سعر الدولار اليوم الخميس 27 يونيو في البنوك المصرية    الجيش البولندي يعتمد قرارا يمهد "للحرب مع روسيا"    "فنزويلا في الصدارة".. ترتيب المجموعة الثانية ببطولة كوبا أمريكا    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 27 يونيو 2024    إبراهيم عيسى: إزاحة تنظيم جماعة الإخوان أمنيًا واجب وطني    اعتقال قائد الجيش البوليفي بعد محاولة انقلاب    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية    بحار أسطوري ونجم "قراصنة الكاريبي"، سمكة قرش تقتل راكب أمواج محترفا في هوليوود (صور)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟ أمين الفتوى يجيب    حبس عامل قتل آخر في مصنع بالقطامية    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    والدة لاعب حرس الحدود تتصدر التريند.. ماذا فعلت في أرض الملعب؟    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    إعلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المقبل.. الامتحانات تنتهي 28 يونيو    مسرحية «ملك والشاطر» تتصدر تريند موقع «إكس»    هانئ مباشر يكتب: تصحيح المسار    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    7 معلومات عن أولى صفقات الأهلي الجديدة.. من هو يوسف أيمن؟    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    كندا تحارب السيارات الصينية    فولكس ڤاجن تطلق Golf GTI المحدثة    فى واقعة أغرب من الخيال .. حلم الابنة قاد رجال المباحث إلى جثة الأب المقتول    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    سموحة يهنئ حرس الحدود بالصعود للدوري الممتاز    حقوقيون: حملة «حياة كريمة» لترشيد استهلاك الكهرباء تتكامل مع خطط الحكومة    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تكشف حكايات المجاهدين بتنظيم سرايا القدس.. «مناضلون في سبيل الأرض»
65عاما على النكبة (5)«الشروق» تكشف حكايات عن المقاومة وحياة المجاهدين فى تنظيم «سرايا القدس»
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 05 - 2013

المقاوم «أ»: التحقت فى صفوف المقاومة وأنا فى المرحلة الإعدادية، وأمى خشت من استشهادى قائلة: «لو مت سنشرب حسرة الحياة»
المقاوم «ب»: لم يكن عندى أى نوع من الالتزام الدينى فلم أكن منتظما فى الصلاة لكنى قابلت إنسانًا بدأت على يده أول الطريق
أنتمى لعائلة ليس علاقة لها بالتنظيمات لكنى لم أبذل جهدا لأقنعهم لأن حجم الإصرار الذى وجدوه جعلهم لا يعارضوننى
لا إنسان مخلّد فى هذه الحياة وأفضّل أن أموت شهيداً لأنى قد أعيش 20 أو 30 سنة ثم أموت فى النهاية
أغلب الرباط يكون فى المناطق التى يوجد فيها أشجار والمناطق المتخفية حتى نستطيع أن نختفى عن الطيران الإسرائيلى
قبل أن يخوض الأخ مهمات جهادية عليه أن يبدأ بالرباط وهناك رباط نهارى وآخر ليلى وقد تعود أو لا تعود
المقاوم «أ»، والمقاوم «ب» فلسطينيان من غزة.. فى حياة كل منهما قصة نسجا خيوطها منذ الصغر، فضّل كل منهما الانضمام لصفوف المقاومة ضمن حركة الجهاد الإسلامى التى أسسها الشهيد الدكتور فتحى الشقاقى فى السبعينيات، وتتبنى فكرة الجهاد المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلى بعيدا عن المشاركة فى الحياة السياسية.. كبر كل منهما داخل الحركة وتطورا معها إلى أن صارا مجندين فى «سرايا القدس» الجناح العسكرى للحركة.

هكذا صرت مقاومًا
«أنا أنتمى لأسرة ملتزمة تسكن فى إحدى المناطق الحدودية بقطاع غزة».. يعرّف المقاوم «أ» نفسه، ويقول: «أنا أكبر إخوتى، والتحقت فى صفوف حركة الجهاد الإسلامى منذ المرحلة الإعدادية».. «أ» واجه صعوبات كثيرة فى بداية التحاقه بالحركة، خاصة أنه انضم لصفوف المقاومة فى تنظيم إسلامى.. يتابع: «الأهل كانوا يخافون ويقلقون، ولكن كان يجب أن أخبر والدى ووالدتى لأنه لابد من رضاهما فى هذا الأمر».

