غاب العدل وعم الفساد والاستبداد فى سوريا واختلفت الحكومة والمعارضة ثم تطور الأمر إلى حرب أهلية، فحدثت الثغرة التى نفذت منها إسرائيل، وشنت عدوانها على دمشق، وستكرره طالما ظلت المعادلة مختلة كما هى. السؤال: هل السيناريو السورى قابل للتكرار فى مصر، بمعنى هل يمكن لإسرائيل ان تهاجم مصر عسكريا مستغلة الاستقطاب الحاد فيها؟!.
الإجابة هى نعم، لكن العدوان قد لا يكون فجا كما حدث فى الحالة السورية.
فاستمرار الانقسام والتربص بين قوى المجتمع الرئيسية خصوصا التيارين الإسلامى والليبرالى وتخوين كل منهما للآخر، يعنى ان انطلاق المجتمع إلى الأمام مؤجل، ما يعنى بالضرورة مد أيدينا من أجل منحة هنا أو قرض هناك، وهو ما لا يمكننا من مواجهة إسرائيل وبلطجتها.
الانقسام فى الداخل يعطى إسرائيل امكانية التدخل فى شئوننا عبر أمريكا وأوروبا ومؤسسات التمويل الدولية، وسائل الإعلام الكبرى التى يمكنها ان تحولنا إلى ملائكة حينا وإلى شياطين أحيانا.
وعند درجة معينة يمكن للتدخل الإسرائيلى أن يصبح عسكريا.. ترك سيناء محتلة من قبل مسلحين لا نعرف هويتهم ومن يقف خلفهم، قد يوفر لإسرائيل فرصة ذهبية لشن هجمات ضد مواقع فى سيناء بحجة انها تدافع عن نفسها ضد مطلقى الصواريخ عليها رغم انها قد تكون الراعى الحقيقى لهذه الجماعات.
إسرائيل بدأت تعد عمليا لهذه العمليات ووسائل إعلامها تمتلئ بدعوات تطالب بشن هذه الهجمات.
أما أخطر الثغرات التى يمكن ان يتسلل منها العدو فهى محاولات إلهاء الجيش أو التربص به، وبغض النظر عن صعوبة التفريق بين الحقائق والإشاعات فى هذا الملف الملتبس فان محاولات توجيه السهام من هنا وهناك للجيش لا تصب إلا فى مصلحة إسرائيل.
نعلم جميعا ان الجيش العراقى انتهى للأسف لسنوات طويلة فى ظل الانقسام المذهبى الرهيب، والجيش السورى يهاجم شعبه بالصواريخ ولا يرد على العدوان الصهيونى، ولم يبق فى المنطقة بأكملها إلا الجيش المصرى تقريبا.
لو كنت مكان إسرائيل لوضعت السيناريوهات المختلفة لتفكيك هذا الجيش لانه الوحيد الذى يشكل خطرا عليها. لكن هل ننوب نحن المصريين عن العدو ونؤدى له هذه المهمة مجانا.
إشغال الجيش فى الشأن الداخلى وانقساماته، أو محاولة التدخل فى شئونه الآن، أو الحديث الذى صار متكررا عن الميليشيات الشعبية أو الحرس الثورى. كل ذلك لا يصب الآن إلا فى مصلحة إسرائيل بغض النظر عن النوايا الحسنة أحيانا لمطلقى هذه الدعوات المشبوهة.
إذا استمر الاستقطاب السياسى بين الحكومة والمعارضة، فقد لا يمر وقت طويل حتى نرى لا قدر الله المقاتلات الإسرائيلية تهاجم أهدافا مصرية، وقتها سوف تخترع مليون حجة، ستقول اننا كنا ننوى أن نهاجمها، أو أننا نملك أسلحة غير تقليدية أو انها تخشى ان تقع أسلحة الجيش فى أيدى الجماعات الإرهابية أو المتطرفة. وللأسف ستدعمها أمريكا وستصمت أوروبا جبنا أو نفاقا، وسيكتفى بقية العالم بالإدانة كما يحدث الآن فى الحالة السورية. يا أيها الفرقاء: أفيقوا قبل أن نستيقظ على كابوس اقتحام مقاتلات صهيونية سماوتنا وضرب هذا الهدف أو ذاك.