«زلزال سياسى»، «كابوس للعرب»، «أمريكا تتخى عن حلفائها»، «ثورة إيرانية جديدة»، «فتح دبلوماسى»، و«كامب ديفيد العصر».. تحت هذه العناوين، وغيرها الكثير، يحاول محللون سياسيون فى المنطقة وخارجها، تحديد الرابحين والخاسرين من الاتفاق «النووى»، الذى توصلت إليه إيران ومجموعة «5+1» فجر أمس، لضمان عدم تصنيع طهران قنبلة نووية. وبينما يذهب محللون إلى أن تداعيات اتفاق جنيف ستعيد رسم الخارطة السياسية للشرق الأوسط، لا سيما خارطة تحالفات الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، باع المنطقة العربية لمرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، آية الله خامنئى، يرى آخرون أن الوقت مبكر للحكم على اتفاق «مرحلى»، لا سيما أن أحد طرفيه هو «الجمهورية الإسلامية الإيرانية». رغم اتفاق الدول الست الكبرى «الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بجانب ألمانيا» فجر أمس الأول مع إيران حول برنامجها النووى، والذى يعتبره البعض «اتفاقا مرحليا تاريخيا»، إلا أن دبلوماسيا أمريكيا خدم فى القاهرة استبعد حدوث تحسن سريع فى العلاقات الأمريكيةالإيرانية، معتبرا أن «تراث العداء بين الدولتين عميق، ولن يتم إصلاحه قريبا». المصدر، الذى طلب عدم نشر اسمه لكونه غير مخول بالحديث عن الأمر، رأى أن «مصر ستكون من كبار الخاسرين، إذا تحسنت علاقات واشنطنبطهران؛ لأن المصريين، ومنذ عهد الرئيس (الراحل أنور السادات) يبيعون لواشنطن عداءهم لإيران، وخدم القاهرة فى ذلك السلوك الإيرانى المثير للمشاكل فى الشرق الأوسط، ومن ثم فإن تحسن العلاقات يعنى انتقاصا من أهمية مصر الإستراتيجية لصانعى السياسة فى واشنطن»، على حد تقديره. ويرى منظرو الاستراتيجية الدولية أن هناك ثلاث دول فقط محورية فى المنطقة تتوافر لديها عناصر القوة الحقيقية، إذ تتمتع بكتل سكانية كبيرة تقترب من الثمانين مليونا، أغلبهم شباب، وجيوش كبيرة جيدة التسليح والتدريب، وحضارة عريقة يفخر بها أبناء تلك الدول، وقدرا معقولا من عناصر القوة الناعمة الثقافية والأدبية واللغوية والدينية. هذه الدول هى، مصر وتركيا وإيران، فمواقعها وتحكمها فى ممرات مائية استراتيجية بالغة الأهمية للعالم، وهى قناة السويس ومضيق هرمز وخليج البوسفور، يزيد من أهمية تلك الدول للولايات المتحدةالأمريكية؛ لذا فإن كل الإمبراطوريات على مر التاريخ تسعى إلى الحفاظ على علاقة خاصة معها أو السيطرة عليها، وفى الوقت نفسه فإن النطاق الجغرافى لكل من الدول الثلاث يسمح لها بممارسة نفوذ إقليمى، إن توفرت القيادة السياسية التى تدرك أهمية وقدرات دولها. وجاء تطور العلاقات المصرية الأمريكية عقب هندسة واشنطن لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، لتحل القاهرة محل طهران كحجر الأساس للاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة، وهو ما حقق هدفين مهمين لواشنطن، إضافة للعثور على حليف كبير، وهما، تحرير مصر من عبء خوض حروب جديدة ضد إسرائيل، وهكذا تتفرغ لخدمة المصالح الأمريكية، وأن تصبح مصر سوقا مهما للسلاح الأمريكى، بعد خسارة المشترى الإيرانى.