بتقدير «جيد»، نجح الرئيس محمد مرسى فى ملف الخبز، بحسب خبراء مستقلين، لكنه «جيد» بالحد الأدنى، أى أنه كان قاب قوسين أو أدنى من القبول، ووفقا لحيثيات الخبراء فإن منح هذه الدرجة للرئيس، جاءت بناء على نجاح الحكومة فى تحسين جودة الرغيف وزيادة وزنه، وإنشاء منظومة جديدة للخبز، إذا تم تطبيقها بالشكل الصحيح. ولفت الخبراء إلى أن الحكومة حققت فشلا ذريعا فى القضاء على طوابير الخبز، ومنع تهريب الدقيق للسوق السوداء، وهو ما يجعل المواطن غير قادر على الحصول على الخبز بسهولة.
كان البرنامج الانتخابى للرئيس محمد مرسى، وضع حل أزمة الخبز ضمن خطة عمل ال 100 يوم الأولى له، والتى تواجه المواطنين، وتتمثل فى توفير رغيف الخبز الجيد والصحى والمدعوم للمواطنين دون عناء، ورفع الإنتاجية والقيمة الغذائية لدقيق الخبز، بالإضافة إلى فصل الإنتاج عن التوزيع، والسماح للأفران بالعمل بعد الخبيز، وزيادة مكافأة الخبازين، ودعم وتقوية المخابز الكبيرة المجمعة، وضبط وزن الرغيف وجودته، وتغليظ العقوبة على مخالفات الجودة والوزن، وتفعيل جمعيات المجتمع المحلى ذات السمعة الطيبة، للمساهمة فى توزيع الخبز، ومنح حوافز ومكافآت وشهادات تقدير للمخابز المتميزة، وتيسير تحويل المخابز إلى استخدام الغاز الطبيعى، وتمويل تحويل المخابز اليدوية إلى مخابز آلية، ومنح مكافآت وحوافز وترقيات لمفتشى التموين، ترتبط برضا المواطنين عن الخدمة.
ووفقا للخبراء، نجح الرئيس فى حل عدد كبير من مشاكل الخبز التى وعد بها فى برنامجه الانتخابى، وهى رفع القيمة الغذائية، وتحسين جودة رغيف الخبز، وفصل الإنتاج عن التوزيع، ورفع مكافأة الخبازين، وزيادة وزن الرغيف من 70 و80 جراما إلى 120 و130 جراما، بنفس السعر، وهو 5 قروش، أما النقاط التى فشل فى إنجازها من البرنامج الانتخابى، فهى عدم تحفيز المخابز الملتزمة، ومفتشى التموين، عبر المكافآت وشهادات التقدير، وعدم إشراك المجتمع المدنى بشكل كافٍ فى عمليات توزيع الخبز، وعدم تطوير المخابز اليدوية، أو دعم التحول إلى استخدام الغاز الطبيعى.
وقال المتحدث الرسمى باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، ناصر الفراش، وهو المسئول عن ملف الخبز فى حزب الحرية والعدالة، إن «الحكومة نجحت فى القضاء على أزمة الخبز، بعد تطبيق منظومة الخبز الجديدة، واستطاعت القضاء بشكل كبير على تهريب الدقيق للسوق السوداء، وتحسين جودة وشكل الرغيف وزيادة وزنه، موضحا أن منظومة الخبز الجديدة ستوفر للدولة أكثر من 11 مليار جنيه سنويا، كانت تهدر فى السوق السوداء، عبر تسريب الدقيق المدعم.
وأشار إلى أن المحافظات التى تم تطبيق منظومة تحرير الدقيق فيها، لاقت قبولا لدى المواطنين، نظرا لجودة الرغيف، وكبر حجمه، موضحا أن الوزارة أصدرت القرارين رقمى 27 و41، اللذين يتركان تحديد طريقة توزيع الخبز لكل محافظ، حسب سلوك المستهلكين بالمحافظة، سواء من المخبز مباشرة، أو منافذ التوزيع، أو الجمعيات الأهلية، أو المحليات.
وأوضح أن مصر تستهلك 9 ملايين طن قمح سنويا، تنتج 240 مليون رغيف يوميا، أى أن متوسط نصيب الفرد هو رغيفان يوميا، ورغم ذلك لا يحصل على الخبز إلا نحو 35 مليونا تقريبا، وتسعى الحكومة لأن يحصل جميع المواطنين على الخبز الجيد»، مضيفا أن المنظومة الجديدة تعالج الأخطاء التى منعت وصول الخبز المدعم لمستحقيه، وستوفر الخبز للمستهلكين بطريقة آدمية، وبالكميات المطلوبة لحاجة الاستهلاك، والحكومة تراهن على توفير مخصصات الدعم الممنوح للرغيف، من خلال المنظومة الجديدة، التى تجفف منابع التهريب لأدنى درجة، فنحو 60 % من حصص الدقيق لم تكن تخبز فى السابق، وتستفيد منها مافيا المخابز والمطاحن.
