أفاد تقرير صدر عن إحدى المؤسسات العلمية البريطانية بأن المهاجرين إلى بريطانيا منذ عام 2000 قدموا إسهامات مالية "هامة" فيما يتعلق بالأوضاع المالية العامة في المملكة المتحدة. وذكرت الدراسة التي أجرتها جامعة "يونيفرسيتي كوليدج لندن" أن المهاجرين كانوا على الأرجح أقل طلبا للحصول على إعانات والعيش في سكن اجتماعي مقارنة بالمواطنين البريطانيين. وأضاف القائمون على الدراسة أن المهاجرين وبدلا من أن يمثلوا عبئا على البلاد، كانت إسهاماتهم فيها "قوية وبارزة". وقالت الحكومة إنها كانت محقة في اتخاذها إجراءات صارمة للمساعدة في حماية نظام الإعانات البريطاني. ووفقا للدراسة التي أعدها كريستيان داستمان وتوماسو فراتيني، الأستاذان بمركز أبحاث الهجرة بالجامعة، فإن فرص من هاجروا إلى المملكة المتحدة قبل عام 1999 في الحصول على الإعانات والإعفاءات الضريبية كانت أقل بنسبة 45 في المئة مقارنة بالمواطنين البريطانيين في الفترة ما بين عامي 2000 و2011. كما أن احتمال عيشيهم في سكن تابع للاعانة الاجتماعية اقل بنسبة 3 في المئة من البريطانيين. وجاء في التقرير: "يمكن تفسير تلك الاختلافات جزئيا بالتكوين الافضل للمهاجرين من حيث الفئة العمرية والجنس." وأضاف التقرير: "إلا أنه وحتى إذا ما جرت مقارنتهم بالمواطنين البريطانيين من نفس المرحلة العمرية أو الجنس أو المرحلة التعليمية، فإن فرص حصول الموجات الأخيرة من المهاجرين على الإعانات الحكومية لا تزال أقل بنسبة 21 في المئة من المواطنين في بريطانيا." "مستوى تعليمي رفيع" القائمون على الدراسة يقولون إنه بدلا من أن يمثل المهاجرون عبئا على بريطانيا، كانت إسهاماتهم فيها "قوية وبارزة". أما بالنسبة للمنطقة الاقتصادية الأوروبية -وهي المنطقة التي تضم الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى كل من دول النرويج وآيسلندا وليختنشتاين- فكان للمهاجرين منها إسهامات إيجابية خلال العقد الماضي وحتى عام 2011، حيث جاءت أعلى بنسبة 34 في المئة بالنسبة للضرائب مقارنة بما يحصلون عليه من إعانات. وأظهر التقرير أن إسهامات المهاجرين من خارج تلك المنطقة كانت أعلى بنسبة اثنين في المئة في الضرائب مقارنة بما حصلوا عليه من إعانات. أما البريطانيون، فكان ما تحملوه من ضرائب أقل بنسبة 11 في المئة مما حصلوا عليه من إعانات. وعلى الرغم من تلك الإحصاءات الإيجابية خلال ذلك العقد الأول منذ بداية الألفية الجديدة، إلا أن الدراسة توصلت إلى أنه وبين عامي 1995 و2011، حصل المهاجرون من الدول التي تقع خارج المنطقة الاقتصادية الأوروبية على إعانات أكبر مقارنة بما دفعوه من ضرائب في تلك الفترة، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى أن أولئك المهاجرين يميلون لإنجاب الأطفال أكثر من المواطنين البريطانيين. كما أورد التقرير أيضا أنه وفي عام 2011، كانت نسبة الحاصلين على درجة تعليم جامعية من المهاجرين من دول المنطقة الاقتصادية الأوروبية 32 في المئة، بينما بلغت نسبتهم من الدول خارج تلك المنطقة 43 في المئة، وذلك مقارنة بالبريطانيين الذين بلغت نسبتهم 21 في المئة. واستند الباحثون في تلك الدراسة إلى بيانات جُمِعَت من تقارير حكومية وأخرى صادرة عن مسح القوى