كتب أحمد البردينى وعلاء العربى حالة من الرعب يعيشها جيران قيادات جماعة الإخوان المسلمين فى القاهرة، قبل انطلاق مظاهرات 30 يونيو، التى دعا إليها المعارضون لحكم الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مع محاصرة مقار الجماعة فى عدد من المحافظات، لإجبارها على التنحى عن الحكم.
«الشروق» رصدت الحالة فى محيط منازل قيادات الإخوان المسلمين، ومن بينها منزل الرئيس محمد مرسى بالتجمع الخامس، قبل 24 ساعة من مظاهرات 30 يونيو، وسط حالة من الهدوء الحذر، انتظارا لوقوع اشتباكات بين أنصار الجماعة ومعارضيها، بعد ساعات من إلقاء الرئيس لخطابه فى ذكرى مرور عام على توليه الحكم.
البداية من منزل مرسى الواقع فى شارع 90 بالتجمع الخامس، حيث تراصت أمامه مدرعات الحرس الجمهورى، واحتلت المصفحات التابعة للأمن المركزى الشوارع المحيطة به، بعد تزايد أعداد المظاهرات الغاضبة ضده، أمام المنزل، فى الفترة الأخيرة، وآخرها وقفة أهالى الشهداء فى 21 يونيو.
وبنبرة بها الكثير من الإحباط والقلق، تحدث شعبان عبدالعليم، 23 سنة، عن 30 يونيو فى التجمع الخامس، قائلا «سنقيم فى أى مكان آخر آمن، بعيدا منزلنا المجاور لرئيس الجمهورية»، لافتا إلى وجود اتجاه لدى سكان المنطقة للمشاركة فى المظاهرات المطالبة بسحب الثقة من الرئيس، إلا أنه استبعد تنظيم مظاهرات معارضة أو مؤيدة للإخوان فى التجمع الخامس، نظرا لبعده عن الحياة السياسية، لكنه توقع أن يتعرض منزل الرئيس للهجوم من جانب بلطجية، يومها، وهو ما دفع عددا من جيرانه إلى بيع واستئجار منازلهم، خوفا من التظاهرات الغاضبة، فيما تعاقد آخرون مع شركات أمن لحمايتهم، بينما أشار ساكن آخر، تفصله أمتار قليلة عن منزل مرسى، إلى استحالة إقدام أحد على التظاهر فى المنطقة أو تهديد أمن الرئيس.
وفور السؤال عن منزل نائب المرشد العام للإخوان خيرت الشاطر، الواقع فى أحد الأبراج بمدينة نصر، أكد لنا موظف الأمن بإحدى الشركات الواقعة فى البرج، سعيد محمد، بأن «الشركة منفصلة عن العقار، ولها مدخلها الخاص، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالشاطر»، مضيفا أن «منزل الشاطر ليس هنا، فالمدخل من الشارع الجانبى، ونحن ليست لنا أية علاقة به، فنحن فى حنا وهو أيضا فى حاله».
وأضاف «منزل المهندس خيرت الشاطر له مدخل خاص، ويسكن الدورين 12 و13، أى أنه بعيد عن أيدى المتظاهرين، وفى حالة وجودهم أمام المنزل، فإنهم سيضرون الجيران، دون أن يصيبوه بسوء»، مشيرا إلى أن «الشاطر لديه عدد كبير من أفراد الحراسات الخاصة، القادرين على حمايته»، وأشار إلى أن «الاستفادة الوحيدة من وجودنا بالقرب من منزله، أن الكهرباء لا تنقطع».
وأمام العقار الذى يسكن فيه الشاطر، وقف عدد من البودى جاردات، الذى حمل بعضهم أسلحة، فيما جلس شاب فى العقد الثالث من العمر على مكتب فى مدخل البرج، وأمامه جهاز كمبيوتر، لتسجيل بيانات الوافدين، وسؤالهم عن الغرض من الزيارة، فيما قال أحد جيران الشاطر، إن «نائب المرشد لديه مجموعة كبيرة من البودى جارات لحمايته، ويتواجد بعضهم أمام مدخل البرج، والبعض الآخر أمام شقته، لمنع دخول أى شخص من خارج سكان البرج، مشيرا إلى أن الحراسة الخاصة به تتعامل بطريقة جيدة للغاية معهم.
