طاولة الطعام التى جلس عليها وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسى عصر يوم السبت الماضى فى دهشور كان يجلس بجانبه جندى مجند، إضافة إلى ضباط من رتب مختلفة وشخصين مدنيين. فى حفل الغداء هذا الذى أقامته الفرقة التاسعة مدرعة بمناسبة تنفيذها «تفتيش طابور الحرب»، كان ملفتا للنظر أن كل طاولة عليها أسماء ثمانية أشخاص، بمعدل شخصين من المدنيين وجندى وضابط صغير الرتبة والبقية من الرتب الكبيرة.
سألت أحد قادة الفرقة: هل هذا تقليد يتم العمل به فى كل المناسبات المماثلة بالقوات المسلحة وما معايير اختيار الرتب والدرجات الصغيرة؟
رد بقوله إنه تقليد جديد توسع فيه وزير الدفاع منذ توليه منصبه فى أغسطس الماضى، وأن هدفه بعث رسالة مفادها أن الطعام الذى يأكله القائد العام هو نفس طعام الجندى المجند وأن الجميع أسرة واحدة.
فى الطاولة التى كنت أجلس عليها كان معى الفنان أشرف عبدالباقى وقادة كبار بعضهم قادة أسلحة.
بعد قليل فوجئت بضابط كبير من طاولة أخرى جاء ليناقشنى فيما أكتب، متهما الإعلام بأنه يلعب دورا سلبيا للغاية، قلت له دعك من الإعلام فلن يرضى عنه لا الإسلاميون ولا الليبراليون ولا العسكريون بالطبع، ودعنى أسألك أنا عن حالكم.
كنت كلما قرأت عن جريمة حسنى مبارك الكبرى بتجريف وإفساد معظم مناحى الحياة، كنت أسأل نفسى: وهل الجيش أصابه نفس ما أصاب بقية القوم أم أنه استثناء من هذا المناخ.. أليس الجيش جزءا من المجتمع يتأثر بالفيروسات والميكروبات بل والأمراض الخطيرة التى تصيب بقية الأعضاء؟!
وجهت السؤال لهذا الضابط وثلاثة غيره يفترض أنهم يملكون الرؤية.. جميعهم يؤكدون أن أحد أكبر مزايا المشير المتقاعد حسين طنطاوى أنه أبعد الجيش عن منظومة فساد مبارك.
أحدهم استخدم تعبير أنه «قفل على الجيش» لكى لا يتأثر بفساد النظام.
ضابط آخر حكى عن أن الجيش هو أفضل من طبق مبدأ المواطنة، ففى أى فصيلة أو سرية أو كتيبة ستجد السيناوى والبدوى بجوار الصعيدى والبحراوى والنوبى بجانب القاهرى، والمسلم بجوار المسيحى، وأفاض هذا الضابط فى قصص الترابط بين المسلمين والمسيحيين بصورة تدعو للاطمئنان.
ضابط آخر قال إن تركيبة الجيش المصرى تجعله صعب الإفساد، وهناك أعراف وتقاليد قوية للغاية داخل الجيش، ما يجعل العلاقة غير قائمة فقط على الضبط والربط والأوامر، بل على التعاون والتكافل.
ولأننى شكاك بطبعى وأقرأ عن أشياء مخالفة، فقد رد لسان حالى على هؤلاء الضباط بعبارة «أفلح إن صدق»، قائلا إننى أتمنى أن يكون كل ما قلتوه صحيحا، حتى نطمئن أن هناك مؤسسة كبرى عصية على الإفساد، لأنها لو فسدت لا قدر الله فقل على الدنيا السلام.