يدعم تقرير حكومي إسرائيلي يعترض على تحقيق تلفزيوني بثته قناة "فرانس 2"، عن مقتل الفتى الفلسطيني محمد الدرة عام 2000 ادعاءات المدافعين عن نظرية براءة الجيش الإسرائيلي من قتل الفتى، ولكن ذلك لن يغير من وجهات النظر لدى الجانبين. والتقرير الذي نشر الأحد، هو أول تقرير رسمي إسرائيلي يبرئ الجيش الإسرائيلي من قتل محمد الدرة في 30 سبتمبر عام 2000، ويأتي قبل أيام من صدور حكم قضائي في باريس في قضية تشهير رفعها معد التحقيق الصحافي شارل اندرلان على فيليب كارسانتي، الذي يدير وكالة لتصنيف وسائل الإعلام بعدما اتهمه بالتزوير.
وقالت صحيفة معاريف اليمينية، اليوم الاثنين، إنه "لا يوجد أي شيء جديد في التقرير بالنسبة لمن اطلع على القضية في السابق" مشيرة إلى أن "المعركة الأساسية لم تشن في إسرائيل، بل في فرنسا" مرحبة "بمثابرة" كارسانتي وغيره.
إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن "الكذبة فازت بالفعل"، موضحة "لن يقوم أي تقرير، وبالتأكيد ليس التقرير الذي أجرته الحكومة الإسرائيلية بإصلاح الأضرار، الحقيقة ظهرت ولكنها متأخرة ثلاثة عشر عاما".
ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بما توصل إليه التقرير الذي يقع في أربعين صفحة، وأمر بإجرائه في سبتمبر، واعتبر أن "الرواية التي روج لها التقرير شكلت تبريرا للإرهاب ولمعاداة السامية ولتشوية سمعة إسرائيل".
ولكن عددا من المعلقين رأوا أن نشر إسرائيل للتقرير غير مفيد، بل حتى قد يكون ضارا بالنسبة إليها.
وتساءل إسرائيل حسون، وهو عضو في الكنيست عن حزب كاديما (يمين وسط) والذي شغل في السابق منصب نائب مدير وكالة الأمن الداخلي (الشين بيت)، في حديث للإذاعة العامة "كيف يمكن تحديد سبب قتل شخص إن لم يكن لديك الجثة لفحصها ومعرفة ما الذي أصابها؟".
وأكد جمال الدرة والد الفتى، اليوم الاثنين، من غزة أنه "جاهز للجنة تحقيق دولي تضم عربا لفتح القبر وفحص الجثة والرصاص الذي اخترق جسم محمد".
وقتل الفتى الفلسطيني البالغ من العمر 12 عاما بينما كان والده جمال الدرة يحاول حمايته خلال تبادل لإطلاق النار بين الجيش الاسرائيلي وناشطين فلسطينيين في بداية الانتفاضة الثانية.
ونفى التقرير الإسرائيلي وجود "دليل على أن جمال أو الفتى أصيبا في الشكل الذي أظهره التحقيق المصور، على العكس، ثمة مؤشرات عدة إلى أن أيا منهما لم يصب".
وتابع التقرير الإسرائيلي، أن التحليل الباليستي لآثار الرصاصات التي وجدت قرب الأب وابنه "يظهر وجود شكوك قوية جدا في أن تكون الرصاصات أطلقت من الموقع الإسرائيلي كما يزعم تحقيق فرانس 2".
وندد المراسل الدبلوماسي لصحيفة هآرتس اليسارية باراك رافيد من جهته "بإحدى الوثائق الأقل صلابة التي كتبتها الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة".
وأضاف: "يبدو أن التقرير كتب لاستخدامه في إسرائيل فقط. الأدلة والحجج المقدمة قد تقنع من هو مقتنع بالفعل وليس أكثر من ذلك" مشيرا إلى أن التقرير ليس إلا جزءا من "حملة انتقام شنتها دولة إسرائيل ضد صحفي فرنسي واحد هو شارل اندرلان".
وبحسب رافيد "فإن الأضرار التي يسببها التقرير قد تكون أكبر من أي فائدة مشكوك في تحصيلها" موضحا أنه "في حال قامت الصحافة العالمية بنشر التقرير فإن الأمر قد يؤدي إلى إعادة فتح النقاش حول الأطفال الفلسطينيين الذين أصيبوا خلال عمليات للجيش الإسرائيلي".
وستصدر محكمة الاستئناف في باريس حكمها في 22 مايو في شكوى اندرلان على كارسانتي بعدما اتهمه الأخير بفبركة التحقيق المصور عن الدرة.
ووفقا لأرقام صادرة عن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فإن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا بسبب وجود جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الانتفاضة الثانية ما بين عامي 2000 و2005 هو 728 طفلا.