تباينت آراء خبراء التعليم وأساتذة القانون حول قرار المجلس الأعلى للجامعات بمنح أفراد الأمن الإداري بالجامعات حق الضبطية القضائية، الذي انفردت به «الشروق»، حيث رحب البعض بالقرار بوصفه خطوة فعالة لمواجهة الانفلات الأمني، فيما أعرب آخرون عن تخوفهم محذرين منه، وحذروا من خطورته واستخدامه كأداة للتضييق على الطلاب الذين يمارسون نشاطا سياسيا. أكد الدكتور حسين عيسى، رئيس جامعة عين شمس، أن بعض رؤساء الجامعات تطرقوا عن منحهم الضبطية القضائية في الجلسة الأخيرة للمجلس الأعلى للجامعات، الذي وافق جميع أعضائه على هذا المقترح، على أن يخاطب وزير التعليم العالي حسام عيسى، وزير العدل للحصول على موافقته. وقال إن الهدف من مطالبتهم بمنح الضبطية القضائية للجامعات يرجع إلى مواجهة حالات الانفلات الأمني والقبض على الطلاب مثيري الشغب، وتسليمهم لقسم الشرطة بعد تحرير محضر ضدهم، قائلا: «للأسف كان قسم الشرطة يفرج عن الطالب عندما يسلمه أفراد الأمن الإداري بحجة عدم اعترافهم بفرد الأمن، الأمر الذى جعل بعض الطلاب يتهمون إدارة الجامعة بالتواطؤ وعدم الاهتمام بالملف الأمني». وتابع رئيس الجامعة: «منح الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري يسمح لهم بالقبض على أي طالب يرتكب مخالفة يعاقب عليها القانون، وتحرير محضر ضده يحظى باعتراف قسم الشرطة، ليتم تحويل الطالب المخالف بعد ذلك للنيابة للتحقيق معه»، مقترحا أن تمنح هذه الضبطية فقط لمدير الأمن الإداري ونائبه، قائلا: «لا نميل إلى التوسع في إعطاء الضبطية القضائية لعدد كبير والوزير أكد ذلك». وحول تخوفات البعض من استغلال الضبطية القضائية في القبض على الطلاب السياسيين أو عودة أمن الدولة مرة أخرى داخل الجامعات أضاف: «ليس لها أساس من الصحة، والضبطية القضائية ستطبق على الطلاب المرتكبين جرائم يعاقب عليها القانون، مثل تعاطى المخدرات والأعمال المنافية للآداب، والتعدي على المنشآت والاعتداء على الطلاب والأساتذة بالأسلحة البيضاء، ومدير أمن الجامعة حاصل على دكتوراه في القانون، وبمجرد الحصول على موافقة وزير العدل بمنحنا الضبطية القضائية سيتم تشكيل لجنة تضم أساتذة قانون للاطلاع على أي محضر يتم تحريره ضد الطالب قبل تسليمه للشرطة، وإصدار تعليمات صارمة بمنع القبض على أي طالب خلال مشاركته في مسيرة أو مظاهرة طالما كانت سلمية». وفى السياق ذاته تباينت آراء أساتذة بالجامعات، حيث تقول الدكتورة ليلى سويف، عضو بحركة 9 مارس: «أرفض منح الجامعات الضبطية القضائية فهو أمر مثير للشك، فإذا كانت الجامعات تعاني من أزمة في الأوضاع الأمنية، فهناك بدائل كثيرة لتحسين دور الأمن عبر الاستعانة بخريجي كليات التربية الرياضية كأفراد أمن، أو التعاقد مع شركات أمن متخصصة»، مستشهدة بأفراد أمن جامعة القاهرة، وقدرتهم على التعامل حال وقوع أي اشتباكات، مضيفة: «كيف تمنح الضبطية القضائية لأمن إداري غير مؤهل ومدرب، هذا الأمر بحاجة لدراسة مستوفية؟». ومن جانبه قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: «أوافق بشرط أن يكون أمن الجامعة تابعا لرئيس الجامعة