وفى أول انضمامه للجناح العسكرى للحركة كانت بداية المقاومة ب«الرباط على الثغور» وهو المكوث فى مناطق متقدمة قريبة من الحدود المحتلة.. يقول «أ»: «قبل أن يخوض الأخ مهمات جهادية خاصة، عليه أن يبدأ بالرباط، وهناك رباط نهارى وآخر ليلى، واختيارى كان للرباط الليلى».

يتذكر «أ» أول مرة خرج فيها للرباط ويقول: «كان عمرى 19 عاماً، كنت أواجه صعوبات من أمى، كانت تريد أن تلهينى عن هذا الطريق، كانت دائما ما تقول لى: «إنت الكبير، كيف نخسرك هيك؟ وتستشهد، فراقك هيكون صعب وسنشرب حسرة الحياة»، لكنه كان يقول لها: «الأعمار بيد الله ومفيش حدا بيعرف عمره لكن طريق الجهاد فيه خيارين يا نصر يا شهادة».

يتابع: «ممكن تخرج للرباط ويصير استهداف من العدو ممكن ترجع وممكن لا، لكن هذا طريق معروف منتهاه، ولا إنسان مخلّد فى هذه الحياة، الواحد بيفضّل إنه يموت شهيد فى سبيل الله، موتة مشرّفة لأنه قد ما تعيش سنة 20، 30، 100 فى الآخر هنموت» هذه قناعته.

كان «أ» ينهى الرباط مع ساعات الفجر الأولى: «يدوب أروّح أنام ساعتين وأخرج بعدها للمدرسة»، كانت حياته بين الجهاد والتعليم، يقول: «كنت أحس بإرهاق وتعب خلال المدرسة، لكن للجهاد فى سبيل الله حلاوة لا يشعر بها إلا الإنسان الذى يعرف معنى هذا الطريق».

يفسّر أكثر معنى الرباط مضيفاً: «هناك مجموعات متقدّمة، ومجموعات فى الخط الأول، والخط الثانى والخط الثالث، كل مجموعة لها مهامها الخاصة، أغلب الرباط يكون فى المناطق التى يوجد فيها أشجار والمناطق المتخفية حتى نستطيع أن تختفى عن الطيران الإسرائيلي».

يتابع: «هناك مسئول عن إحدى المجموعات يكون مهمته الرصد ومراقبة الحدود ويكون معه أجهزة خاصة لذلك، وهناك آخر يكون معه سلاح آخر، وأخ مثلا مهامه إعداد العبّوات وتجهيزها، وثان يحمل قذائف (آر بى جي) وصواريخ موجّهة، وآخر يكون معه رشّاش وقذائف الهاون، ونكون موزعين وفقا لخطة معيّنة من قبل القيادة».

يستطرد «أ»: «هذه المهام كلما تطوّر عمرك فى صفوف المقاومة تأخذ أبعادا معيّنة»، على سبيل المثال إذا كان أحد المقاومين ضمن خلايا الرباط، من الممكن أن ينتقل ويخضع بعد فترة معينة لدورات أكاديمية ودورات عملية لسلاح القنص أو الصاروخية أو سلاح الدروع، ويتخصص ضمن هذه التخصصات، بعدها بإمكانه أن يرابط ولكن تكون مهمته الأولى التخصص الذى انتمى إليه.

يستعيد ذكريات الأيام الأولى له فى المقاومة قائلاً: «فى المرحلة التوجيهية الأهل كانوا يقولون لى هذه أهم مرحلة لأنها أساسية فى حياة الإنسان حتى ينتقل للمرحلة الجامعية، وكان نفسهم يفرحوا بشهادتى.. صراحة أنا كنت منتمى للجهاد والمقاومة أكثر من الدراسة فى بداية السنة، لكن فى النصف الثانى من المرحلة الدراسية كنت أحاول الموازنة بين المقاومة والدراسة، خاصة آخر 3 شهور من اقتراب الامتحانات النهائية، وكنت ألتزم البيت وطلبت من الإخوة فى القيادة الحصول على إجازة لاجتياز تلك المرحلة».

