صدر عن مركز المسبار للدراسات والأبحاث بدبي كتابه الجديد بعنوان "حركة الجهاد في فلسطين"، والتي تعتبر حركة سياسية نافذة في الحياة السياسية الفلسطينية، على الأقل في شقها الإسلامي، ولاسيما أنها كانت سباقة في العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، وما شكلته من بارقة أمل لدى العديد من الشباب الفلسطيني. ووفقا لصحيفة "المستقبل" اللبنانية يتناول الباحث عدنان أبو عامر البدايات التاريخية لانطلاق الحركة، وما رافق ذلك من معطيات تاريخية وسياقات سياسية، مركزا على الميراث التاريخي الذي اعتمدت عليه في إقامة بنيتها الفكرية والجماهيرية، ومستفيدة في ذلك من القواعد التي بنتها جماعة الإخوان المسلمين خلال عقود النصف الثاني من القرن العشرين. ثم ينتقل الكاتب عامر خليل إلى استعراض البناء التنظيمي لحركة الجهاد الإسلامي، وهي مسألة معقدة نظراً لطبيعة التكتم والسرية التي تحيط بعمل أجهزتها المختلفة، والدوائر الضيقة لبنائها التنظيمي، الذي يتميز بتركيزه على العمل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي. وينتقل د. زكريا السنوار بالحديث إلى العمل العسكري عند الجهاد الإسلامي، وما رافقه من طرح تساؤلات تتعلق بمن بدأ العمل المسلح فعلا؟ وأبرز السمات الميدانية التي ميزت عملها الفدائي؛ كما تتناول الدراسة أهداف العمل الفدائي عند الجهاد، وما بات يعرف في الساحة الفلسطينية ب"إشكالية التبني" للعمليات العسكرية. أما عن الموقف الإسرائيلي من الجهاد الإسلامي، فيتناوله د. إبراهيم أبو جابر من خلال القراءة الإسرائيلية لظاهرة الحركات الإسلامية الفلسطينية، عبر إيراده للعديد من التفسيرات والتحليلات الاستخبارية والبحثية في آن واحد معا. وتتناول دراسة أخرى موقف حركة الجهاد الإسلامي من نظيراتها من الحركات الإسلامية الأخرى، خصوصا جماعة الإخوان المسلمين، ووليدتها الشرعية حركة حماس، وطبيعة العلاقات التي ميزت الجانبين، تاريخيا وسياسيا وتنظيميا وميدانيا، من خلال التنقل بين المراحل التاريخية لهذه العلاقات بين عامي 1980 2008. وعن السيناريوات التي تراها الجهاد الإسلامي مناسبة لمعالجة المأزق الفلسطيني، خاصة على صعيد الانقسام الفلسطيني القائم حاليا، يخصص د. خالد شعبان دراسته، التي تتعرض أيضا لرؤية الجهاد لكيفية النهوض بالحالة الفلسطينية، دون الإخلال بمبدأ المقاومة التي تراه الحركة قاسما مشتركا لجميع القوى السياسية. وحول علاقة الجهاد الإسلامي بالسلطة الفلسطينية، يعرض د. خالد صافي قراءة تاريخية تفصيلية لهذه العلاقة، التي اتسمت خلال مرحلة الدراسة 1994 2008 بالتوتر وعدم الوفاق، باستثناء بعض السنوات التي اشتدت فيها الحملة الإسرائيلية على الجانبين أوائل انتفاضة الأقصى. واختار الباحث نهاد الشيخ خليل الحديث عن دور المؤسس فتحي الشقاقي الأمين العام الأول للجهاد الإسلامي في بناء ومسيرة الحركة، لاسيما في مراحلها التأسيسية الأولى، وأهم المبادئ الفكرية التي أسس لها، وحجم الفراغ الذي تركه الشقاقي بعد اغتياله. ويقدم الصحافي مأمون عامر قراءة فكرية في كتاب "رحلة الدم الذي هزم السيف"، وهو عبارة عن الأعمال الكاملة للشقاقي، والتي جمعها ووثقها د. رفعت سيد أحمد، مركزا الحديث على أبرز المحاور الفكرية تحديدا للجهاد الإسلامي، بما تشمله من النواحي الثقافية والعلمية. أما دراسة الكتاب المستقلة، فهي تأتي ضمن سلسلة "في العقل الأصولي"، حيث يتناول د. هيثم مناع إشكالية الإسلام وحقوق الإنسان، ويعرض لقراءات إسلامية للمفهوم، مؤكدا منذ البداية أن التطرق للإسلام وحقوق الإنسان في الضفتين العربية والأوروبية ليس بالمهمة السهلة، حيث تناولت الموضوع قلة قليلة في نهاية القرن التاسع عشر، أما الآن، فقد أصبحت مسألة حقوق الإنسان في الإسلام من الموضوعات التي تتناولها معظم التيارات الفكرية والسياسية الإسلامية، وهذا ما يتناوله د. المناع بالتفصيل في دراسته. وبعد، فهذا الكتاب، وهو الإصدار السابع والعشرون من كتاب المسبار الشهري، يضم مادة سياسية وفكرية وتاريخية ثرية، جديرة بالدراسة والتأمل، لاسيما من خلال إعطاء صورة قريبة عن التيار الإسلامي الفلسطيني الذي بات يشكل عنصرا هاما ومركزيا في مسيرة الشعب الفلسطيني، لاسيما على صعيد التطورات السياسية التي تشهدها في المرحلة الحالية، وما سيكون له من نتائج وآثار بعيدة المدى.