لا شك فى أن الهدف الرئيسى من وراء الخطاب الذى ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هو إزالة الانطباع الإيجابى الذى أثاره خطاب الرئيس الإيرانى حسن روحانى لدى الأسرة الدولية بشأن نيات إيران فى ما يتعلق ببرنامجها النووى. وإذا ما كان رئيس الحكومة ظهر بخطابه هذا بمظهر الذى يفسد حفلة التزلف لإيران، فإن ذلك يجب ألا يصعب عليه تحمّله، ذلك بأن إسرائيل تخوض منذ نحو عقدين سياسة حازمة ضد إيران وممارساتها فى المنطقة والعالم من خلال الاستناد إلى قرائن قوية. وفى كل مرة كانت الدول الغربية تسعى لإبداء مرونة إزاء إيران، كانت إسرائيل تقف لها بالمرصاد. فسنة 2007 مثلا، قُدّم إلى رئيس الولاياتالمتحدة السابق جورج بوش تقرير استخباراتى أمريكى يؤكد أن إيران جمدّت برنامجها النووى العسكرى، غير أن الاستخبارات الإسرائيلية بذلت كل ما فى وسعها كى تقنع الإدارة الأمريكية بأن ما حدث هو عكس ما ورد فى ذلك التقرير تماما، وأن إيران تقوم بخطوات حثيثة نحو امتلاك سلاح نووى. وبعد عدة أعوام اقتنع المسئولون فى الولاياتالمتحدة بصحة ما تقوله إسرائيل من دون أن يعترفوا علنا بأنهم ارتكبوا خطأ. وليس من المبالغة القول إن العقوبات الاقتصادية الشديدة المفروضة على إيران حاليا هى نتيجة الضغوط الكبيرة التى مارستها إسرائيل على العالم الغربى ولا سيما على الولاياتالمتحدة. ولا تنوى إسرائيل فى الوقت الحالى الكف عن ممارسة الضغوط على العالم الغربى من أجل عدم رفع هذه العقوبات بل تشديدها فى حال الضرورة، نظرا إلى حقيقة أن إيران أصبحت دولة على عتبة إنتاج قنبلة نووية، والطريق الوحيد لمنعها من تجاوز تلك العتبة هو فى تجريدها كليا من برنامجها النووى. فى الوقت عينه، لا بد من إدراك أن إسرائيل ستواجه صعوبات كبيرة فى العمل بمفردها ضد إيران ولا سيما على الصعيد العسكرى. وبناء على ذلك، فإنها بحاجة إلى أقصى تعاون مع الولاياتالمتحدة. ولعل أهم ما يجب أن تسعى إسرائيل نحوه الآن هو ضمان عدم تخفيف وطأة العقوبات المفروضة على طهران.
محلل سياسى والرئيس السابق للطاقم الإعلامى فى ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية «يديعوت أحرونوت» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية