بعد أكثر من شهر تحركت قوات الأمن لتحرير كرداسة من يد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، الذين فرضوا سيطرتهم الكاملة عليها عقب حادث قتل ضباط قسم كرداسة والتمثيل بجثامينهم يوم فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، منتصف الشهر الماضى. وداهمت قوات الأمن المدينة فى ساعة مبكرة من صباح أمس، لتطهيرها من العناصر الإرهابية المسلحة، والقبض على المتهمين باقتحام قسم الشرطة وقتل ضباطه ال11، حيث استعانت القوات بنحو 200 مجموعة قتالية و40 تشكيلا من قوات الأمن المركزى، و4 طائرات عسكرية مشتركة بين الجيش والشرطة، حسب ما أكدت مصادرأمنية ل«الشروق». وبدأت عمليات الاقتحام بنشر الأجهزة الأمنية قواتها على جميع مداخل ومخارج المنطقة، وطريقى المحور وصفط اللبن لمنع هروب المسلحين، والمطلوبين على ذمة قضايا، وتمركزت قوات الأمن والعمليات الخاصة وقوات الجيش أمام قسم شرطة كرداسة، وبجميع مدارس القرية التى اعتلاها مجهولون وتبادلوا الرصاص مع الأمن فى بداية عمليات الاقتحام. وفى السابعة والنصف صباحا انتشرت قوات الأمن داخل شوارع المدينة لفرض سيطرتها على جميع المداخل والمخارج، وسط تبادل لإطلاق النار مع العناصر المسلحة التى اعتلت أسطح عدد من المنازل من الناحية الشمالية، حيث استهدفت اللواء نجيب فراج، مساعد مدير أمن الجيزة بطلق نارى اخترق جسده أسفل القميص الواقى، مما أدى إلى استشهاده متأثرا بجراحه بعد نقله إلى مستشفى الهرم بالجيزة. عقب ذلك شهدت المنطقة حالة من الكر والفر بين قوات الأمن والعناصر المسلحة، وسط إطلاق رصاص بطريقة عشوائية، من أعلى العمارات من بينها العمارة التى يوجد بها مقر حزب النور بشارع الوحدة. وشوهد فى أثناء ذلك 3 ملثمين مسلحين بأسلحة آلية يهربون إلى الشوارع الجانبية للقرية، إلا أن قوات الأمن قامت بملاحقتهم وألقت القبض عليهم، وطالبت قوات الأمن الأهالى بإغلاق جميع منافذ المنازل وعدم نزول أحد إلى الشارع وإغلاق المساجد تحسبا لمحاولة المتهمين الاحتماء بها. من ناحية أخرى، أشعل عدد من أنصار الرئيس المعزول النيران بمداخل القرية أمام قوات الأمن، كما قاموا بإشعال إطارات السيارات، ما أدى إلى صعوبة فى الرؤية نتيجة للسحب السوداء الكثيفة التى خلفها الحريق، وتقدم عدد من سيارات الإطفاء إلى جانب مدرعات شرطة من نوع «فهد»، وأطفأت النيران، فى الوقت الذى قامت فيه قوات الأمن بإطلاق قنابل الغاز على أنصار الرئيس المعزول وملاحقتهم. وفى الثامنة صباحا توجه ضباط العمليات الخاصة إلى منازل المطلوبين فى قضية مجزرة مركز الشرطة، والذين يبلغ عددهم نحو 200 شخص وقاموا بمحاصرة منازلهم، التى يقع معظمها بشوارع ضيقة، ما أجبر القوات على الدخول مترجلين، تحت غطاء من الطائرات العسكرية التى حلقت على مستوى منخفض لرصد العناصر المسلحة. فى أثنا ذلك شوهد عدد من الأهالى يقابلون الشرطة والجيش بالترحاب وبعدة هتافات مؤيدة لهم، وقدموا لهم زجاجات المياه، لكن القوات رفضت وأمروا الأهالى بالدخول إلى منازلهم خوفا عليهم من أى مخاطر فاستجابوا لها. وتراجعت حدة إطلاق النيران من قبل المسلحين بعد اقتحام قوات الأمن الشارع الرئيسى فى المدينة بالمدرعات والسيارات المصفحة والدخول إلى جميع الشوارع