لم يحتفل المصريون من قبل بذكرى السادس من أكتوبر كما يفعلون اليوم، فالمشهد الاحتفالي اختلط بمسيرات غاضبة للإخوان، والعطلة الرسمية لم تمنع الآلاف من الخروج للاحتفال بذكرى العبور، أو للاحتجاج على النظام. التحرير الذي أصبح العاصمة السياسية للبلاد، استعد بمنصة رئيسية تحتفل بالنصر، فيما طاف المئات بالميدان، يهتفون لأبطال الجيش، وينددون بجماعة الإخوان، رفع المشاركون في المسيرة علم مصر وصور الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، فيما ظهرت على أطراف الميدان مركبات الشرطة وأفرادها، وبينهم للمرة الأولى مجموعات من الشرطة النسائية. نقطة شعبية أخرى للاحتفال كانت منصة طريق النصر، حيث تجمع العشرات منذ الصباح بمكبرات الصوت التي تذيع أغنيات أكتوبر، وشعارات التأييد للفريق أول السيسي. القوات المسلحة استعدت للاحتفال ببرامج حافلة في جميع ميادين مصر، مهرجانات شعبية وفنية، وعروض مبهرة لطائرات F16، موعد الضربة الجوية يوم العبور، وانتشرت فرق الموسيقى العسكرية في الميادين الرئيسية في الرابعة عصرًا، بمشاركة فرق الفنون الشعبية. مفاجأة القوات المسلحة هي فقرة الهدايا و"الجوائز القيمة" التي تلقيها الطائرات على الشعب، قبل أن تنطلق الألعاب النارية في سماء التحرير والاتحادية والميادين الكبرى بالمحافظات، بعد السابعة مساء، مع اقتراب موعد احتفالية يحضرها السيسي مع كبار القادة. الجانب الآخر يستعد منذ الصباح. ثلاث مسيرات رئيسية لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي خرجت ظهرًا من مسجد الرحمن الرحيم في صلاح سالم، ومن منطقة المعادي، وثالثة من ميدان حلمية الزيتون، بالإضافة إلى مسيرات أخرى أقل حجمًا في شارع السودان والمهندسين وشبرا وشرق القاهرة. مسيرات معارضة للإخوان خرجت أيضًا منذ الصباح، تشيد بخارطة الطريق، وتهتف للجيش وقائده السيسي. بدأت الأجواء تتوتر بعد الظهر، مع تقاطع المسيرات أحيانًا، أو تدخل الأمن لوقف بعض المسيرات الإخوانية، أو منعها من دخول أحد الميادين، اندلعت الاشتباكات في أكثر من منطقة بالقاهرة والمحافظات، "بين الإخوان والأهالي"، كما قالت وسائل الإعلام المصرية، أو "بين الأمن والإخوان، كما نقلها الإعلام الغربي". أعنف الاشتباكات كان في منطقة الدقي بوسط الجيزة، وجزيرة الروضة، ومنطقة رمسيس. أجهزة الأمن واجهت المسيرات الإخوانية بأكثر من طريقة، ونجحت في منعها من المرور أحيانًا، أو إخلاء الميادين منها كما حدث في ميدان الشهداء في أسوان. تكرر المشهد في السويس، حيث قامت أجهزة الأمن بإخلاء ميدان الشهداء من أنصار الرئيس المعزول، حين فرقت قوات الأمن عدة تجمعات لأنصار الإخوان "قبل قيامهم بالتظاهر"، حسب تعبير مدير الأمن، اللواء ناصر العبد، في الوقت نفسه شارك أهالي المدينة في احتفال القوات المسلحة بالنصر، في ميدان الشهداء. بين المظاهرات والمظاهرات المضادة، بدأت الأخبار تتحدث عن قتلى ومصابين قرب الرابعة عصرًا، ثلاثة قتلى على الأقل في محافظة المنيا، ومصابون لم يتسن لنا التحقق من أعدادهم.