وفى أحد الامتحانات النهائية حدث ما لم يخطر ببال «أ» يقول: «وقع اجتياح لمنطقة حدودية وكنا نؤدى الامتحانات وإحنا سامعين صوت الطخّ والقصف من قبل الدبابات الإسرائيلية، فطلبت من أخ بالقيادة أن أنهى الامتحان للجهاد مع الإخوة، فقال لى أن تنجح فى الامتحان وتحصل على شهادة الآن أهم، لأن الجهاد فى سبيل الله مستمر إلى يوم الدين لا يتوقّف».

استجاب «أ» لرغبة القيادة إلا أن ما فى داخله كان مختلفا، يقول: «عندما نشاهد أطفالا ونساء يستشهدون وبيوت تهدّم على أهلها يكون لدينا دافع وحرقة داخلية على ما يحدث، ونشعر أننا كمقاومين يجب أن نكون فى الصف الأول والأخير للدفاع عن هذا الوطن».

بعد انتهاء الامتحانات وفى يوم ظهور النتيجة كان هناك اجتياح برى لبلدة «أ»، يضيف: «فى نفس اليوم قصف اليهود دار سيدى وهى قدّام بيتنا.. الجرافات جرفت الأرض، كنت طالع مع الإخوة وكنت أحدث نفسى بأنى أنهيت مرحلة صعبة والواحد يوم النتيجة بيكون مرتبك، وحابب إنه يكون حوله أهله وأصحابه وأن يشاركوه الفرحة، وأن أرفّه عن نفسى بعيدا عن جانب المقاومة شوية»، لكن وللحظ شهد ذلك اليوم اجتياحا برياّ كذلك.

بعدها التحق «أ» بكلية تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية بغزة ودرس لمدة عامين ونصف لينتقل بعدها لكلية التربية قسم التعليم الأساسى، يقول: «صراحة كان سبب تحويلى الجهاد.. فالكلية الأولى كانت محاضراتها تمتد ل18 ساعة، ولم يكن لديّ وقت للتفرغ لأى عمل يأتى على حساب عملى بالمقاومة».

حاليا «أ» حاصل على شهادة جامعية ويعمل فى صفوف المقاومة، ولكنه قريبا سيمارس حياته المدنية العادية، يقول: «ربما أتقدم للحصول على مهنة فى الوكالة وكالة الأنروا، وممكن أقدم للعمل فى الحكومة، وإن كان لى نصيب فالحمد لله وإن لم يكن سأكمل طريقى كما أنا».

لا يعلمون أنى مقاوم
«مش الكل يعرف إنى مقاوم»، يقول «أ» ويفسر ذلك: «إحنا فى واقع ومكان محصور جدا فى غزة، ولما كنت أخرج للرباط كنت أخرج متخفى، بعض الأحيان قد تأتى مهمة تجعلنى أخرج مبكرا، فكنت أحتار من أين أخرج، خاصة لو كان بعض الأهل على الباب».

أحيانا كان يلجأ للقفز من شرفة منزله، وأحينا أخرى كان يتخفّى بين الأزقة والبيوت: «على أساس أن أحتفظ بالسريّة بعيدا عن أعين العملاء»، يقول: «أحافظ على نفسى من منطلق أن أستمر فى هذا الطريق وحتى لا يستهدفنى العدو فى وقت لم أنجز فيه شيئا بعد على المستوى الشخصى والجهادى».

«أنا داخل هذا الطريق وعارف إنى هاستشهد فى أى وقت ومستعد لذلك»، لكن ما يؤرقّه هو أن يقدم العدو على هدم بيته، يقول: «صحيح إن الإخوة فى التنظيم سيوفّرون مكانا آخر للأهل ولكن تظل غصّة فى القلب أن يهدم البيت بسببى».

والدا «أ» وإخوته والمحيط المصغّر فى عائلته فقط من يعلم أنه مقاوم، ولكنه يعتزم أن يصارح أهل من سيتزوجها أيضا بحقيقته، يستطرد: «لن أفاجئهم، لازم الواحد يكون واضح وصريح منذ البداية.. وفى أهل بيسألوا وإن عرفوا إنك مقاوم يخاوفوا يزوجوك بنتهم ويرفضوا، وعلى العكس فى أهل بيتشرّفوا».

بعض المهمات قد تتطلب التغيّب عن المنزل لمدة 10 أيام يتذكر «أ»: «حرب 2008 2009 غبنا 22 يوما عن المنزل ولم يكن هناك أى تواصل بينى وبين أهلى، وفى الحرب الأخيرة غبت 8 أيام عن البيت، وكان فى تواصل مع الأهل بطريقة معينة لطمأنتهم».

لماذا الجهاد الإسلامى؟
«الجهاد الإسلامي» بالنسبة ل«أ» له بصمة معيّنة فى طريق المقاومة، يقول: «انتماؤها لمجال المقاومة أكثر من انتمائها للمجال الحياتى والسياسى وكانت تختلف عن باقى التنظيمات فى الساحة الفلسطينية، اقتنعت بكثير من أفكارهم».

أكثر ما جذبه فى الحركة أنها مزجت بين ثلاثة: الإسلام كمنطلق، الجهاد كوسيلة، فلسطين كهدف للتحرير، وهى أول من رفعت هذا الشعار فى فلسطين، فكانت المقاومة ممزوجة بالإطار الإسلامى، يقول: «لو لم أكن اخترت الجهاد الإسلامى كانت حماس ستكون هى خيارى الثانى، لأنها كذلك تعمل فى إطار إسلامى جهادى».

الفرق بين المرابطين فى كل تنظيم من وجهة نظر «أ» هو أن «كل تنظيم له آلية عمل معينة فى المقاومة وفى الرباط»، يقول «نحن وحماس تجمعنا فكرة ونهج معين، لكن طريقة ووسيلة التطبيق تختلف».

«حركة الجهاد الإسلامى هى الوحيدة التى لم يختلط سلاحها بالدم الفلسطينى» يقول «أ»، ويتابع: «أنا شخصيا لى علاقات مع إخوة فى حماس فى كتائب القسام، وعندما نخرج للرباط يكون هناك تنسيق ميدانى متواصل بيننا على أعلى المستويات، يكون هناك بيننا عمل مشترك، وهناك عدة اجتياحات خضناها سويا، ولا يوجد اختلافات فالانتماء للفكرة فقط، لكن فى الميدان والمقاومة هناك توحيد».

تأثرت برفاقى الذين استشهدوا.. وهذه تجربة لا أحب أن أتحدث عنها كثيرا.. فى رمضان الماضى وقبل موعد الإفطار بثلث ساعة كنا فى إحدى المهمات الجهادية الموكل علينا تنفيذها قبل الأذان.. كان معى 2 من الإخوة نزلنا وجهزنا العمل وخرجنا لم نكن ثلاثتنا مع بعض خرج كل واحد منا من طريق تحسبا لحدوث أى استهداف لأن الطائرات الإسرائيلية كانت فى الجو، فلا نستهدف إحنا الثلاثة بل نخرج بأقل خسائر.. كانت مهمة أنهينا ونجحت.. الحمدلله، لكن ثالث آخر أخ لم يتمكن من الخروج من موقع العمل واستهدفته طائرات الاستطلاع واستشهد والثانى أصيب.

المقاوم «ب»
فى بداية 2001 كان «ب» فى المرحلة التوجيهية ومنها كانت البداية يقول «لم يكن عندى أى نوع من الالتزام الدينى، لم أكن منتظما فى الصلاة، لكنى قابلت إنسانا كان على يده أول الطريق».

يتذكر «ب» ذلك الرجل: «أول مرة قابلته قال لى إنت إنسان محترم ومؤدب يجب أن تكون أفضل من ذلك، والكل يحبك ويحترمك، ليش ما تصير تصلى فى المسجد؟ قلت والله يا شيخ مش مقتنع كتير بالمسألة».

بعد أسبوعين قابله ذلك الرجل مرة أخرى، وقال له: «اسمع سأتحداك فى مسألة»، فرد: «ما هو ذلك التحدى؟»، قال: «سأتحداك فى مسألة صلاة الفجر لمدة أسبوع فى المسجد، إذا غلبتنى سيكون لك عندى جائزة كبيرة»، قلت: «ماشى».

يقول: «من الطريف أن الفجر حينها كان يؤذّن فى تمام الرابعة والنصف، أنا من أجل التحدى ذهبت للمسجد الساعة الواحدة والنصف منتصف الليل وهو مغلق، أنتظر وأنتظر، إلى أن فتح الإمام المسجد الساعة الثالثة والنصف فسألنى «إيش جاى تسويّ؟ فأجبت «جاى أصلى، فقال يا عمى لسه ما أذنش الأذان، قلت: مش مشكلة».

