قبل عامين أشاعت جوجل خبرا مثيرا اتضح لاحقا أنه كذبة أبريل، وهو أنها تحضر لخدمة بحث يمكنك استخدامها بمجرد التفكير دون تحريك يديك أو التحدث حتى، واليوم لم تعد هذه مجرد كذبة، فجوجل تعمل على هذا الشىء بالفعل. الشركة الشابة التى تحتفل بعيد ميلادها الخامس عشر هذا الشهر، تعمل على تقنية تستعمل فيها ما تعرفه عن عاداتك اليومية فى تصفح الانترنت، ليمكنها توقع ما يمكن أن تبحث عنه وما قد تحتاجه، لتظهره لك بدون حتى أن تطلب. وكم تفاجئنا من أشياء وأفكار تطلقها جوجل من قبل، ولكن اليوم لم يعد أحد يتفاجأ من أى شىء تفعله جوجل، لأنها أثبتت أنها قادرة على فعل ما تقول، وهو ما يجعل كذبة أبريل منها سهلة التصديق. جوجل لديها قطاع كامل يحمل اسم «جوجل اكس» مخصص للأفكار غير العادية التى قد تنجح يوما ما، وهى تجرب كل شىء من البالون الطائر الذى يوفر اتصالا لاسلكيا بالانترنت لآلاف الناس، إلى السيارات ذاتية القيادة، إلى البحث فى كيفية إطالة عمر الإنسان، وهو ما يجعل أفكار ثورية مثل نظارة جوجل الذكية شيئا عاديا جدا. عند اطلاقها قبل 15 عاما حددت جوجل هدفا لنفسها وهو تنظيم معلومات العالم وجعلها متاحة ومفيدة للعالم، وهو ما نجحت فيه طوال تلك السنوات، وهو ما يفسر التزايد الرهيب فى نسب استخدام خدماتها، حيث حولت فوضى الانترنت لشىء يمكن التحكم به واستخدامه والاستفادة منه، وفى سبيل هذا لم تسع جوجل لتقييم محتوى الانترنت، بل عملت فقط كوسيط ذكى يرتب الصفحات حسب شعبيتها، لتتفوق على باقى محركات البحث فى العالم وتستحوذ اليوم على ثلثى خدمات البحث فى العالم. جوجل تتذكر بياناتنا وبيانات اصدقائنا، وتقوم بالبحث عن طريق التعرف على الصور وتسمح لنا بالاحتفاظ بمستنداتنا الهامة على خوادمها وتحول كلامنا المنطوق إلى نصوص مكتوبة وتخبرنا أين نوجد على الخريطة وترشدنا إلى الأماكن التى نتجه إليها، مما يجعل جوجل جزءا من الحياة اليومية لملايين الناس. وكما حققت لنا الكثير، حققت جوجل لنفسها الكثير بعد دخولها عالم اعلانات الانترنت عام 2000 وبدأت فى تحويل قوة البحث إلى أموال، عن طريق خدمة «آد ووردز» التى ربطت الاعلانات بما يبحث الناس عنه، لتظهر لك اعلانات تهمك فعلا وقد تحتاجها أكثر من اعلانات وضعت عشوائيا قد لا تهمك فى الغالب، حتى وصلت الاعلانات إلى 97 بالمائة من مصادر دخل جوجل، بما قيمته 42.5 مليار دولار عام 2012. هذه الأموال ساعدت جوجل على تنفيذ مجموعة من أنجح صفقات الاستحواذ فى تاريخ الانترنت، فموقع «بيرا لابز» أصبح موقع «بلوجر» للتدوين، و«كى هول» أصبحت «جوجل إيرث»، و«رايتلى» أصبحت «جوجل درايف»، و«يوتيوب» و«أندرويد» اللذان لم يتغير اسمهما ولكن زادت أهميتهما ملايين المرات. وهذا لا ينفى أنها طورت بنفسها خدمات نجحت بشكل رائع مثل خدمة البريد الالكترونى «Gmail» والتى باتت أكبر خدمات البريد فى العالم عام 2012، وكذلك المتصفح كروم الذى دمج لأول مرة بين مكان كتابة عنوان الموقع ومكان كتابة كلمات البحث. بالطبع لم تخل هذه الرحلة من اخطاء وقعت فيها جوجل، أو خدمات اغلقتها بسبب عدم نجاحها، كما تلقت بعض الاتهامات بالتجسس على بيانات مستخدميها وتسريبها إلى الحكومات، أو بالاحتكار وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، وهى كلها اتهامات إما تنظرها المحاكم أو ثبت عدم صحتها أو تمت تسويتها. كل ما نعرفه أن جوجل بدأت كحلم، تحول إلى حقيقة غيرت العالم، وحتى ما تطلقه من كذبات أبريل سنويا لا يكون كذبة للأبد، فربما تتحول كذبة أبريل بإمكانية البحث عن طريق الروائح إلى حقيقة فى سنوات أخرى مقبلة، من يعلم؟