العاملة في بريطانيا. وقال داستمان إن تلك البيانات أظهرت أنه "وعلى العكس من أغلب الدول الأوروبية الأخرى، تجتذب بريطانيا المهاجرين من أصحاب المهارات والمستويات التعليمية الرفيعة من داخل المنطقة الاقتصادية الأوروبية وخارجها". وأضاف داستمان: "تشير دراستنا أيضا إلى أنه وخلال العقد الأخير أو قريبا من ذلك، استفادت بريطانيا ماليا من المهاجرين من دول المنطقة الاقتصادية الأوروبية، حيث كانت إسهاماتهم في الضرائب والإسهامات الأخرى أكثر مما جنوه من أموال وإعانات." وأضاف: "بالنظر إلى تلك الشواهد، فإن الحديث عن السياحة النفعية التي يقوم بها مهاجرو المنطقة الاقتصادية الأوروبية يبدو بعيدا عن الحقيقة." من جانبه قال السير آندرو غرين من المؤسسة البريطانية لمراقبة الهجرة إن هذا التقرير "مختلق". وقال غرين لبرنامج توداي الذي يبث على القناة الرابعة لإذاعة بي بي سي: "قدم إلى بلادنا خلال عهد الحكومة السابقة ما يقارب الأربعة ملايين مهاجر، وكان ثلثا ذلك العدد من خارج الاتحاد الأوروبي." قالت الحكومة البريطانية إنها كانت محقة في اتخاذها إجراءات صارمة للمساعدة في حماية نظام الإعانات البريطاني. وأضاف أن التقرير توصل إلى أنه "ومنذ عام 1995، كانت للمهاجرين إسهامات سلبية في المجمل. لذا فإن الرأي فيما يتعلق بالمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي هو أن تأثيرهم على الخزانة العامة كان ضئيلا أو سلبيا". بيد أن السير آندرو يتقبل فكرة أنه وبالنظر إلى منطقة الاتحاد الأوروبي بأسرها، فإن "المنفعة كانت إيجابية بشكل واضح". وقال إن ذلك متوقع إذا ما أُخِذ في الاعتبار أن أولئك المهاجرين يَفِدون من المنطقة الاقتصادية الأوروبية، فمن بينهم المهندسون الألمان ومصممو الأزياء الفرنسيون، بالإضافة إلى المصرفيين من البنوك في سويسرا. وأضاف: "تتمثل المشكلة الحقيقية في المستقبل في الأعداد المهولة من أصحاب الأجور الضعيفة من المهاجرين إلى البلاد من شرق أوروبا. فهذا التقرير ينظر إلى الوراء ولا يستشرف المستقبل." وأردف: "لا يأخذ هذا التقرير في اعتباره التكاليف المستقبلية التي تتعلق بالأمور الصحية، خاصة وأن أولئك المهاجرين سيتقدمون في العمر، كما لا يأخذ في اعتباره أيضا الفاتورة الضخمة للتقاعد." "ذروة المسيرة العملية" أما داستمان، فقال لبرنامج "توداي": "صحيح أن الموجات الحديثة من المهاجرين هي أصغر سنا، إلا أنها أيضا أفضل بكثير من الناحية التعليمية." وأضاف : "لذا، فعلى الرغم من أنهم سيحصلون على حصص أكبر من نظام الإعانات البريطاني، إلا أن إسهاماتهم المستقبلية ستكون أكبر، فهم لم يصلوا بعد إلى ذروة مسيرتهم العملية وأقصى مستوى للدخل يمكنهم الوصول إليه." وأضاف معلقا: "كلما ازداد دخلك، كلما ارتفعت معدلات الضرائب التي تقوم بدفعها للدولة." من جانبه قال متحدث باسم الحكومة: "نرحب بمن يرغبون في القدوم إلى هنا للإسهام في اقتصاد البلاد، إلا أننا نطبق أنظمة صارمة للحفاظ على نظام الإعانات البريطاني والتأكد من عدم الإخلال به." وأضاف المتحدث أن ذلك هو السبب وراء تعزيز الحكومة من الإجراءات التي تتخذها للتأكد من أن تلك الإعانات لا تصرف إلا للأفراد "الذين يسمح لهم بالعيش في بريطانيا بشكل قانوني."