نبدو كمن يدعم فقط حقوق الأقباط في مصر. وأشار إلى ضرورة تبني إدارة الرئيس باراك أوباما سياسات تعكس توجهات اللجنة في وجود قوانين تدعم الحريات والحقوق لكل المصريين. وتحدثت العضوة الديمقراطية، لويسا فرانكل من ولاية فلوريدا، وذكرت أنها قابلت الفريق عبد الفتاح السيسي والبابا تواضرس منذ أسابع وأكدوا لها ضرورة حماية الأقليات وحماية الكنائس. زيادة الاحتقان الطائفي ثم تحدث العضو الجمهوري بارك ميدوس من ولاية كارولينا الشمالية، وتساءل كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في تحسين الأوضاع للأقليات الدينية المختلفة في مصر. وكيف يمكن أن نساهم في وقف الانتهاكات التي يتعرض لها الإخوان المسلمين في الوقت نفسه. وتحدث من الشهود أولا الدكتور زهدي جسور، نائب رئيس اللجنة الأمريكية حول الحرية الدينية العالمية، وهو سوري الأصل، وخدم من قبل لعدة سنوات في الجيش الأمريكي، وقال إنه في الرابع عشر من أغسطس الماضي قتل الآلاف من الإخوان المسلمين على أيد قوات الأمن المصرية، وتبع ذلك هجوم على عشرات الكنائس وقتل عدد من الأقباط وهو ما زاد على أثره الاحتقان الطائفي وزاد من هذا الاحتقان سلوك قوات الأمن التي يريد أن يكون الهجوم على الكنائس والأقباط مبررا لها لقمع وقتل الإخوان المسلمين. وأشار جسور إلى أن الاحتقان الطائفي زاد بمعدلات كبيرة تحت حكم محمد مرسي، وتم تجاهل محاكمة من يقومون بأعمال عنف أو من ينتهكون حقوق الأقباط، كما زادت نسب القضايا المتعلقة بازدراء الأديان وبقضايا تتعلق بتغيير العقيدة، إلا أنه في هذه الحالات يقوم القضاء بإصدار أحكام بسرعية كبيرة على العكس في سلوكه في القضايا لأخرى. وأشار جسور إلى أن القمع لم يقتصر على الأقباط وإنما امتد ليشمل الشيعة المصريين، وتسامح مرسي في قتل خمسة منهم دون أن يتعرض أحد لمساءلة قانونية جادة. وأشار إلى أن الدستور الجديد أفضل كثيرا من حيث الحريات والحقوق للأقليات، إلا أنه قصرها على معتنقي الديانات السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية. وأوصى جسور بضرورة الضغط على الحكومة المصرية للإسراع بمعاقبة من يرتكب أعمال عنف ضد الأقليات الدينية، وأن تربط واشنطن مساعداتها العسكرية بالتحسن العام في مجال حريات العقيدة حيث إنها معيارا هاما للحريات بصفة عامة. كما طالب بتخصيص جزء من أموال المساعدات العسكرية لتخصص لدعم منظمات المجتمع المدني وبرامج سيادة القانون. كما أكد ضرورة أن يطلب الكونجرس من وزارة الخارجية مراجعة حالة الحريات الدينية في مصر كل 90 يوما وربط تقديم المساعدات بما يتم رصده من تحسن أو تراجع في هذه القضايا. المسلمون كانوا أغلبية من تظاهر يوم 30 يونيو وردا على سؤال أعضاء الكونجرس عن طبيعة الطائفية التي تقسم مصر اليوم، رد جسور بالقول إن أغلبية من تظاهروا من الملايين يوم 30 يونيو الماضي كان من المسلمين ممن عارضوا نظام الحكم الإخواني، ولم يكونوا من المسيحين وأكد أن الانتهاكات ضد المسيحيين لم تتغير في طبيعتها حلال حكم حسني مبارك وحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحكم محمد مرسي وحكم الفريق السيسي. وطالب جسور بأن تساعد واشنطن في تطبيق أحلام المصريين ممن خرجوا مطالبين بالحرية يوم 25 يناير عن طريق دعم كل الحريات والحقوق لكل المصريين، والوقوف إلى جانب المواطنين وليس جانب الحكام. ثم تساءل العضو الجمهوري من ولاية أركانسو توم كوتون عما يمكن للكونجرس أن يقوم به لدفع البيت الأبيض وزارة الخارجية لعرض هذه القضايا على نظرائهم المصريين. قال جسور إن ضغط الكونجرس على وزارة الخارجية والبيت الأبيض عن طريق طلب مراجعة حالة حقوق الإنسان وحرية العقيدة في مصر كل 90 يوما من شأنه أن يجعلهم يتحدثون علنا عن الانتهاكات ضد الأقليات. ثم تحدث ضمن شهود اللجنة الثانية الأسقف أنجيلوس أسقف عام الكنيسة القبطية بالمملكة المتحدة الذي كان متوازنا وقال أنا سأتحدث عن حقوق المصريين وليس فقط حقوق الأقباط, وعلينا أن نؤكد أن حرية العقيدة في مصر هي أساس الاستقرار الذي يريده الجميع. وقال إن الهجمات بسبب العقيدة تخطت الأقباط ووصلت للصوفيين والشيعة البهائيين ونوه إلى دور الشرطة في هذه الهجمات التي تريدها كحجة لقمع الإخوان المسلمين، وعودة الاستبداد من جديد. كذلك تحدث الدكتور مراد أبو سبع الأستاذ بجامعة روتجرز بولاية نيو جيرسي والرئيس السابق لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والذي هاجم فقط سجل حكم مرسي ضد الحريات وضد الأقباط وبرر حدوث «الانقلاب العسكري»-ضده على حد وصفه- وألقى باللائمة على الإعلام الأمريكي والإدارة الأمريكية لعلاقاتها الخاصة مع نظام حكم الإخوان المسلمين. وذكر أبو سبع أن الإخوان اغتالوا الرئيس السادات، وأنهم يدعمون الإرهاب في سيناء ضد الدولة المصرية وأنهم يسهلون تملك الفلسطينيين للأراضي ومنحهم الجنسية المصرية خدمة لمصالح جماعة الإخوان المسلمين. أما وصموئيل تادروس الزميل الباحث في مركز الحرية الدينية بمعهد هدسون، فقد أشار إلى اتساع حجم الهجمات ضد الأقباط من المواطنين العاديين بسبب التصعيد من أنصار تيار الإسلام السياسي وفي ظل تقاعس واضح من الأجهزة الأمنية. وختم الشهادة الدكتور تيد ستانكى مدير السياسات والبرامج بمنظمة هيومان (حقوق الإنسان أولا) الأمريكية، وحذر من زيادة الاستقطاب السياسي في مصر، ونوه إلى صعوبة تحقيق استقرار سياسي في ظل القمع الذي يتعرض له أنصار جماعة الاخوان المسلمين. وطالب تيد الإدارة الأمريكية أن تستخدم المساعدات العسكرية ونفوذها لدى جيش مصر من أجل أن تحصل مصالحة حقيقية دونها يصعب تخيل تحقيق أي استقرار حقيقي في مصر.