أثارت تصريحات المخرج شكري أبو عميرة، رئيس التليفزيون، والمُكلّف بتسيير أعمال رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، غضب جموع المبدعين، خاصة زملائه أعضاء نقابة المهن السينمائية. فمؤخرًا عاد «أبو عميرة» من تركيا معلنًا عن نجاحه في عمل بروتوكول تعاون يقضي بتبادل الأعمال الدرامية بين مصر وتركيا، معلنًا أنه حصل على مسلسل تركي جديد سيعرض حصريًّا على القناة الثانية مقابل حصول التليفزيون التركي على مسلسل «ليالي الحلمية»، وعلى الرغم من أن هذه النوعية من البروتوكولات وتبادل الثقافات مع الدول الأخرى من الأمور الاعتيادية، فإن وجود تركيا كطرف ثانٍ في هذا التوقيع كان له وقع آخر.
حيث قال المخرج أشرف سالم: "الدراما التركية تحتل نسبة 30% من مساحة خريطة برامج كل القنوات الخاصة، وكل يوم تزداد النسبة، مما يهدد مستقبل الدراما المصرية، خاصة أن المسلسل التركي رخيص ويحظى على إقبال جماهيري؛ لدرجة أن المصريين حفظوا أسماء الفنانين الأتراك الذين بدأوا يهلون على الدراما المصرية؛ حيث تشارك التركية سونجول أودن المعروفة بشخصية نور بطولة مسلسل «تحت الأرض»، وهناك الأطفال الذين يتحدثون اللهجة الشامية متأثرين بالدبلجة السورية لهذه المسلسلات، ولكن لا نستطيع ان نعترض، خاصة أن من حق القنوات الخاصة أن تبحث عن طرق لتحقيق أرباح ومكاسب لتغطية نفقاتها، لكن أن يدخل تليفزيون الدولة هذا المجال فهو أمر مرفوض، ويشير إلى مؤامرة واضحة للقضاء على صناعة الدراما المصرية والاستسلام للغزو التركي للمنطقة، فبعد أن كان المسلسل المصري واللهجة المصرية هي القوة الناعمة والقوية والفعالة لمصر بالمنطقة العربية كافة تراجعنا بشكل مؤسف، وبدلا من أن تتخذ وزارة الإعلام والتليفزيون المصري وقفة جادة لوقف هذا الغزو، نفاجأ بمثل هذا البروتوكول العقيم الذى يهدف إلى تبادل أعمال مصرية قديمة بمسلسلات تركية جديدة، وكأنه يشجع الدراما التركية على حسابنا، وأقول له بدلا من أن تهتم بدراما دول أخرى فلتهتم بقطاع إنتاجك الذى توقف العمل فيه تمامًا، ولتهتم بجذب المنتجين لمصر لتوفير فرص عمل، ويكفي أن السوريين ذهبوا بأعمالهم إلى دبي لتصويرها بدلا من اللجوء إلى مصر، رغم أنها الأقرب والأكثر ملاءمة؛ من حيث المناخ، ولكنهم فضلوا دبي التي وفرت لها كل وسائل الجذب.
واستخدم السيناريست بشير الديك مصطلح الغزو التركي أيضًا، حينما قال: هو غزو بكل ما تحتويه الكلمة من معنى فيوما بعد يوم يزداد الكم والإقبال وينسحب المسلسل المصري إلى الوراء، بعد أن توقفت السوق وأصبحت مهمة تسويق أي مسلسل تكاد تكون مستحيلة، وكم من الأعمال بدأ تصويرها ثم توقفت لتعثر تسويقها بخلاف كم هائل من الأعمال مؤجلة لحين تحسن الحال الذى لا يتحسن.
