كتب علاء شبل وهبة القصاص وإبراهيم جودة ونعمان سمير وماهر عبدالصبور: العطش يهدد الأراضى بالبوار، والفلاحون ينتظرون الفرج، لا يسألون عن سد النهضة فى إثيوبيا، وربما لم يسمع به بعضهم، فكل ما يطلبونه أن تعود المياه لمجاريها فى الترع والمصارف، وتعود أراضيهم إلى الاخضرار، دون الحاجة إلى الاستعانة بمياه الصرف.. يطلبون من وزارة الرى العون، فيصلهم رد واحد أنها أيضا تنتظر «الفرج» معهم، أحيانا تؤكد لهم أن المياه تصل إلى الأراضى فى نوبتها، وأحيانا أخرى تحملهم مسئولية نقص المياه، نتيجة زيادة الطلب.
يعتبر فلاحو الغربية الموسم الزراعى الحالى، هو الأسوأ منذ بناء السد العالى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ويقول أمين عام نقابة الفلاحين فى المحافظة، رفعت جودة داغر، إن «المزارعين يعانون من مشكلات كثيرة، من بينها تحرير محاضر مخالفات ضدهم، بالإضافة إلى نقص مياه الرى، وعدم وصول المياه إلى نهايات الترع، وهو ما يهدد ببوار أكثر من 50 ألف فدان بالبوار، لصعوبة تقسيم الحصة التى تصل إلى الأراضى».
أما نقيب الفلاحين بالغربية، حسن الحصرى، فيحذر من تعرض آلاف المزارعين للإفلاس، لأن معظمهم وقع على إيصالات أمانة لتسيير زراعاتهم وأمور حياتهم، فى انتظار يوم الحصاد، الذى يكون هو نفسه يوم السداد، «إلا أن النقص الشديد فى مياه الرى يهدد مصدر رزقهم الوحيد، وهو الزراعة، بالإضافة إلى أزمة السولار التى تعانى منها المحافظة منذ فترة طويلة دون حلول».
كان مئات المزارعين تقدموا بشكاوى محافظ الغربية، المستشار محمد عبدالقادر، لمطالبته بتطهير الترع وجميع المجارى المائية الخاصة بالرى من الحشائش وورد النيل، خاصة مع استمرار زحف الجفاف على الأراضى، منذرا بحدوث كارثة محققة خلال الموسم الزراعى الحالى.
ومن جهته، أصدر عبد القادر تعليمات مشددة لوكيلى وزارتى الزراعة والرى بالمحافظة، لتكثيف حملات تطهير المجارى المائية، موضحا فى تصريحات ل«الشروق» أن «المحافظة تتعرض لأزمة شديدة فى مياه الرى، والظروف المتغيرة فى أعالى النيل»، وأضاف أن «الدولة يجب أن تتبنى وسائل حديثة لتوفير كميات كبيرة من المياه التى تغمر الأراضى أثناء الرى، لأن الرى بالغمر يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه».
وأوضح المحافظ أن «الأزمة تنحصر فى نهايات الترع، حيث تصلها كميات قليلة من المياه، وهو ما يضطر الفلاحين لاستخدام مياه المصارف»، وطالب بضرورة العودة إلى نظام الدورة الزراعية الثلاثية، التى كان معمولا بها فى الماضى، حتى تستعيد الأرض عافيتها، ويتم زراعة المحاصيل الاستراتيجية والأساسية، مثل القطن والقمح والأرز والذرة».
ووفقا لسكرتير عام محافظة الغربية، اللواء سعيد عبد المعطى، فإن «المحافظة قررت تخفيض المساحات المزروعة بالأرز هذا العام إلى النصف، حيث كانت تزرع 140 ألف فدان فى الماضى، وصلت إلى 70 ألفا فقط نتيجة أزمة الرى التى تعانى منها المحافظة، خصوصا فى نهايات الترع».
وقال محافظ الشرقية، المستشار حسن النجار، إن «أزمة مياه الرى فى المحافظة بدأت فى الانفراج، حيث تم تغذية المجارى المائية بحصة إضافية من المياه تقدر ب1.5 مليون متر مكعب، تم ضخ مليون منها فى بحر مويس، ونصف مليون فى ترعة الإسماعيلية، لرفع منسوب المياه فى نهايات الترع».
