ليس من المنطقى أن نجبر الإخوان على الترحيب بحملة «تمرد» التى تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة تسقط الرئيس محمد مرسى. لكن من حقنا إقناع الإخوان وأنصارهم بأن من حق المعارضة مجتمعة أو أى فصيل فيها أن يدعو لما يشاء من حملات سياسية طالما كانت سلمية.
حتى هذه اللحظة عصر الجمعة الماضية فإن المنظمين لحركة «تمرد» يعملون بصورة سلمية بل وحضارية.
كثير من الأصوات الإخوانية بدأت تضج من هذه الحملة وتحاول شيطنتها وهو أمر مفهوم سلفا والبعض يقول إن الرئيس مرسى منتخب بالصندوق وبالتالى لا يمكن إخراجه إلا عبر الصندوق، وهو قول حق يراد به باطل، لأن كل الديمقراطيات العريقة تعرف ظاهرة الانتخابات المبكرة.
مفهوم طبعا أن هذه المجتمعات تعيش حالة توافق سياسى وهناك قواعد لإدارة الخلافات، بل إن الذى يدعو إلى الانتخابات الرئاسية غالبا هى الحكومات الموجودة فى السلطة بحثا عن تجديد الثقة فيها أو حسما لخلاف بشأن قضية كبرى.
لنفترض جدلا أن الإخوان لا يوافقون على الانتخابات المبكرة، لكن ليس من حقهم الاعتراض على طريقة عمل المعارضة، تلك هى أبسط قواعد الديمقراطية والحق فى التعبير.
وفى هذا الصدد ينبغى على الإخوان أن يتعودوا على وجود معارضة، وظيفتها الرئيسية هى البحث والتنقيب فى أخطاء الحكومة كى تقنع الناس بأنها الأحق بالحكم.
قد تتلاشى حركة تمرد بعد فترة، لكننا سنشهد حركات كثيرة مشابهة لها فى المستقبل، طالما أن شرايين العملية السياسية مصابة بالتصلب والانسداد.
«تمرد» أو «تجرد» ليست هى لب المشكلة، هى أعراض لمشكلة أعمق اسمها فشل النخبة السياسية فى التوافق على آلية لإدارة الخلاف السياسى، والأهم أن الإخوان المسلمين لم يتعودوا على قبول الرأى الآخر حتى لو كان على صواب، وبالتالى يسهل علينا فهم موجة التخوين وأحيانا التكفير التى يشنها أنصار التيار الإسلامى على بعض معارضيهم، بصورة لم تكن موجودة حتى عند نظام الرئيس السابق حسنى مبارك الذى نكل بالمعارضين وقمعهم، لكن لم يكفرهم.
إذا كان الإخوان لجأوا إلى كل الأساليب فى معارضة الحكومات المتعاقبة بدءا من المظاهرات ونهاية بعمليات الاغتيال فى الأربعينيات فهل يستكثرون على المعارضة بعد أن وصلوا إلى الحكم أن تقوم بعمليات جمع توقيعات لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى؟!.
لو كنت مكان الإخوان لتركت المعارضة تجمع ما تشاء من توقيعات طالما أن الأمر يتم من دون عنف وفى نفس الوقت تفرغت لتحقيق إنجازات على الأرض.
الذى يقنع الناس بالإخوان والرئيس مرسى ليس عمل حملة مضادة ل«تمرد»، بل تحقيق أهداف الثورة على الأرض بما يؤدى إلى تحسين حياة الناس.
توافر رغيف الخبر وتحسن جودته، وتوافر الوقود بأسعاره الرسمية، وتوفير فرص عمل للعاطلين، وإعادة الأمن والاستقرار إلى الشارع المنفلت، وإشعار القوى الساسية الرئيسية بأنها جزء أصيل من عملية إعادة بناء مصر، هو الذى سيفشل حملة «تمرد» وهو الذى سيجعل الناس تتمسك بمحمد مرسى وجماعته، أما غير ذلك فسوف نظل ندور فى نفس الدوامة.