"منهم لله اللي كانوا السبب" عبارة باتت على كل لسان من أتى إلى مسجد القائد إبراهيم بالأمس للصلاة خلف الشيخ حاتم فريد، ووجد المسجد الكبير وقد أغلق أبوابه وانطفأت أنواره، وخلا من المارة والمصلين. إنها العشر الأواخر التي يأتي للصلاة بالمسجد مئات الآلاف من المصلين من كل فج عميق فى حدث فريد يلفت أنظار العالم أجمع، لم يستطع نظام مبارك القمعي أن يمنعه يوما من الأيام، وكان يسخّر رجاله لمساعدة المصلين طمعا في الثواب. محمود شكري- 21 سنة، طالب بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية بالفرقة الثانية، اعتاد كل عام أن ينتهز شهر رمضان لبيع المصاحف والكتب الإسلامية وسجاد الصلاة بمسجد القائد إبراهيم، من أجل الحصول على مصاريف جامعته. محمود الذي تعرض للموت يوم الجمعة الماضية، إثر الاشتباكات بين المؤيدين والمعارضين، أكد قائلا "الخسارة ليست في مصاريف الدراسة التي لم أجمعها، ولكن في أجواء صلاة التهجد، والقيام مع الشيخ حاتم فريد، التي داومت عليها لقرابة السبع سنوات، ولم أتخيل أن تنقطع أبدا، وأن يصبح المسجد الكبير بتلك الوحشة والظلام". على بعد خطوات منه يجلس شابان هما شريف- 17 عاما، وخالد- 27 عام على ناصية شارع جانبي أمام المسجد وحدهما أمام مائدة صغيرة، تراصت عليها عصائر ومياه معدنية وترمس كبير به مياه مغلية، لإعداد الشاي والنسكافيه. يقول خالد، أعمل بميناء الإسكندرية كمستخلص جمركي، وفي شهر رمضان أقوم مع شريف بشراء كميات كبيرة من المياه والنسكافية والشاي والعصائر لتقديمها إلى المصلين. علامات الحزن ترتسم على وجه شريف ليكمل قائلا "كنا نكسب 500 جنيه في اليوم، ويعمل معنا شباب جامعي باليومية، وبالرغم من ذلك حزننا الأساسي على هذا المشهد الذي نراه بالمسجد، ولا أجد ما أقوله سوى حسبي الله ونعم الوكيل في الاثنين المؤيد والمعارض على ما يحدث". الشيخ محمود أنور بائع المصاحف أمام مسجد القائد إبراهيم، كان يحمل كتبه ومصاحفه على سيارة نقل حزينا، لم يكن يريد الحديث إلا أنه قال "كان الشباب يتركون مسلسلات رمضان الجذابة للصلاة وراء الشيخ حاتم، والآن يتحمل كل من زج بالسياسة داخل المسجد والإسلام بريء منهم جميعا". تتوقف سيارة في الشارع الخالي أمام المسجد، ينزل رجل كبير في بداية الخمسينيات ومعه أبناؤه الخمسة قادما من غرب الإسكندرية للصلاة وراء الشيخ حاتم فريد، يتعجب الرجل من المشهد وأن المسجد المغلق، متسائلا عن موعد صلاة التهجد. يخرج صوت من أسفل شجرة بجوار المسجد لعابر سبيل من المساكين كان نائما يجيبه قائلا "الإخوان مشوا المصلين والشيخ حاتم مش جاي"، ويتلفظ بألفاظ نابية لعدم إقامة صلاة التهجد، واختفاء الوجبات التي كانت تأتي في شهر الكرم والجود". وفي اليوم التالي يؤذن المؤذن لصلاة العشاء، تقام صلاة التراويح بدون الشيخ حاتم فريد الذي انتابته حالة من الضيق والحزن، ومكث في بيته، وأعلن عدم صلاته بأي مسجد آخر، تنتهي الصلاة سريعا على غير العادة، المسجد ممتلئ هذه المرة بالإخوان فقط، ويخرجون جميعا خارج المسجد. إدارة المسجد تغلق الأبواب، بينما يقف الإخوان وأنصارهم على سلالم المسجد ممسكين صور الرئيس المعزول هاتفين بعبارة صادمون، صادمون، أبناء حسن البنا صامدون وإسلامية إسلامية وهي لله، هي لله.