وأشارت وكيل وزارة الرى بالشرقية، أمانى كفافى، إلى أنه تم تشغيل محطات الطوارئ فى صان الحجر وحانوت، بطاقة تقريبية 21 متر مكعب فى الثانية، لتغذية مياه الترع، كما تم تشغيل محطة متحركة على ترعة تمبازا، مضيفة أنه «تم تطهير الترع من المعوقات لتسهيل وصول المياه للأطراف والنهايات، والمشكلة على وشك الانتهاء، ولم يتبق إلا ترعة الهجارسة ونهايات الحسينية والمشاعلة وكفر النصيرى، ومن المقرر أن ينتهى تطهيرها خلال 48 ساعة»، كما أرجعت المشكلة إلى زيادة المساحة المزروعة بالأرز إلى 300 ألف فدان، بينما المساحة المقررة للمحافظة هى 176 ألف فدان فقط.
وفى محافظة القليوبية، استمرت أزمة نقص مياه الرى فى مدن الخانكة وشبين القناطر وكفر شكر، وهو ما أدى إلى لجوئهم للرى باستخدام مياه الصرف الصحى، حيث يقول المزارع جبرى عباس إن «موسم العطش والجفاف آت لا محالة، بسبب أزمة مياه الرى، فالمزارعون يجلسون بجوار الترع فى انتظار الفرج، ووصول قطرة مياه لرى مئات الأفدنة التى أصابها العطش، بينما المخلفات التى تسد الترع تمثل عائقا لوصول المياه إلى الأراضى، بالإضافة إلى أن «عمليات تغطية الترع تتم بصورة عشوائية، تتسبب فى إعاقة وصول المياه».
وأشار المزارع زكى محمد إلى أن 10 آلاف فدان بالخانكة والجبل الأصفر وشبين القناطر على وشك الجفاف، بسبب عدم وصول مياه الرى إليها، وهو ما يهدد بتلف الخضراوات ومحصول الأرز».
ومن جانبه، قرر محافظ القليوبية عادل زايد تفعيل قرارات منع استخدام المياه النقية فى رش الشوارع، وتطبيق غرامات تصل إلى 10 آلاف جنيه على المخالفين، والتنبيه على رؤساء الوحدات المحلية بتطبيقها، واستخدام البدائل الموفرة للمياه النقية فى رى الحدائق ورش الشوارع».
وتجمهر العشرات من أهالى قرى حفير شهاب الدين داخل أراضيهم التى أصابها البوار، وقاموا بغلق أبواب الصرف الصحى والزراعى لاستخدام مياهها فى رى أراضيهم، مؤكدين بوار آلاف الأفدنة المزروعة بالأرز، نتيجة عدم وصول مياه الرى للأراضى منذ 25 يوما، وهو ما دفعهم إلى استخدام المياه المالحة، فى محاولة لإنقاذ الأراضى دون جدوى، كما نقلوا شتلات الأرز إلى أراض بمحافظة كفر الشيخ والمحافظات الأخرى وحول المصارف، لإنقاذها من الجفاف.
وفى السياق ذاته، يعانى المزارعون فى مركز بنى عبيد وقرية السلام وضواحيها بمركز منية النصر، من نقص المياه على مدى 82 يوما فى ترعة المكباتى وفروعها، مما أدى إلى تلف المزروعات.
ومن جهته، برر المشرف على ملف اللجان الفنية بأمانة حزب الحرية والعدالة فى الدقهلية، عبد الدايم شريف، نقص مياه الرى فى الترع والمصارف بزيادة المساحة المزروعة بالأرز خلال العام الحالى من 1.1مليون فدان إلى مليونى، بالإضافة للجوء المزارعين لزراعة الأرز بطريقة البدر وليس الشتل، لافتا إلى أن الوزارة ضخت أكثر من 10 ملايين متر مكعب من المياه للمحافظة، متوقعا حل المشكلة بحلول يوم 9 يونيو الحالى، مع زيادة الكميات التى يتم ضخها يوميا.
وفى محافظة المنيا، حاول عشرات المزارعين من أهالى قرية دمشير، اقتحام محطة الرى، أمس، لفتح بوابات المياه بالقوة، بسبب تأخر المناوبة عليهم، واقتراب المحاصيل الخاصة بهم من التلف، نتيجة انقطاع المياه عن الأرض، رغم أنهم ألقوا بذور المحاصيل الصيفية منذ 15 يوما، دون أن تأتى المناوبة، بحسب المزارعين إبراهيم على، وجورج بسخرون، مشيرين إلى أن أراضى القرية فى أول الترعة وليس فى نهايتها، كما تم تقليص فترة المناوبة من 6 إلى 3 أيام.