قدم كتاب إسرائيلى جديد ما قال إنها الرواية الحقيقية لطريقة تجنيد أشرف مروان فى جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، تختلف عما ورد فى كتب وتسريبات إسرائيلية أخرى، إذ يرجع الفضل فى تجنيده إلى رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) بين عامى 1963 و1972، الجنرال أهارون ياريف. فبحسب الكتاب، المعنون ب«رجل الاستخبارات»، ويرصد السيرة الذاتية للجنرال ياريف، اتصل مروان بالملحق العسكرى فى السفارة الإسرائيلية بلندن، شموئيل إيل، وطلب الحديث معه، لكن موظفى السفارة رفضوا إيصاله به، فتمكن مروان من الحصول على رقم الهاتف المنزلى الخاص بالملحق العسكرى، وألح فى الاتصال، غير أن الملحق تجاهله تماما. بعدها، وخلال زيارة الجنرال ياريف للندن التقى الملحق العسكرى، إضافة إلى المسئول عن تشغيل عملاء «الموساد» فى أوروبا، شموئيل جورين، فحدثه الملحق عن الرجل الذى يزعجه باتصالاته، ويزعم أنه صهر عبدالناصر. عندئذ تحمس ياريف، وطالب بسرعة تجنيد مروان. وبحسب الكتاب، أجرى «الموساد» عدة اختبارات لمروان قبل البدء فى تشغيله، واعتبره الجنرال ياريف «أحد أهم المصادر التى يمتلكها الموساد نظرا لما قدمه من معلومات كان الأمريكيون على استعداد لتقبيل أرجل الإسرائيليين للحصول عليها»، بحسب رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية. ويرفض الكتاب صحة ما ذكره الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، إيلى زعيرا، من أن مروان كان «عميلا مزدوجا»، مشددا على أنه «كان عميلا لإسرائيل فقط»، وموضحا أنه «لم يتم تهيئته وتجهيزه ليقدم تقارير عن الأحداث الآنية، بل ليقدم معلومات استراتيجية». من جهة أخرى، ذكر الكتاب أن وحدة التنصت وفك الشفرات «8200»، التابعة للمخابرات العسكرية، تنصتت على الاتصالات الهاتفية التى أجراها الرئيس (الراحل)، جمال عبدالناصر، وزعماء عرب آخرين قبل حرب يونيو 1967. ووفقا للكتاب، دار خلاف داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حول تسريب نص محادثة هاتفية أجراها عبدالناصر مع الملك حسين، ملك الأردن، على خط هاتفى «غير مؤمن»، وطلب منه خلالها أن يصدر بيانا يتهم فيه الأمريكيين والبريطانيين بالهجوم على المطارات المصرية، وألا يتهم إسرائيل. إذ أصر وزير الدفاع آنذاك، موشيه ديان، على نشر المحادثة ل«إحراج عبدالناصر دبلوماسيا أمام الأمريكيين»، بينما عارض الجنرال ياريف الأمر؛ خشية أن يلفت انتباه القادة العرب إلى التنصت الإسرائيلى، لكن المحادثة تم نشرها ما «أحرق العديد من المصادر الحيوية لتل أبيب»، وفقا للكتاب. وقال مؤلف الكتاب، رئيس شعبة الأبحاث فى معهد أبحاث الأمن القومى، عاموس جلبوع، إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية اتبعت تكتيك تسريب معلومات غاية فى السرية إلى الإعلام لتحقيق أهداف دبلوماسية مع الأمريكيين، وإحراج القادة العرب. لكن، بحسب الكتاب، فإن «هذا التكتيك نجح أحيانا وفشل فى أحيان أخرى، ففى ذروة حرب الاستنزاف، وبعد معرفة إسرائيل بوصول طيارين سوفييت إلى القاهرة لمساعدة مصر على التصدى للغارات الإسرائيلية فى العمق المصرى، قام نائب السفير الإسرائيلى بواشنطن، شلومو أرجوف، وبتوصية من السفير إسحاق رابين، بتسريب الخبر إلى صحيفة نيويورك تايمز، غير أن الجنرال ياريف اعتبر التسريب «خطأ أمنيا فادحا». ووفقا للمؤلف، اتبعت إسرائيل تكتيك تسريب المعلومات قبل حرب يونيو لخداع المصريين، وإقناعهم أن تل أبيب لا تعتزم شن هجوم، بل تمد يدها إلى جهود واشنطن الدبلوماسية، وذلك عبر تسريب أخبار إلى صحف إسرائيلية وأجنبية عبر السفارات الإسرائيلية، أو عبر تصريحات أدلى به المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى آنذاك، المقدم يهودا فريهار، للمراسلين الأجانب. وتولى الجنرال أهرون ياريف عدة مناصب بارزة فى دولة الاحتلال، منها مستشار رئيسة الوزراء الراحلة، جولدا مائير، لشئون الإرهاب، ورئيس طاقم المفاوضات فى مباحثات وقف إطلاق النار مع مصر، ووزيرى للاتصالات والإعلام.