الرئيسية والفرعية للمنطقة، مما قيد حركة المسلحين أمام المدرعات التى سيطرت بشكل كامل على المنطقة. وأكد مصدر أمنى بمديرية أمن الجيزة ل«الشروق» أن الأجهزة الأمنية ضبطت على محمد الزمر، أثناء تمشيط قرية ناهيا، مشيرا إلا أن أجهزة الأمن رصدت عدة مناطق يتواجد بها القيادى الإخوانى عصام العريان بمسقط رأسه ناهيا، وإلى جواره عاصم عبدالماجد، القيادى بالجماعة الإسلامية. وأضاف المصدر أن قوات الأمن لن تخرج من كرداسة قبل القبض على جميع الخارجين عن القانون والمتهمين فى الأحداث الأخيرة، مشيرا إلى أن عودة الهدوء والأمن إلى كرداسة على رأس أولويات جهاز الأمن خاصة قبل دخول المدارس. وتمكنت قوات أمن الجيزة من العثور على 11 قنبلة يدوية فى أثناء تمشيط محيط قسم كرداسة وداخله وتم انتداب المعمل الجنائى لفحصها وإبطال مفعولها، وأشار المصدر الأمنى بالمديرية إلى أن خبراء المفرقعات تمكنوا من إبطال مفعول قنبلة قبيل انفجارها. كما تمكنت القوات الأمنية من القبض على 3 أشخاص كانوا متواجدين بالقرب من قسم كرداسة وبحوزتهم سلاح نارى. وأعلنت وزارة الداخلية أمس عن ضبط 48 مطلوبا لجهات التحقيق من المتهمين فى واقعة اقتحام مركز شرطة كرداسة وقتل ضباط وأفراد المركز وبحوزتهم كمية من الأسلحة الآلية والخرطوش والقنابل اليدوية، واستشهاد اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة بطلق نارى، وإصابة خمسة ضباط وأربعة مجندين بشظايا فى أماكن متفرقة بالجسم. وقال بيان رسمى صادر عن الوزارة إن الوزارة وجهت فجر أمس حملة أمنية مكبرة بالتنسيق والاشتراك مع القوات المسلحة، استهدفت منطقة كرداسة تنفيذا للأوامر الصادرة من النيابة العامة بضبط عدد من العناصر الهاربة والمتورطة فى واقعة اقتحام مركز شرطة كرداسة التى راح ضحيتها 11 ضابطا وفردا، وضبط ما بحوزتهم من أسلحة نارية وأسلحة ثقيلة. وأضاف البيان أنه فور بدء عمليات الحصار والاقتحام تعرضت القوات لإطلاق أعيرة نارية بكثافة تجاهها من قبل عناصر مسلحة اعتلت أسطح بعض المنازل، والمدارس، ومآذن المساجد، ما اضطر القوات إلى مبادلتهم إطلاق الأعيرة النارية. ورافقت «الشروق» عملية تمشيط الظهير الصحراوى بمنطقة كرداسة، حيث شهد حالة من الكر والفر بين قوات الأمن برئاسة اللواء محمود فاروق، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، وبين مجموعة من المسلحين، وحلقت طائرات الهليكوبتر على مستوى منخفض من الأرض لرصد تلك العناصر، ومطاردتها، أثناء مقاومة قوات الأمن لمدة 45 دقيقة. وأحكمت قوات الأمن السيطرة على كرداسة من الناحية الشمالية، إلا أنها فوجئت بعدد كبير من المسلحين، يقاومونها عن بعد بأسلحة آلية، لفتح طريق لهم فى الظهير الصحراوى، لكن القوات تصدت لهم، بمدرعات الشرطة «فهد»، وأطلقت عليهم وابلا من الرصاص أجبرهم على التفرق فى عدة مناطق. وبينما اختبأ بعضهم فى المنازل هرب البعض الآخر إلى الظهير الصحراوى وطاردتهم قوات الأمن بالأسلحة الآلية، قبل أن يسلموا أنفسهم بعد وضع الأسلحة على الأرض. جدير بالذكر أن الظهير الصحراوى لكرداسة هو نفس الطريق الذى هرب منه ال7 مسلحين المتهمين بقتل ضباط كرداسة واقتحام القسم، بعد استقلالهم سيارة «فان»، بحسب روايات شهود العيان من أهالى المدينة.