وأضاف: «فى وزارة التموين نحن فريق عمل، واتفقنا على تحقيق مطالب العيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ونريد إيصال رسالة إلى المواطن، مفادها أننا نعمل بكل قوة ليرى تغييرا على الأرض، خاصة فيما يتعلق بالخبز الذى وضعناه على رأس اهتماماتنا، من خلال محاور تطبيق منظومة الخبز الجديدة، وما يترتب عليها من جودة الرغيف، والحفاظ على بيعه بسعر 5 قروش، والقضاء على تهريب الدقيق».
وشدد الفراش على أن أهم ما ستضيفه منظومة تحرير الدقيق هى الخروج من العشوائية إلى النظام، حيث سيحصل المواطن على حقه بانتظام، حتى لو كان قليلا من وجهة نظره، فقد بدأت الوزارة فى تطبيق المنظومة الجديدة فى 15 محافظة، بينما يتصدى لها مافيا المخابز والمطاحن، لأنها ستقضى على تهريب الدقيق، حيث تحقق ربحا لأصحاب المخابز يبلغ 80 جنيها فى الجوال زنة 100 كيلو جرام، بعدما كانت التكلفة فى المنظومة القديمة هى 30 جنيها فى الجوال.
وفى المقابل، أكد خبراء اقتصاد أن «الحكومة نجحت بنسبة من 60 إلى 65 % فى التعامل مع ملف الخبز، بنجاحها فى الحد من تهريب الدقيق، رغم أنها لم تقض عليه بالكامل، ومازالت طوابير الخبز مستمرة، ويشير الخبير الاقتصادى حمدى عبدالعظيم، إلى أن الحكومة نجحت بشكل مقبول فى القضاء على تسريب الدقيق للسوق السوداء، بعد تطبيق منظومة الخبز الجديدة، إلا أنها لم تقض عليه تماما، فمازالت كميات كبيرة من الدقيق المدعم تباع فى السوق السوداء، ويحقق منها أصحاب المخابز أرباحا طائلة، باستفادتهم من فارق السعر بين الدعم والسوق الحرة.
وأضاف عبدالعظيم أن أزمة طوابير الخبز مازالت مستمرة، وهناك توزيع سيئ لأكشاك ومنافذ بيع الخبز، حيث يوجد الكثير منها بالقرب من أفران العيش، وبالتالى توجد شبهة استغلال بين القائمين على التوزيع وصاحب المخبز، موضحا أن الحكومة أخلت بوعودها الخاصة بزيادة عدد مفتشى التموين، وإحكام الرقابة على أصحاب المخابز، دون رفع القيمة الغذائية لرغيف الخبز بالشكل الكافى، وهى نجحت فى زيادة حجم الرغيف من 70 و80 جراما إلى أكثر من 120 جراما، دون تحريك الأسعار، وضربت مافيا الدقيق فى مقتل، بعدد من المحافظات، التى تم تطبيق منظومة الخبز الجديدة فيها.
وفى السياق ذاته، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة صلاح منصور، أن الحكومة نجحت فى حل أزمة الخبز بنسبة 65 %، وإذا استمرت بهذا الشكل، فمن الممكن ان تقضى نهائيا على أزمة تهريب الدقيق، وبالتالى سيتوفر الدقيق للمخابز لتنتج منه الخبز، مشيرا إلى أن وزارة التموين بعد تطبيق المنظومة الجديدة، استطاعت توفير مبالغ كبيرة كانت تذهب للسوق السوداء، ويستفيد منها أصحاب المخابز على حساب المواطن البسيط المستحق للدعم.
ووفقا لمنصور، فإن الحكومة قلصت تهريب الدقيق، ورفعت جودة الرغيف، وزادت من وزنه، لكن السؤال الذى يطرح نفسه، هو هل يستطيع المواطن الحصول على الخبز فى سهولة ويسر وبجودة عالية فى الوقت نفسه؟، وبالقطع الاجابة عن هذا السؤال ستكون لا، لأن المواطن مازال يتكبد عناء الوقوف فى الطوابير بالساعات، للحصول على الخبز المدعم، حتى إن بعض الأسر تخصص فردا منها لمهمة شراء الخبز، خاصة أن المخابز تغلق أبوابها بدءا من الساعة الثانية عشرة ظهرا، بالمخالفة للقانون، الذى ينص على أن تعمل حتى الثالثة عصرا».