مباشرة، وأن تحقق الجامعات استقلالها الكامل، وأن يكون استخدام الضبطية القضائية قاصرا على الأعمال التي ترتكب داخل الحرم الجامعي فقط، وألا يكون هناك استغلال للنفوذ عند استخدامها، بحيث يعاقب كل فرد أمن حصل على الضبطية القضائية لو تجاوز القوانين، واستغل الضبطية في القبض العشوائي على الطلاب، مضيفا: «لابد أن تكون الضبطية القضائية مرتبطة بجريمة تخريب منشآت أو اقتحام، وليس جريمة سياسية». وفيما يتعلق بالشق القانوني تقول فاطمة سراج، محامية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن هناك خطورة كبيرة في منح الجامعات الضبطية لعدم توافر الخبرة لأفراد الأمن الإداري، وبالتالي فإن احتمالات تلفيق القضايا للطلاب ستزداد، وستكون أداة لتقييد حرية الطلاب السياسيين في ظل قانون تنظيم الجامعات الحالي. وأضافت: «من الممكن أن يستغل بعض أفراد الأمن الحاصلين على الضبطية بعض مواد العقوبات الموجودة في قانون الجامعات، لتلفيق قضايا ضد الطلاب السياسيين، وتحرير محاضر كيدية ضدهم، وللأسف بعض مديري الأمن بالجامعات لواءات جيش متقاعدين، ولهم خلفية أمنية، وبالتالي فالتعامل مع الطلاب سيكون مقيدا». واختلف معها الدكتور طه غازي، وكيل كلية الحقوق لشؤون الدراسات العليا بجامعة عين شمس، قائلا: «منح الضبطية لأفراد الأمن بمثابة سلطة قوية تسمح لمأمور الضبط القضائي بتحرير محضر ضد أي طالب يرتكب جريمة ما وتفتيشه، في الوقت الذى لا يستطيع فرد الأمن تحرير محضر ضد الطلاب مثيري الشغب، بل يصل الأمر أحيانا بقيام بعض الطلاب بالاعتداء على فرد الأمن نفسه». وأضاف: «أساس استخدام الضبطية القضائية هو حالة التلبس، بحيث يحق لفرد الأمن المخول له استخدام الضبطية القبض على الطالب في حالة التلبس فقط، فمثلا لو تم ضبط طالب يتعاطى المخدرات فلابد من تحرير محضر بالواقعة وتفتيش الطالب، والتحفظ على المواد المخدرة لإثباتها، والاستماع للشهود الموجودين أثناء الواقعة». وفيما يتعلق بآراء الطلاب قال هشام أشرف، رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة: «أرفض الضبطية القضائية التي ستسهل عملية تلفيق القضايا للطلاب، فأمن الجامعة هم موظفون معينون، وبالتالي كل ولائهم لقياداتهم، وفى حالة وجود أى خلافات بين الطالب وقيادته، سيستغل الأخير هذه الضبطية في تلفيق بلاغات كيدية للطلاب»، مقترحا أن تمنح هذه الضبطية القضائية لأفراد أمن تابعين للشركات الخاصة وليس لأفراد أمن الجامعة. ومن جانبه يقول حاتم سمير، مدير جهاز الأمن الإداري بجامعة عين شمس السابق، إن قرار منح الضبطية لأمن الجامعات يمنحهم شرعية سيستطيع من خلالها فرد الأمن تحرير محضر ضد الطلاب المرتكبين أي جرائم يعاقب عليها القانون، وتسلميهم لقسم الشرطة، قائلاً: «فرد الأمن الإداري ليس من حقه القبض على الطالب، وكان قسم الشرطة لا يعترف بالمذكرات التي نسلمها لهم، بل كان يصل الأمر إلى قيام هؤلاء الطلاب مثيري الشغب بتلفيق تهمة الاعتداء عليهم مقابل عدم تسليمهم للشرطة، ولكن بعد منحنا الضبطية القضائية سيكون لنا الحق قانونيا في ضبط الطلاب والاعتراف بالمحاضر التي نحررها».