وأضاف: للأسف هناك غياب واضح للشفافية، فكثير من الكلام نسمعه حول هذا البروتوكول، فالبعض قال إنه يتضمن عرض 160 مسلسلا تركيًا على شاشة التليفزيون المصري، وقد يكون هذا الكلام مُبالغًا فيه، ولكن من حق كل واحد أن يجتهد ما دامت الشفافية غير موجودة، وأعتقد أن البروتوكول محاولة يائسة لشكري أبوعميرة، لإعادة المتفرج إلى التليفزيون المصري، من خلال الاستجابة لشهوته للمسلسلات التركية، وبذلك يضمن نسبة مشاهدة لقنواته التي لا يراها أحد، وهو تخبط، فلا توجد خطة واضحة المعالم ولا يتم استشارة المتخصصين، فرغم وجود لجنة عليا للدراما، والتي كنت أحد أعضائها لم يتم اللجوء إليها ودراسة مثل هذه النوعية من البروتوكولات، فأكبر خطأ ارتكبه أبو عميرة، أنه انفرد بقرار يخص تليفزيون الدولة، الذي يدخل كل البيوت ويمنح تراثنا بهذه السهولة، التي تحتوي على أرقى درجة من الرقي به أحلامنا ومشاكلنا وطموحاتنا.
واستطرد موضحًا: الدراما التركية عادية تدور حول قصص قد تحدث في أي مكان في العالم قصص حب وهجر وخيانة وكل هذه الأمور، أما الدراما المصرية فهي حياتنا، تاريخنا وذاكرة بلدنا وتتحدث عن مجتمعنا، فكيف يتم اتخاذ قرار بهذا الشكل دون الرجوع إلينا نحن أصحاب الشأن.
ومن ناحيته، أعلن المخرج محمد فاضل، أنه بصدد اللجوء إلى نقابة المهن السينمائية «بصفتي عضوًا سوف اطلب من النقيب عقد جلسة طارئة للجمعية العمومية للنقابة لمناقشة هذا الأمر، خاصة أن شكري، عضو مجلس النقابة، والذي تم انتخابه لحماية حقوق الأعضاء، وتوفير فرص عمل لهم وليس للقضاء على الصناعة بأكملها، ولن يقف الأمر عند هذا الحد، بل سيتم استدعاء كل أعضاء النقابات الفنية، لأن هذا الأمر سوف يطول الجميع.
وأضاف: الدراما التركية موجودة في مصر منذ عدة سنوات على القنوات الخاصة، ولكن أن يدخل تليفزيون الدولة المضمار ويضع استراتيجية لترويج الأعمال التركية على حسابنا، فهذا أمر مرفوض تمامًا، فكنا نتمنى أن يعلن شكري عن بروتوكول تعاون في إنتاج دراما مشتركة بيننا وبينهم أو تصوير أعمال هنا وهناك أو أي محاولة توضح اهتمامه بهذه الصناعة، التي توقفت في القطاعات التابعة له واسأله كم مسلسلا جديدًا تم تنفيذه هذا العام، سواء في قطاع الإنتاج أو صوت القاهرة؟ الإجابة لا شيء فقطاع الإنتاج توقف وصوت القاهرة جمدت النشاط، لحين تسويق الأعمال ومدينة الإنتاج تعمل بنظام الإنتاج المشترك وها هو يفاجئنا ببروتوكول محبط للغاية، إلى جانب أنه وفقًا لمعلوماتي فالدراما التركية إنتاج خاص فالدولة لا تنتج، وهذا يؤكد أن تليفزيون دولة مصر يشجع الإنتاج الخاص التركي مقابل القضاء على صناعة بلده.
ومن جانبه، رفض عادل ثابت، رئيس قطاع الإنتاج التعليق، قائلا: "لا أعرف أي تفاصيل عن الموضوع، فالذي وقع البروتوكول هو شكري أبوعميرة، رئيس الاتحاد.
وبسؤاله عن حركة الإنتاج هذا العام، قال: لا يوجد أي أعمال جديدة فلقد انتهينا من تصوير كل الأعمال التي بدأنا فيها منذ العام الماضي، وهي "طيري يا طيارة"، بطولة بوسي، ومصطفى فهمي، و"أهل الهوى بطولة فاروق الفيشاوي، وإيمان البحر درويش، وأخيرًا "ونيس"، و"العباد"، و"أحوال البلاد"، بطولة الفنان محمد صبحي، وقمنا بتأجيل عرضه حتى شهر رمضان، لنستطيع المنافسة مع الأعمال الأخرى، خاصة أن الإنتاج الجديد متوقف هذا العام.