تهدد أزمة اللاجئين السوريين بالتحول إلى كارثة في مجال التعليم على المدى الطويل. وسيصبح عدد الأطفال اللاجئين في لبنان قريبا 500 ألف طفل، وسوف تتاح امكانية الذهاب إلى المدارس لعدد قليل فقط من هؤلاء. لكن غوردون براون، رئيس وزراء بريطانيا السابق والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لشؤون التعليم، يقول إن الدروس يمكن أن تتوفر في غضون أسابيع. "منذ أيام قليلة، استطاعت الناشطة العالمية في مجال التعليم ملالا يوسف زاي أن تتحدث عبر سكايب إلى زهرة وأم كلثوم كاطو، وهما توأمتان سوريتان تعيشان في المنفي في مدينة بعلبك شمال لبنان. وخلال حديثهن، أدركت الفتيات الثلاث أن شيء مشترك قد جمع بينهن، فجميعهن ضحايا للعنف الذي هدد بتدمير شبابهن، ومستقبلهن، كما أن الفتيات الثلاث لا يستطعن أن يفعلن ما يمكن لأغلب الفتيات والصبية الآخرين أن يفعلوه كل صباح: وهو مغادرة البيت الذي نشأن فيه للذهاب إلى المدرسة. والآن هناك خطة يمكن أن تساعد أكبر مجموعة من الأطفال السوريين اللاجئين من العزاب – أي 300 ألف من هؤلاء المنفيين إلى لبنان – والتي تمكنهم من الذهاب للمدارس وتوفير الطعام لهم في غضون أسابيع. ما هو مستقبل هذه الأسرة التي وصلت إلى الحدود التركية هذا الاسبوع؟ وقد أعدت هذه الخطة من قبل كيفن واتكنز من معهد التنمية العالمية للأعمال الخيرية، ومؤسسة أورلد آت سكول (أو عالم في المدرسة)، والتي تقود حملات من أجل توفير التعليم لملايين الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدارس. لكن هذه الخطة يمكن فقط أن توضع حيز التنفيذ – وهو ما يبدو من غير المحتمل اليوم - إذا قدم المجتمع الدولي، والذي يساهم باثنين في المئة فقط في تمويل التعليم المطلوب في الأزمات الإنسانية، مبلغا إضافيا بقيمة 500 مليون دولار (319 مليون جنيه استرليني). وتشمل الخطة بقاء المدارس اللبنانية مفتوحة بالنهار والليل بنظام الفترتين أو حتى الثلاث فترات، والتعاقد مع لاجئين سوريين كمدرسين باللغة العربية في المدارس المجتمعية، وتوفير الوجبات المدرسية لمكافحة الجوع بالإضافة إلى مكافحتنا لمحو الأمية. وهذه الاستراتيجية متجذرة أيضا في الافتراض الواقعي بأن محنة الأطفال السوريين هي أكثر من مجرد حالة طوارئ قصيرة الأجل، وأن بقائهم في المنفى قد يدوم لسنوات. وهي تلقى الدعم النشط من الحكومة اللبنانية، لكن هناك سؤال مفتوح حول ما إذا كان المجتمع الدولي سيقدم التمويل اللازم. التعليم في حالات الطوارئ الأطفال دائما هم أكثر الضحايا المهمَلين والمَنسيين في الصراع، وكما يحرمون من الغذاء والمأوي بالفعل، يمنع الصبية والفتيات أيضا من حقوقهم في التعليم، ومحتم عليهم أن يخسروا الطفولة التي إذا فقدت مرة، لا يمكن إرجاعها أو عيشها مرة أخرى. وأطفال سوريا اللاجئون الذين يقدر عددهم بمليون طفل، والذين يشكلون نصف اللاجئين في هذه البلاد، هم ببساطة أحدث ضحايا هذه الفجوة الضخمة في نظامنا العالمي. كما أنهم من بين 28 مليون طفل في العالم يحرمون الآن من حقهم في الدراسة في مناطق الصراع وفي ظل أنظمة منهارة. عدد ضئيل فقط من الأطفال السوريين اللاجئين يذهب إلى المدرسة وقريبا سوف تستوعب لبنان الصغيرة وغير المستقرة 500 ألف طفل سوري من الصبية والفتيات، وفي غضون شهور قليلة بالفعل، سيزيد عدد هؤلاء اللاجئين ليصل إلى نسبة مذهلة تبلغ 25 في المئة من سكان لبنان من الأطفال. لكن اليوم، وفي المستقبل المنظور، هناك أماكن مدرسية لنسبة صغيرة فقط منهم، تقدر ب 30 ألف مكان. وإذا كان هؤلاء يعانون من منفى نموذجي للأطفال في ظل الصراع، فربما يقضون عشر سنوات في مخيمات بلا تعليم. إن الصدمات التي تجتاح الأطفال السوريين تؤكد على فشل عالمي مستمر، فمنذ 100 عام مضت، ومن خلال دعم الصليب الأحمر، قرر العالم أنه سيلبي الاحتياجات الصحية الأساسية للناس، حتى في أماكن الحروب. ومنذ 40 عاما أقرت مؤسسة أطباء بلا حدود بأن الرعاية الصحية يجب أن تتوفر في جميع مناطق الحروب الأكثر خطورة وعنفا. واليوم، لا يزال مفهوم "تعليم بلا حدود" فكرة غير مألوفة، وهو مفهوم لم يدمج بعد داخل نظامنا الخاص بالإغاثة الإنسانية. مناطق النزاع لكن ثمن عدم التحرك من أجل الشباب المحرومين من التعليم، والذين يدمرهم الغضب، والأرق واليأس، والمحكوم عليهم بالبقاء في الخيام والمعسكرات لسنوات في الغالب، سوف يلاحقنا على مدى أجيال. وذلك لأن الملايين من الشباب العاطل عن العمل سيصبحون من الكبار الذين لا يمكن توظيفهم، كما أن العديد سوف يتخرج لا إلى وظائف، ولكن إلى العنف. وفي يوم 23 سبتمبر/أيلول في نيويورك، سوف تؤسس المنظمات التي كافحت ببسالة لسنوات لتقديم التعليم في حالات الطوارئ عملها على الأعمال الرائدة التي قدمتها منظمة اليونيسيف، ومفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، والشبكة العالمية لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، لكي تخرج مبادرة تعليم بلا حدود إلى الحياة من أجل اللاجئين السوريين في لبنان. وفي نيويورك، انضم الشباب من مناطق الصراع حول العالم إلى الناشطة الباكستانية ملالا يوسف، مدعومين بالتماس قدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وسوف يقدمون طلبا من أجل الحصول على تمويل. وسوف يُظهر ذلك أنه بالرغم من أننا لا نستطيع أن نقوم بكل شيء، يمكننا القيام بشيء ما، وأن الأمل يمكن أن يبقى حتى وسط الأهوال، وأن الخير لا زال بإمكانه أن ينتصر على أسوأ الشرور، حتى في أكثر مناطق العالم اضطرابا ويأسا."