وفى حى العمرانية التابع لمحافظة الجيزة، يقع منزل رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى، ونائب رئيس الحزب، الدكتور عصام العريان، حيث يسود الهدوء حوله، وعند وصولنا إليه لم نلحظ وجود أحد سوى حارس العقار، ثم قادتنا الصدفة إلى مقابلة العريان أثناء نزوله لأداء صلاة العصر، حيث أكد لنا أنه لن يغادر منزله، أو يلقى بالا للتهديدات التى يتعرض لها، ثم قال «نتمنى أن تكتبوا عما رأيتم، فأنا أعود إلى منزلى لأمارس حياتى بشكل طبيعى».
وقال أحد جيران العريان إنه «شخصية محبوبة من الجيران، ولم نلحظ أية تغييرات عليه منذ انتخابه فى مجلس الشورى، ولن يجرؤ أحد على الاقتراب منه أو من منزله، لأننا سندافع عنه، حتى لو كلفنا ذلك دماؤنا».
من جانبه، قال أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الذى رفض الكشف عن اسمه، إن «الجماعة نصحت قياداتها، خاصة ذوى الوجوه المعروفة إعلاميا، بتشديد الإجراءات الأمنية قبل 30 يونيو، وزيادة أفراد الحراسة الخاصة بهم، وستتخذ كل قيادة الإجراءات المناسبة لتأمين نفسها، بينما يعانى شباب الجماعة من الغليان، نظرا لاستمرار الاعتداءات على قيادات ومقار الجماعة، وهم لن يسمحوا بذلك فى مظاهرات 30 يونيو».
وأكد أحد شباب الإخوان، إسلام توفيق، أنهم تربوا على ألا يرفعوا أيديهم على أبناء الوطن، حتى لو بدأوا بالهحوم عليهم، مشيرا إلى أن التاريخ يثبت أنهم كثيرا ما تعرضوا للاستفزاز والهجوم، ولم يردوا، ليس ضعفا منهم، وإنما حلما بأبناء الوطن ورغبة فى عدم الصدام، كما أوضح أن «شباب الإخوان يعانون من حالة نفسية سيئة، نتيجة السباب والإهانات التى يتعرضون لها من جانب القوى السياسية، وإطلاق ألفاظ خارجة عليهم، كالخرفان، لكننا لن ننجر إلى هذه المهاترات التى قد تؤدى إلى حمام دماء فى البلاد».
وحول رد فعل شباب الإخوان على التهديدات باقتحام منازل أو مقار الجماعة، قال توفيق «سنلتزم بالسلمية، ولن نهاجم أحدا، إلا أننا لن نقف مكتوفى الأيدى تجاه اقتحام منازلنا وحرمات مقارنا، وسندافع عن أنفسنا وشرعيتنا ووجودنا، ولن نسمح بالانقلاب على الشرعية الدستورية، فالرئيس مرسى وشرعيته بالنسبة لنا خط أحمر».
وشدد توفيق على أن المهاجمين لمقار ومنازل الإخوان، ومستخدمى العنف، لا يمتون للثورة بصلة، معتبرا أن «من يستخدم العنف والمولوتوف والخرطوش بلطجية، يجب أن يتم ردعهم بقوة من جانب الأجهزة المعنية فى البلاد».
وفى منطقة المقطم، التى يقع فيها المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين، شيدت الجماعة سورا حديدا أمام المقر لتحصينه من مظاهرات 30 يونيو، بالتزامن مع الاشتباكات الدامية التى تشهدها محافظتا الشرقية والدقهلية بين أعضائها والمعارضين لها.
وأفادت مصادر أمنية، بأن سيارة الأمن المركزى الوحيدة التى كانت تحمى الإرشاد طيلة الأسابيع الأخيرة، انسحبت، ولم يتبق سوى فرد أمن امام المقر لمراقبة الحالة الأمنية فى المنطقة، قبيل مظاهرات الغد، مشددة على وجود تنسيق تام بين قيادات الجماعة وقسم شرطة المقطم، لبحث التواجد الأمنى فى محيط المقر.
ورصدت «الشروق» قيام أعضاء بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين برفع اللافتات المشيرة إلى مقار الحزب فى القاهرة، مع إخلائها من المحتويات والمستندات المهمة، بعد تعرض عدد من مقار المحافظات للاقتحام خلال اليومين الماضيين، فضلا عن التواجد المكثف لشباب الجماعة داخل المقار بأسلوب التناوب.