بعد فترة بدأ يشعر «ب» بشيء مختلف: «بدأت أحس إن المسجد مش الشغلة الصعبة اللى فى راسى والأمر معقّد وإنى سأقعد مع الناس اللى بلحى، لقيت الأمر يسير، وبدأت أرتبط بالمسجد».

وقتها سمع «ب» عن تنظيم الجهاد الإسلامى، وعن عملياتها فى تل أبيب، يقول «أنا أحببت هذا الطريق، وجدت ضالتى فيه.. كنت فارغا فى البداية.. أنهيت بعدها المرحلة الثانوية وحصلت على معدل 78%، ودخلت الجامعة».

اخترت الجهاد الإسلامى
أكثر ما جذبه فى الحركة هو «الشعارات التى كان يرفعها فتحى الشقاقى، والذى كان يقول إن المثقف هو أول من يقاوم وآخر من ينكسر.. هذا شىء زاد من انتمائى، فأنا كطالب جامعى مش غلط أنى أكون مجاهدا، المثقف هو اللى لازم يخوض المقاومة».

فى البداية كان هناك مواجهة شديدة من أهل «ب» لمنعه من الانضمام للحركة، يقول «أنا من عائلة لا علاقة لها بالتنظيمات، كانت تعيش فى الغربة وجاءت لتستقر هنا وليس لها علاقة بأى تنظيم، ولكنى لم أبذل جهدا لأقنعهم هم اقتنعوا بمفردهم، لأن حجم الإصرار الذى وجدوه وقضية أن أكون أو لا أكون، جعلتهم لا يعارضوننى».

«حاليا أسرتى كلها جهاد إسلامى لأنهم لم يجدوا أصوب من هذا الطريق» يقول «ب» بسعادة غامرة ويتابع: «درست الجامعة وأنهيتها وتزوجت ولديّ أطفال وما زلت فى المقاومة ووجدت أن حجم رفض المجتمع للإنسان المقاوم تكون من شرائح بسيطة فى المجتمع، وزوجتى مدرسة ونفسها معايا».

ويقول «أنا كمقاوم كنت قادر أعيش حياة رغدة بحكم إن أهلى موجودين فى دولة أوروبية لأن تشكلت قناعة عندى «إنه مفيش حياة إلا حياة الآخرة.. نحن هنا ندافع عن أرض.. عن شعب».

«أكبر تأثير على الإنسان إنه يشوف الظلم بعينه وميكونش إله دور فى المقاومة» قالها وهو يفسر اختياره للمقاومة عن طريق هذه الحركة «حماس لها أجندة، والجهاد الإسلامى لها أجندة أخرى، فالجهاد طوال عمرها كانت صاحبة الرد على اغتيال أى شخصية من أى تنظيم، لكن من الممكن تنظيم آخر مثل حماس يتم اغتيال شخصية من سرايا القدس، فلا يكون له أى رد، كذلك فتح، أقصد أن أقول إن الجهاد تتعامل بوحدوية أى دم فلسطينى يسقط تكون هى المسئولة عن الرد».

يقول «ب»: «الشقاقى فكّر أن يشقّ طريقه بطريقة جديدة غير التى اختارها الإخوان المسلمون، فهم يعتمدون على التربية ويرفعون شعار «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ»، ولكن المسألة اختلفت عند الشقاقى، ففلسطين ليست كالشيشان أو كشمير أو أفغانستان، فلسطين قضية مركزية، لا قضية شئون اجتماعية، هذه مسألة وجود، وأرض مقدّسة.. ولكن بعض الفصائل الأخرى قدّمت التربية على الجهاد».

«الشقاقى رفع شعارا آخر وهو كذلك آية من القرآن «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ» وهو شعار مرفوع على كل يافطة أو صورة شهيد، هذه الآية حاليا بعض الفصائل تتغنّى فيها» على حد تعبيره.

«صراع فتح وحماس كنا حزينين جدا عليه»، يقول «ب»، معتبرا أن «أى قطرة دم لإنسان فلسطينى هى خط أحمر»، يتابع: «الجهاد الإسلامى سعت بكل ما تمتلك أن تحقن هذا الدم، لكن لم تستطع، وعلى الرغم من محاولات الزج بنا فى هذا الصراع إلا أن الحركة ترفّعت، فسلاحنا وُجد فقط للاحتلال وبوصلتنا إسرائيل».

على الرغم من ذلك هو يرى أن «المقاومة دائما توحّد الشعب الفلسطينى والمآسى توحدّنا وهى محطة الاجتماع بين كل الفلسطينيين»، يتذكر «ب» المقاومة فى 2012 ويقول: «كانت عنصرا مهما جدا لوحدة الشعب الفلسطينى، ولأول مرة يكون أداؤها كبيرا ومميزا، فلأول مرة منذ الانقسام، كل الفصائل تتحد بهدف أول وأخير وهو «إننا نوجع إسرائيل قدر الإمكان».

«تواجد فتح وحماس والجهاد وباقى الجبهات فى الميدان خلّى كل الشعب الفلسطينى خاصة قطاع غزة تدعو فى لحظة واحدة «ربنا يثبّت المجاهدين» وهذا كان نصرا كبيرا للمقاومة الفلسطينية» هذا ما شعر به «ب» يومها.

تحديات أمام التنظيم
«الإخوان كان أهم شيء عندهم التربية وبعدها لم نكن حالنا نجاهد»، هذا ما يراه «ب»، فهو مقتنع بأن «فلسطين محتاجة اللى يحررّها.. والدول العربية نائمة وماحدا بيتطلّع على فلسطين»، ولذلك يؤمن ب«مش مستعدين نستنى واحد يفرج عنا، إحنا أولى إننا نرجع أرضنا».

وحول وجود مقاومين من دول عربية فى الحركة يقول «ب»: «هناك قرار عند الحركة بألا يكون لنا عمل خارج حدود الفلسطينيين، ولكن هناك بعض الاستشهاديين من مصر واليمن يأتون لأرض فلسطين، وأى واحد ييجى يجاهد، بنرحب فيه، وفى مصريين ويمنيين وبعض المتطوعين فى القوافل يأتوا هنا ليستقروا فى غزة، ولكن الآن لم يعد مسموحا بهذا الأمر».

يقول «ب»: «كل المجتمع الفلسطينى مجتمع مدنى وأعزل والذى أجبرنا على اختيار هذا الطريق أننا نتعرض لاضطهاد وقتل وتشريد وحصار لم يتعرض له أى أحد.. لو لقينا من بكرة جيش عربى جاى يحرر فلسطين فهذه أمنية لنا، فنحن نقاتل إسرائيل، انظروا لإمكانياتهم وقارنوها بامكانياتنا.. هذه أرضنا وهم احتلوها والحق الذى أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».

سلطة حماس برأيه «أفضل سلطة مرّت»، يقول: «فى ناس فى الحكومة بتقول نحن مع المقاومة، لكن فى الضفة الوضع مختلف، السلطة فى الضفة بتعتقل مقاومين بتهمة الانتماء لمنظمة خارجة عن القانون».

«تقريبا لنا 15 فى سجون سلطة أبومازن»، يقول بحرقة: «هم يحاربون المقاومة، السلطة تحارب كل شيء اسمه مقاومة حتى أولاد فتح نفسهم تحاربهم، هذه حقيقة وأعضاء كتائب شهداء الأقصى الذى تمردوا على قرار فتح تم اعتقالهم وهم فى السجن حتى الآن».

أما مصر فكل ما يتنظره «ب» «نتمنى من السلطات المصرية الخير لفلسطين»، يقول وهو يسترجع ذكريات الأسى فى ظل النظام السابق: «نحن عانينا من ظلم واضطهاد النظام السابق، والجهاد الإسلامى بعض عناصرها تعرضت لاعتقال لمدة 6 شهور عام 2010 وتلقوا أبشع أنواع التعذيب، كانوا 16 تقريبا فى منهم تم اغتيالهم».

«ب» حتى الآن يرى أن سياسة الرئيس مرسى «مش ظاهرة كثير، لكن نتمنى الخير، وأن تكون الأمور أفضل»، وعلى مستوى الإعلام ولكونه مهنته الأصلية «صحفي»، تساءل مستنكرا: «ما علاقة المقاومة بقتل مصريين؟».

«أنا بعشق عشق الجيش المصرى.. مش من مصلحتنا قتل جنود مصريين، وإيش العداوة اللى بيننا وبينهم؟ فى عهد مبارك اللى كان كله ظلم واضطهاد محدش جرح جندى مصرى، بعد الثورة هنروح نقتل جنود؟!»، معتبرا أن كل تلك الأخبار ليست إلا مجرد «ادعاءات وأخبار مفبركة وخرافات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.